تقترب الولايات المتحدة الأمريكية من ساعة الحسم وتحديد الرئيس القادم، في ظل منافسة شديدة بين مرشح الحزب الجمهوري الرئيس الحالي السيد دونالد ترامب ومنافسه مرشح الحزب الديمقراطي السيد جو بادين، في مشهد مختلف تماماً عما كانت عليه السباقات الانتخابية السابقة، من حيث إرهاصات المشهد السياسي، والظروف العالمية الصعبة.وللانتخابات في الولايات المتحدة خصوصية على مستوى العالم، إذ لا يمكن استثناء أمريكا من مشهد التأثير العالمي السياسي والاقتصادي والأمني وغيرها، فهي تتقاطع مع مصالح الكثير من دول العالم، كما تؤثر بشكل جذري في وضع السياسات العالمية، والنشاط الاقتصادي، والموقف من الكثير من القضايا الهامة. وفي الواقع، تزداد أهمية الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في هذا العام عن غيرها من الانتخابات السابقة، بالنظر إلى التحديات الكثيرة التي يخوضها العالم اليوم، من أبرزها تفشي جائحة كورونا (كوفيد 19) وما تركته من أثر واسع على المجالات الحيوية الاقتصادية والاجتماعية، وامتدت آثارها على الواقع السياسي العام، وهو كله يحتاج إلى موقف مشترك من المجتمع الدولي، والذي تشكل الولايات المتحدة جزءاً هاماً لا يمكن تجاوزه، بالنظر للواقع الماثل. والثابت أن الأكثر حساسية على المستوى الدولي من الانتخابات الرئاسية يتصل بالسياسة الخارجية الأمريكية، فكل رئيس يأتي بناء على خلفيته الحزبية، وتشخيصه للأولويات يحدد طبيعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ما يجعل المواقف متباينة في التعاطي مع الكثير من الملفات بين رئيس وآخر، وهو ما يمكن أن نلاحظه بوضوح بين فترتين سابقتين، وبين الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب، في التعاطي مع الدبلوماسية الثنائية ومتعددة الأطراف، والتدخل المباشر وغير المباشر في مجال مسؤولية الحماية الإنسانية، وفي المواقف من الصراعات الدولية، ومكافحة الإرهاب، وبين التهدئة والصرامة في ملفات مثل الملف الإيراني. إنها أبعاد قد لا تشكل فارقاً كبيراً على مستوى الداخل الأمريكي، لكنها تمثل أثراً واضحاً في السياسة الخارجية.ومن حسن حظوتنا أننا نملك في البحرين قيادة حكيمة رسمت منهجاً متوازناً ومرناً في التعاطي مع العلاقات الخارجية، لاسيما مع الدول التي تشكل البحرين معها حلفاً استراتيجياً متجذراً، وعلاقات تاريخية متينة مع الولايات المتحدة، وهذا الأمر في الواقع لا يتوقف عند الأشخاص بقدر ما يرتبط بعلاقة دولة بدولة، بناء على المصالح المشتركة للبلدين.وبرأيي أن هذه الرؤية هي التي حققت للبحرين هذا العمق من العلاقات الاستراتيجية مع دول العالم، فهي لا تتوقف عند حزب أو شخص، بل بناء على علاقات الصداقة والاحترام والشراكة المتبادلة، وهي – وفقاً للتجربة الواقعية – قد أثبتت نجاحها وفاعليتها على جميع المستويات، والمستقبل سيكون شاهداً على ذلك.