غالبية العالم مشغولون بمتابعة ما يحصل في الانتخابات الأمريكية، وبالأخص نتائج التصويت ضمن عمليات الفرز المستمرة، وما أحاط بها من مواجهات صريحة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والتشكيك في نزاهة فرز الأصوات، ورفع دعاوى قضائية هنا وهناك، والأجواء التي سخنت بشكل كبير بسبب التقدم الحالي لجو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي في أصوات المجمع الانتخابي على حساب الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.

مئات التحليلات اليومية على المنصات الإعلامية والقنوات العالمية، كلها تتحدث بتفصيل عن هذه الانتخابات، وتخوض حتى تفاصيلها الدقيقة، بينما فرضيات عديدة ترسم سيناريوهات قادمة لعديد من الملفات العالمية في حال أعيد انتخاب الرئيس ترامب أو نجح بايدن في استعادة «البيت الأبيض» لصالح الديمقراطيين.

هناك سؤال رئيسي يتكرر يومياً في عديد من المحطات الإخبارية حول العالم، وهو معني باستقراء السياسات القادمة بالنسبة إلى دول معينة، أو أقاليم أو تكتلات في حال فوز هذا أو ذاك.

في البحرين ومنطقتنا الخليجية والعربية يُطرح هذا التساؤل يومياً، ما الذي سيتغير لو انتخب بايدن وعدنا للتعامل مع الحزب الديمقراطي؟! باعتبار أن الوضعية في حال استمرارية الرئيس ترامب ستظل مرتبطة بنمط العلاقات والتعاملات مع إدارته طوال السنوات الأربع الماضية.

هل العلاقة مع الجمهوريين أفضل من الديمقراطيين؟!

الإجابة بناءً على الشواهد التاريخية تبين أن العلاقة مع الديمقراطيين كانت لها سلبياتها العديدة للأسف، وخاصة حينما تتعامل مع نظام فيه عناصر قيادية تضحك في وجهك، وتحدثك عن المثاليات والأدبيات الإنسانية، بينما في الخفاء تعمل ضد بلادك، بل تضع مخططات لمحو دول أو إسقاط أنظمتها، ولا تتوانى عن دعم حركات راديكالية تسعى للانقلابات ولانتهاك حقوق شرائح أخرى في المجتمعات، وكل ذلك تحت شعار الديمقراطية.

بينما الجمهوريون وهم الخيار الآخر، يتعاملون بشكل مباشر وصريح، قد تختلف مع إستراتيجياتهم بشدة، قد تجد ضغوطات متعمدة، قد تصل إلى مراحل من التفاوض والنقاش الحاد معهم، لكنهم أقلها لا يعملون بنفس أسلوب الحزب الديمقراطي الذي كشفت «إيميلات هيلاري كلينتون» عن حقائق «مخجلة» في كيفية عمل هؤلاء ونظرتهم للعلاقات مع الدول الأخرى.

هل نريد الجمهوريين أم الديمقراطيين؟! سؤال قد يجيب البعض عنه بسرعة باختيار النظام الذي يتعامل معه بوضوح بدلاً من النظام الذي يضحك في وجهك ويخفي السكين ليغرزها في ظهرك، في حين أننا ننسى للأسف أن محددات التعامل وما يتحكم في المخططات والعلاقات ليست معنية بفوز هذا أو ذاك، بل هي معنية بالدول واعتدادها بكياناتها وتمسكها بمصالحها ورؤاها الإستراتيجية، أي أننا نحن من يجب علينا فرض الطريقة التي يجب على الولايات المتحدة الأمريكية التعامل معنا وفقها، ولنا في إغلاق سماعة الهاتف في وجه هيلاري كلينتون من قبل الراحل الكبير الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي آنذاك أبلغ مثال.

بالتالي استمر ترامب أو فاز بايدن، الدول هي التي يجب أن تفرض على الولايات المتحدة الأمريكية أساليب التعامل معها وكيفية بناء العلاقات معها، والأهم احترامها.