كان لافتاً المتابعة العربية اليومية لمعركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت بداية شهر نوفمبر الجاري، وانتهت بإعلان فوز المرشح الديمقراطي. والسؤال: لماذا هذا الانخراط المبالغ فيه في هذه المعركة على الصعيد الإعلامي العربي؟
يجيبنا المحللون بأن انعكاسات نتائج الانتخابات الأمريكية كبيرة ومباشرة على العالم بأسره، وليس على العرب فحسب، خاصة فيما يتعلق بالسياسات الخارجية وتحولاتها وآثارها التي قد تكون عميقة تجاه ملفات عديدة، مثل الصراع العربي الإسرائيلي، والمشروع النووي الإيراني، واحتمالات العودة الأمريكية في ظل حكم الديمقراطيين، إلى المنظمات والاتفاقيات الدولية التي انسحبت منها في عهد دونالد ترامب، إلى غير ذلك من القرارات المحتملة وغير المتوقعة.
هذا الإدراك معقول ومفهوم، ولكن أن يتحول هذا الاهتمام إلى ما يشبه المشاركة في المعركة الانتخابية، إلى ما يشبه المراهنات، التي ينقسم فيها الجمهور إلى فريقين، لمن في معركة لا ناقة لهما فيها ولا جمل. والأعجب من ذلك، أن بعضهم فرح فرح المسرور لفوز «مرشح»، فوزع الحلوى وأقام الأفراح والليالي الملاح، وتبادل مع رفاقه التهاني، وكأن فريقه الرياضي قد فاز بكأس العالم..!!
هذا النوع من ردود الأفعال يعبر عن قصر في النظر، وعن سطحية في المقاربة لشؤون السياسة الدولية. وذلك لأن، غياب المقاربة العقلانية، لا يؤشر فقط إلى حالة مرضية نكاد نختص بها، بل يؤكد أيضاً، أننا نعيش حالة من فقدان الوزن، إلى درجة جعلت البعض يعتقد أن تحولات السياسة في بلد عظيم، كالولايات المتحدة الأمريكية، رهن بانتخاب رئيس أو رحيل آخر. فتلك دولة تحكمها مؤسسات ضخمة، لها ثوابتها التي لا تتزحزح عنها، أياً كان الجالس في البيت الأبيض، ولذلك من الخطأ الرهان على الأشخاص، وإنما البناء على الثوابت.
نحن إذن أمام دولة عظمى متفردة بالقوة – أو تكاد، إلا أنها لا تزال تلوك في مرارة، هبوط هيمنتها وتأثيرها السحري السابق، رغم ازدياد قوتها العسكرية وحضورها المرئي في المحيطات وفي الفضاء الخارجي. فالأوروبيون يتمركزون حول ذواتهم ويصنعون «الأورو»، أو «اليورو»، بديلاً للدولار، والصين تهيمن على العالم اقتصادياً وتكتسح الأسواق في كل مكان، وروسيا تستعيد تدريجيا مكانة الاتحاد السوفياتي السابق سياسياً وعسكرياً على الأقل، وتنهض من جديد، لتنافس الغرب. وحتى إسرائيل الحليفة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية، لا تثق بها تمام الثقة بمخرجات هذا الحلف، ولذلك تتحوط لكل احتمال، وتعظم من قدراتها الذاتية. ولكن يبدو أن العرب وحدهم تقريباً، يسيرون من دون رؤية وعلى غير هدى، ولذلك من الطبيعي أن لا يكون لهم أي تأثير كبير في السياسة الدولية.
* همس:
أقف على أعتاب مدينة خاوية،
تاركاً غابة السؤال،
وطائر السنونو
يحوك ثوب الربيع القادم،
يبحث عن أرض يحط فيها.
وعن عشب الغيمة العابرة،
تمطر شهوتها الأخيرة،
ليظفر بخيوط الغروب المبعثرة.
يجيبنا المحللون بأن انعكاسات نتائج الانتخابات الأمريكية كبيرة ومباشرة على العالم بأسره، وليس على العرب فحسب، خاصة فيما يتعلق بالسياسات الخارجية وتحولاتها وآثارها التي قد تكون عميقة تجاه ملفات عديدة، مثل الصراع العربي الإسرائيلي، والمشروع النووي الإيراني، واحتمالات العودة الأمريكية في ظل حكم الديمقراطيين، إلى المنظمات والاتفاقيات الدولية التي انسحبت منها في عهد دونالد ترامب، إلى غير ذلك من القرارات المحتملة وغير المتوقعة.
هذا الإدراك معقول ومفهوم، ولكن أن يتحول هذا الاهتمام إلى ما يشبه المشاركة في المعركة الانتخابية، إلى ما يشبه المراهنات، التي ينقسم فيها الجمهور إلى فريقين، لمن في معركة لا ناقة لهما فيها ولا جمل. والأعجب من ذلك، أن بعضهم فرح فرح المسرور لفوز «مرشح»، فوزع الحلوى وأقام الأفراح والليالي الملاح، وتبادل مع رفاقه التهاني، وكأن فريقه الرياضي قد فاز بكأس العالم..!!
هذا النوع من ردود الأفعال يعبر عن قصر في النظر، وعن سطحية في المقاربة لشؤون السياسة الدولية. وذلك لأن، غياب المقاربة العقلانية، لا يؤشر فقط إلى حالة مرضية نكاد نختص بها، بل يؤكد أيضاً، أننا نعيش حالة من فقدان الوزن، إلى درجة جعلت البعض يعتقد أن تحولات السياسة في بلد عظيم، كالولايات المتحدة الأمريكية، رهن بانتخاب رئيس أو رحيل آخر. فتلك دولة تحكمها مؤسسات ضخمة، لها ثوابتها التي لا تتزحزح عنها، أياً كان الجالس في البيت الأبيض، ولذلك من الخطأ الرهان على الأشخاص، وإنما البناء على الثوابت.
نحن إذن أمام دولة عظمى متفردة بالقوة – أو تكاد، إلا أنها لا تزال تلوك في مرارة، هبوط هيمنتها وتأثيرها السحري السابق، رغم ازدياد قوتها العسكرية وحضورها المرئي في المحيطات وفي الفضاء الخارجي. فالأوروبيون يتمركزون حول ذواتهم ويصنعون «الأورو»، أو «اليورو»، بديلاً للدولار، والصين تهيمن على العالم اقتصادياً وتكتسح الأسواق في كل مكان، وروسيا تستعيد تدريجيا مكانة الاتحاد السوفياتي السابق سياسياً وعسكرياً على الأقل، وتنهض من جديد، لتنافس الغرب. وحتى إسرائيل الحليفة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية، لا تثق بها تمام الثقة بمخرجات هذا الحلف، ولذلك تتحوط لكل احتمال، وتعظم من قدراتها الذاتية. ولكن يبدو أن العرب وحدهم تقريباً، يسيرون من دون رؤية وعلى غير هدى، ولذلك من الطبيعي أن لا يكون لهم أي تأثير كبير في السياسة الدولية.
* همس:
أقف على أعتاب مدينة خاوية،
تاركاً غابة السؤال،
وطائر السنونو
يحوك ثوب الربيع القادم،
يبحث عن أرض يحط فيها.
وعن عشب الغيمة العابرة،
تمطر شهوتها الأخيرة،
ليظفر بخيوط الغروب المبعثرة.