هدير سيارات الفورمولا واحد يعود إلى البحرين، وهذه المرة لن يعود بسباق واحد للجائزة الكبرى الشهيرة كأرقى وأعلى سباق للسيارات على هذا الكوكب، بل للمرة الأولى تاريخياً تستضيف حلبة البحرين الدولية «موطن رياضة السيارات في الشرق الأوسط» سباقين اثنين متعاقبين، ما يعني أن أنظار الملايين حول العالم ستتركز على مملكة البحرين خلال هذه الفترة، وهذا بحد ذاته مكسب عالمي مميز.

لمن لا يعرف عن سباقات الفورمولا واحد، فهي تعتبر ثالث أعلى رياضة على مستوى العالم من ناحية المشاهدة المليونية من قبل الجماهير، إذ تأتي بعد منافسات كأس العالم لكرة القدم، وبعد الألعاب الأولمبية، لكن بخلاف أن الفورمولا واحد تقام كبطولة على امتداد جولات عديدة حول العالم، وكل جولة تحظى بمتابعة الملايين وبما يفوق عدده 550 مليون مشاهد كمتوسط للسباق الواحد، ما يعني أن سباقي البحرين اللذين تحتضنهما «لؤلؤة الصحراء» و«أيقونة» الحلبات العالمية في منطقة الصخير، ستحظى بمشاهدة متوقعة تصل إلى مليار مشاهد، تخيلوا ملياري عين ستشاهد السباقين على أرض مملكة البحرين، وفي حلبتنا الجميلة، وفي سباقات تنظم من قبل الكوادر البحرينية المميزة في حلبتنا، وبرعاية رفيعة المستوى من قبل جلالة الملك حفظه الله، وهو ما يحقق عاماً بعد عام رؤية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله.

ورغم استمرار جائحة كورونا وتأثيرها على أغلب الفعاليات العالمية من ناحية الحضور الجماهير، فإن مملكة البحرين بعزم من الأمير سلمان بن حمد أقدمت على تحد متميز، بإقامة سباقين اثنين في ظرف أيام متلاحقة، وإتاحة الفرصة لحضور جمهور، لكنه يختلف عن أي جمهور آخر.

نعم مملكة البحرين، وهي اليوم أحد النماذج المتميزة التي يشهد لها المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية في عملية التعامل مع فيروس كورونا، وكيف نجحت في احتوائه ومنع انتشاره بشكل خطِر وحافظت على سلامة الناس فيه، قد تكون مملكة البحرين أول دولة تقيم سباقاً للفورمولا واحد في هذا الوقت والظرف دون جماهير الرياضة المعتادة، بل بحضور جماهير أخرى من نوع خاص ومميز، نوع كان له الفضل بعد الله في حماية البحرين وأهلها والمقيمين فيها، رجال ونساء تصدروا الصفوف الأمامية في المواقع الطبية والأمنية والخدماتية، أفراد يخاطرون بحياتهم من أجل حياة الآخرين.

أبطال الصف الأمامي هم الحضور المميز لسباقي الفورمولا واحد في حلبة البحرين، هم وعوائلهم يستحقون هذا التكريم والتمييز الإيجابي، هم يستحقون أن يكونوا في مقدمة صفوف التقدير مثلما كانوا ومايزالون في مقدمة صفوف التحدي وحماية البحرين وأهلها والمقيمين فيها.

قرار في محله، وتقدير في موضعه، وعدالة وإنصاف لكل مجتهد من قبل الأمير سلمان بن حمد حفظه الله، العاشق الأول لرياضة السيارات، و«عراب» حلبة البحرين الدولية، وجالب هذه السباقات العالمية إلى أرضنا، لكنه قبل ذلك العاشق والمحب لشعبه وأبنائه، المقدر لجهودهم وتفانيهم وإخلاصهم.

شكراً للأمير سلمان، ونقول لأبطالنا في الصفوف الأمامية لمواجهة فيروس كورونا: بغض النظر لو فاز لويس هاميلتون أو فيتيل أو غيره، أنتم في النهاية من سيعتلي «بوديوم التتويج»، أنتم أبطال سباق البحرين، بل أبطال كل شيء.