أن تصدر إساءات من جماعات متطرفة، أو شخصيات عنصرية بحق رسولنا الكريم صلوات الله عليه، فإن المسألة قد تكون مفهومة في إطار أولئك الذين يعيشون على الكراهية، وعلى استهداف الأديان، وعلى استهداف الآخرين ممن يختلفون معهم في المعتقد والدين، لكن أن تصدر من رئيس دولة يدعي أنه داعم للحرية والديمقراطية والثقافة، من رئيس يفترض أنه يحكم بلداً فيه الأعراق المتعددة، فإن هذه المسألة ليست سوى «وصمة عار» في جبينه، ودلالة على أن معاداة الإسلام متأصلة فيه.

ما صدر عن الرئيس الفرنسي ماكرون بحق المسلمين أجمعين عبر انتقاصه من قدر ومقام رسولنا الكريم أمر يستوجب إدانات كبيرة عريضة لا تنتهي، فهو خرج من إطار انتقاد فعل قام به شخص بحق مدرس، ليحول المسألة كلها إلى «معاداة صريحة» للإسلام، و«استفزاز مقصود» لكل المسلمين، فمنح عملية «الاستهزاء برسولنا» الشرعية من رئاسة أي دولة ليس سوى إعلان حرب على المسلمين.

ما فعله ماكرون تصرف لا يرتقي إلى مستوى رئيس دولة يفترض أن يراعي التنوع الديني في بلاده، بل هو يرتقي أكثر لشخص وكأنه يروج لـ«حرب صليبية» جديدة على الإسلام، هكذا نراها كشعوب مسلمة لا تقبل أن يستهان برسولها الأعظم، بالإنسان الذي يقول خالقنا عنه، بأنه هو وملائكته يصلون عليه.

لا تنتقد الإسلام والمسلمين على ردود فعلهم واستيائهم الكبير، وأنت تتعمد الإساءة لنبيهم، لا تحاول أن تلصق الإرهاب بهم، وأنت من تمارس الإرهاب الفكري والديني حينما «تشرعن» بل تدعو للاستهزاء برسولهم.

معيب ومخجل ما فعله الرئيس الفرنسي، وهي ليست المرة الأولى التي تتكشف فيها مكنونات بداخله ضد الإسلام والمسلمين، وهي ليست المرة الأولى التي تسقط «الصورة المزعومة» لفرنسا كحاضنة للثقافة في الحضيض، ففي حين ترى الدول الأوروبية الأخرى مثل بريطانيا وألمانيا ترفض الإساءة لكل الأديان، وترفض أي ممارسات تهين المسلمين ودينهم، نجد في فرنسا دائماً النقيض، نجد استهداف المسلمين و«شيطنتهم»، واليوم يخرج رئيسهم بصورة لم نجدها يوماً تتجسد حتى في هتلر ولا موسليني ولا غيرهما.

أهذه هي ثقافتكم؟! أهذه هي مبادئكم التي تدعي التعددية واحترام الآراء؟! تصرف شخصي مدان من إنسان استفزه استخدام مدرس لرمزه الديني الأول بطريقة بدت كأنها استهزاء وانتقاص من مقامه، يقوم على أثرها رئيس دولة باستفزاز جميع المسلمين وإهانتهم عبر تشريع الاستهزاء بالرسول ونشره هذه الرسومات «المنحطة» كأخلاق أصحابها على المباني؟! ألا تبا لكم.

محمد رسول الله، خاتم الأنبياء والمرسلين، هو الذي علم المسلمين كيف يحترمون البشر أياً كان دينهم وأياً كان لونهم وجنسهم، هو الذي حرم هدم الكنائس ودور العبادة، هو الذي حفظ دماء أهل الذمم، وهو الذي جعلت أخلاقه كثيراً من العلماء والدكاترة في العالم الغربي يعتنقون الإسلام، فقط بأخلاق محمد.

مهما حاول هذا الرئيس الذي يقدم للعالم يوماً إثر يوم دلائل على عنصريته الدينية، وكرهه للإسلام، مهما حاول أن ينتقص من قدر رسولنا الكريم، فإنه لن ينقص أفضل البشر قدره، بل على العكس، هو -ماكرون- من سجل اسمه بقوة في مزبلة التاريخ بالنسبة إلينا كمسلمين، يكفي أنه وحد جميع المسلمين ضده وضد انحطاط «ثقافته المزعومة.