هذا هو الأسبوع الأول لتولي سمو ولي العهد رئاسة الوزراء بشكل رسمي بعد أن كان نائباً أول لسنوات للأمير الراحل طيب الله ثراه خليفة بن سلمان، ندعو الله أن يوفقه ويسخر له أسباب النجاح لخدمة البحرين في ظل والده أطال الله في عمره جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، امتداداً لمهمة حملت هذه الأسرة العريقة شرفها لأكثر من قرنين من الزمان، محملة بإرث تاريخي حافل بالمنجزات وضعت البحرين في المصاف الذي تتبوأه رغم شدة وكثرة وقوة التحديات التي واجهتها طوال فترة حكمها، سائلين المولى أن يمنحه القوة والقدرة على البناء على ما تم إنجازه.

يستلم سموه إدارة الحكومة وأمامه ملفات ضخمة وصعبة أعانه الله عليها، دين عام، وعجز في الميزانية، وآثار اقتصادية صعبة للجائحة العالمية، تلك ملفات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأوضاع عالمية خارجة عن السيطرة كأسعار النفط وترتبط بتحديات محلية من المفروض أنها تحت السيطرة كتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، ومعها ملفات متداخلة كملف إصلاح السوق والتعليم والمرتبطان بشدة بالملفات السابقة.

فإذا أضفنا لتلك التحديات الاقتصادية الأوضاع الأمنية الإقليمية والدولية و«مشاغبتها» للتفرغ الاقتصادي وتعطيلها له أحياناً، فإننا أمام مهمة جسيمة وصعبة تحتاج لصبر ولحزم ولفكر يتفرغ تماماً لها واضعاً أهدافها نصب عينيه وجدولاً زمنياً لفك عقدها الواحدة تلو الأخرى.

نعرف قدرات سموه من امتحانين من أصعب الامتحانات التي مرت علينا مؤخراً، الامتحان الأول مسار التوازن المالي وكان عقدة العقد، وقطع به سموه شوطاً كبيراً أبهرنا بنتائجه في وقت قياسي، ولولا جائحة كورونا لكنا الآن اقتربنا من نقطة التوازن، ولكن قدر الله وما شاء فعل، ثم جاءت الجائحة ظرفاً غير متوقع خارج عن الإرادة.

الملف الثاني هو الجائحة نفسها، وهذا الملف تحديداً أبهر سموه العالم وليس البحرينيين فقط في كيفية التعاطي معه، إذ كنا أمام مشهد نفاخر به الأمم، لا على صعيد التعاطي مع الجائحة فحسب بل على صعيد التعاطي مع آثارها الاقتصادية وهذه كانت الأصعب، وقدم سموه أفكاراً ومبادرات مبدعة تتسم ببعد النظر وبالقدرة على استشراف التحديات قبل حدوثها.

هذان الملفان من أصعب المهام التي واجهها سموه خلال عام واحد، وواجهها معاً في ذات الوقت، ومهامهما تعتبران من المهام شبه المستحيلة في الإنجاز بالأخذ في الاعتبار إمكانياتنا المحدودة، مما يعطينا رؤية واضحة على إمكانيات سموه في مواجهة التحديات بمؤشرات قياس لا علاقة لها بعواطفنا ولا بتطبيل فارغ، إنما هي كلمة حق في إشادات جاءت من خارج البحرين قبل أن تأتي من الداخل، مما يجعلنا نتفاءل خيراً بإذن الله بإن الملفات الأخرى قابلة للحل وللنجاح لو تفرغ سموه لها تفرغاً تاماً مثلما فعل في الملفين السابقين، وهذا ما نتوخاه منه في المرحلة القادمة بإذن الله.

شعب البحرين كله شريكاً لسموه يدعو له بالتوفيق والنجاح وينتظر منه الكثير، ومستعداً لاستمرار الرحلة معه بقيادة حكومية تستلهم من هاتين التجربتين أفق للمستقبل الواعد بإذن الله.

ختاماً اسمح لي يا سمو الأمير أن أدعو لك كأم بحرينية لا كمواطنة بحرينية فحسب تتمنى كل الخير لابنها، فلا ننظر لك يا سمو الأمير إلا كواحد من الأبناء معزتك من معزتهم وحرصنا عليك من حرصنا عليهم.

أسال الله أن يعطيك فيرضيك وأن يمنحك الصحة والعافية، وأن يسدد خطاك ويفتح بصيرتك ويسخر لك من يخشى الله ويحب البحرين أكثر من نفسه، إنه سميع مجيب.