في المسألة القطرية ليس الأمر مناكفة أو عناداً من مملكة البحرين، أوعدم رغبة في الصلح، الكل يعرف أن الشعب البحريني من أطيب الشعوب وأكثرها تسامحاً، ولا ينظر للأخوة القطريين إلا كأهل وأشقاء وأخوة، هم منا ونحن منهم، هذه حقيقة تاريخية لا تقبل المساومة، المسألة هي في الخلاف مع النظام وحقوقنا التاريخية الشرعية والسيادية البحرينية التي لم ولن نتنازل عنها.
المسألة في أحداث جرت على مر التاريخ مع هذا النظام، حاولت البحرين قدر استطاعتها بل فوق طاقتها أن تتحمل وتتغاضى من أجل الآخرين والمصلحة الجماعية.
تلك الحقائق التاريخية التي امتدت آثارها إلى اليوم تفصح عن طبيعة العلاقات القطرية الخليجية من جهة والقطرية البحرينية من جهة أخرى ولنبدأ بسردها ربما نتوصل لأصل العلة وأساسها.
قد تكون «البداية» أي بداية تأسيس الدولة القطرية أحد أهم أسباب هذه المشاكل العالقة بيننا وبين هذا النظام، إذ ليس من السهل تجاوز حقائق مثلها في تأثيرها النفسي على من تولى السلطة اغتصاباً وبقي يشعر بعدم الأمان من جيرانه حتى اللحظة مما يجعله يستمر بافتعال المشاكل معهم والمشاغبة، فجاسم بن ثاني (مؤسس أسرة آل ثاني) من مواليد المحرق، والده تزوج في البحرين وكان يدير أملاك سيدة اسمها «جروة» من أسرة آل بن علي، ثم عينه حاكم البحرين كعامل له في البدع أي في (الدوحة)، من أجل تحصيل رسوم الغوص، الذي حدث أن جاسم الابن انقلب على أبيه عام 1876 وقدم نفسه للعثمانيين كموظف عندهم فساعدوه على الانقلاب على أبيه.
قد تكون صعوبة تجاوز هذه الحقيقة واحدة من أسباب الحاجز النفسي مع البحرين رغم أن البحرين تجاوزتها ونادراً ما تذكرها، ورغم أن البحرين لم تعتدِ على قطر في أي من المراحل التاريخية إلا أن سلوك الحكام القطريين الذين توالوا على الحكم لم يتجاوز التاريخ الذي بني على إثرها كل الممارسات السلبية تجاه البحرين.
فأول انفصال للبر التابع للبحرين في شبه الجزيرة القطرية جرى على يد ابنه عبدالله آل ثاني وقد كانت للبحرين السيادة عل شمال شبه جزيرة قطر، بما في ذلك إقليم الزبارة (الذي تقدر مساحته بـ 294 كلم مربع) ويشمل مدينة الزبارة وقرى فريحة وأم الماي وأم سيكة وحلوان واللشع كان ذلك عام 1937 قام ابن ثاني باحتلال الزبارة، بقوات غير قطرية وقام بقتل وجرح عدد كبير من قبيلة النعيم البحرينية وتهجيرهم قسرياً في جريمة لم يسبق لها مثيل في منطقة الخليج العربي.
وبقت الزبارة حتى عام 1944 تابعة للبحرين إلى أن اقتطعها الإنجليز قسراً مرة أخرى لصالح قطر وأعطوا للبحرينيين فقط حق امتلاك بيوتهم وأملاكهم عليها، فقام النظام القطري بهدم بيوتهم وهدم قلعتهم وهدم سبعة جوامع بنوها هناك!!
هذه الحقائق أسست طبيعة العلاقة البحرينية القطرية وألقت بظلالها عليها، ورغم أن البحرين حاولت تجاوز هذا الأثر والتغاضي عنها وعدم إثارتها من أجل اكتمال عقد منظومة مجلس التعاون وترابطه وتلاحمه، والإيمان بأننا أبناء وأشقاء وأهل ومصيرنا واحد ومهدداتنا واحدة، فلم تعتدِ ولم تفتعل المشاكل، لكن النظام القطري لم يشعر بالأمن والاستقرار لا مع جيرانه ولا حتى داخل أسرته نفسها فجرى أكثر من انقلاب داخل الأسرة، وظل على ممارساته مع جيرانه مشاغباً مفتعلاً للخلافات وبالأخص مع البحرين يحاول أن يفرض أمراً واقعاً عليها بالتآمر والحيلة كما حدث عام 1968 هذا الحادث يكشف عن طبيعة تفكير هذا النظام فعندما قامت قوات مسلحة قطرية بعدوان عسكري على ضحال الديبل من أجل إزالة منشأة تم الاتفاق على تشييدها بموجب قرار من مجلس التعاون، استغرب الجميع حين ذاك على إصرار قطر على إزالة جزيرة جرادة الواقعة بقرب من ضحال الديبل أو المتعارف عليه بفشت الديبل، لم يكن أحد يتصور أن الفكرة المبيتة عند قطر أنه حين ترسم الحدود البحرية مناصفة بين البحرين وقطر لاتحتسب جرادة والفشت كآخر يابسة تابعة للبحرين، بل تبدأ المناصفة من جزيرة البحرين والساحل الغربي القطري، وهكذا تستطيع أن تأخذ قطر أكثر من 80% من بحرنا!!
وهذا ما اتضح حين ادرجت قطر قضية ترسيم الحدود بيننا و بينها في محكمة العدل الدولية و لم تكن أصلاً موضع نزاع، فالقضية التي أجبرنا على قبول التحكيم فيها إكراماً للكويت وظرفها كانت جزيرة حوار، لكن قطر أدرجت ترسيم الحدود في الأيام الأخيرة ولم نقبل بذلك و لم نرسم حدودنا معها وفقاً لحساباتها، بل ظلت ومازالت مطالبنا بترسيم الحدود وفقاً للواقع الذي وضعته بريطانيا منذ عام 1939 ورسمت به الخطوط بين البحرين وقطر، وعموماً الوضع الذي تركته بريطانيا بين جميع دول الخليج قبلت به كل الدول الخليجية بين بعضها البعض، وما تغير بعد ذلك وترسيم الحدود تم باتفاق الطرفين باتفاقيات ثنائية، إلا أن قطر حاولت أن تقضم من السعودية أرضاً ومن الإمارات قطعة ومن البحرين.
الخلاصة أن قطر تعدت أكثر من مرة واقتطعت أكثر من مرة أجزاءً من أرخبيل البحرين وتوابعها ومازالت تقوم بالاعتداء ومحاولة فرض أمر واقع علينا، تحركها عقدة تاريخية تجعلها دائماً في موضع الشعور بأنها غير آمنة، غير مستقرة ينقصها شيء، برغم كل ما أنعم الله به عليهم ونتمنى لهم إن تدوم نعمه عليها، لكنها دائماً ما تنظر إلى ما في يد الآخرين، ولو أنها مدت اليد وكفت الشر عن أشقائها ولم تعتدِ ولم تأخذ ما ليس لها لكان حضن الخليج بقي آمناً مستقراً لها، وبقيت قطر آمنة مستقرة كقيادة وكشعب.
المسألة في أحداث جرت على مر التاريخ مع هذا النظام، حاولت البحرين قدر استطاعتها بل فوق طاقتها أن تتحمل وتتغاضى من أجل الآخرين والمصلحة الجماعية.
تلك الحقائق التاريخية التي امتدت آثارها إلى اليوم تفصح عن طبيعة العلاقات القطرية الخليجية من جهة والقطرية البحرينية من جهة أخرى ولنبدأ بسردها ربما نتوصل لأصل العلة وأساسها.
قد تكون «البداية» أي بداية تأسيس الدولة القطرية أحد أهم أسباب هذه المشاكل العالقة بيننا وبين هذا النظام، إذ ليس من السهل تجاوز حقائق مثلها في تأثيرها النفسي على من تولى السلطة اغتصاباً وبقي يشعر بعدم الأمان من جيرانه حتى اللحظة مما يجعله يستمر بافتعال المشاكل معهم والمشاغبة، فجاسم بن ثاني (مؤسس أسرة آل ثاني) من مواليد المحرق، والده تزوج في البحرين وكان يدير أملاك سيدة اسمها «جروة» من أسرة آل بن علي، ثم عينه حاكم البحرين كعامل له في البدع أي في (الدوحة)، من أجل تحصيل رسوم الغوص، الذي حدث أن جاسم الابن انقلب على أبيه عام 1876 وقدم نفسه للعثمانيين كموظف عندهم فساعدوه على الانقلاب على أبيه.
قد تكون صعوبة تجاوز هذه الحقيقة واحدة من أسباب الحاجز النفسي مع البحرين رغم أن البحرين تجاوزتها ونادراً ما تذكرها، ورغم أن البحرين لم تعتدِ على قطر في أي من المراحل التاريخية إلا أن سلوك الحكام القطريين الذين توالوا على الحكم لم يتجاوز التاريخ الذي بني على إثرها كل الممارسات السلبية تجاه البحرين.
فأول انفصال للبر التابع للبحرين في شبه الجزيرة القطرية جرى على يد ابنه عبدالله آل ثاني وقد كانت للبحرين السيادة عل شمال شبه جزيرة قطر، بما في ذلك إقليم الزبارة (الذي تقدر مساحته بـ 294 كلم مربع) ويشمل مدينة الزبارة وقرى فريحة وأم الماي وأم سيكة وحلوان واللشع كان ذلك عام 1937 قام ابن ثاني باحتلال الزبارة، بقوات غير قطرية وقام بقتل وجرح عدد كبير من قبيلة النعيم البحرينية وتهجيرهم قسرياً في جريمة لم يسبق لها مثيل في منطقة الخليج العربي.
وبقت الزبارة حتى عام 1944 تابعة للبحرين إلى أن اقتطعها الإنجليز قسراً مرة أخرى لصالح قطر وأعطوا للبحرينيين فقط حق امتلاك بيوتهم وأملاكهم عليها، فقام النظام القطري بهدم بيوتهم وهدم قلعتهم وهدم سبعة جوامع بنوها هناك!!
هذه الحقائق أسست طبيعة العلاقة البحرينية القطرية وألقت بظلالها عليها، ورغم أن البحرين حاولت تجاوز هذا الأثر والتغاضي عنها وعدم إثارتها من أجل اكتمال عقد منظومة مجلس التعاون وترابطه وتلاحمه، والإيمان بأننا أبناء وأشقاء وأهل ومصيرنا واحد ومهدداتنا واحدة، فلم تعتدِ ولم تفتعل المشاكل، لكن النظام القطري لم يشعر بالأمن والاستقرار لا مع جيرانه ولا حتى داخل أسرته نفسها فجرى أكثر من انقلاب داخل الأسرة، وظل على ممارساته مع جيرانه مشاغباً مفتعلاً للخلافات وبالأخص مع البحرين يحاول أن يفرض أمراً واقعاً عليها بالتآمر والحيلة كما حدث عام 1968 هذا الحادث يكشف عن طبيعة تفكير هذا النظام فعندما قامت قوات مسلحة قطرية بعدوان عسكري على ضحال الديبل من أجل إزالة منشأة تم الاتفاق على تشييدها بموجب قرار من مجلس التعاون، استغرب الجميع حين ذاك على إصرار قطر على إزالة جزيرة جرادة الواقعة بقرب من ضحال الديبل أو المتعارف عليه بفشت الديبل، لم يكن أحد يتصور أن الفكرة المبيتة عند قطر أنه حين ترسم الحدود البحرية مناصفة بين البحرين وقطر لاتحتسب جرادة والفشت كآخر يابسة تابعة للبحرين، بل تبدأ المناصفة من جزيرة البحرين والساحل الغربي القطري، وهكذا تستطيع أن تأخذ قطر أكثر من 80% من بحرنا!!
وهذا ما اتضح حين ادرجت قطر قضية ترسيم الحدود بيننا و بينها في محكمة العدل الدولية و لم تكن أصلاً موضع نزاع، فالقضية التي أجبرنا على قبول التحكيم فيها إكراماً للكويت وظرفها كانت جزيرة حوار، لكن قطر أدرجت ترسيم الحدود في الأيام الأخيرة ولم نقبل بذلك و لم نرسم حدودنا معها وفقاً لحساباتها، بل ظلت ومازالت مطالبنا بترسيم الحدود وفقاً للواقع الذي وضعته بريطانيا منذ عام 1939 ورسمت به الخطوط بين البحرين وقطر، وعموماً الوضع الذي تركته بريطانيا بين جميع دول الخليج قبلت به كل الدول الخليجية بين بعضها البعض، وما تغير بعد ذلك وترسيم الحدود تم باتفاق الطرفين باتفاقيات ثنائية، إلا أن قطر حاولت أن تقضم من السعودية أرضاً ومن الإمارات قطعة ومن البحرين.
الخلاصة أن قطر تعدت أكثر من مرة واقتطعت أكثر من مرة أجزاءً من أرخبيل البحرين وتوابعها ومازالت تقوم بالاعتداء ومحاولة فرض أمر واقع علينا، تحركها عقدة تاريخية تجعلها دائماً في موضع الشعور بأنها غير آمنة، غير مستقرة ينقصها شيء، برغم كل ما أنعم الله به عليهم ونتمنى لهم إن تدوم نعمه عليها، لكنها دائماً ما تنظر إلى ما في يد الآخرين، ولو أنها مدت اليد وكفت الشر عن أشقائها ولم تعتدِ ولم تأخذ ما ليس لها لكان حضن الخليج بقي آمناً مستقراً لها، وبقيت قطر آمنة مستقرة كقيادة وكشعب.