يتمحور النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربي المكون من 22 مادة في نقطة واحدة هي التكامل لوحدة المصير المشترك والتي تمثل الركن الأساسي لمواجهة المخاطر التي تحيط بالكيان الخليجي وفي أولوياتها التدخلات الإيرانية وما تقوم به من أعمال تنافي جميع الأعراف والمواثيق التي اتفق عليها المجتمع الدولي.

تنعقد القمة الخليجية بالمملكة العربية السعودية في توقيت وأنا أراه وأغلب المتخصصين بالشأن الدولي في فترة حساسة تمر بها المنطقة، خاصة ما شهده عام 2020 من منعطفات مهمة جعلت أنظار العالم لا تفارق ما يحدث في مياه الخليج لأهمية ذلك على المستوى السياسي والاقتصادي وانعكاسات تلك المنعطفات في التأثير على الأسواق العالمية.

وفي هذا السياق، فإن القمة الخليجية في دورتها الـ 41 تتطلع لها الشعوب بعيون الأمل والتفاؤل، وذلك لما لها من مخرجات ترسم السياسات المقبلة التي سيبنى عليها قرارات مصيرية بدول الأعضاء، ففي القمة وضمن جدول الأعمال سيناقش سوف تتم مناقشة من دون تردد التدخلات الإيرانية التي عقدت المشهد السياسي في اليمن وعدد من الدول العربية ومستوى التهديد الأمني الذي تصنعه إيران عبر أذرعها وعلى رأسهم ميليشيا الحوثي التي باتت تهدد العمق العربي والإسلامي بشكل دائم عبر الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وفي الوقت نفسه فهي تهدد حركة التجارة الدولية وناقلات النفط في مضيق باب المندب، مما يتطلب اتخاذ خطوات تنسيقية بين دول الأعضاء للتعامل مع هذه التهديدات التي تتسبب بالأضرار بشكل مباشر باقتصاد الخليج العربي والشعوب معاً.

كما أن الملف المهم الذي لا يمكن أن تنعقد القمة من دون مناقشته هو ملف توحيد السياسات الخارجية في التعامل مع الإدارة الأمريكية والتي ستكون بقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن، لسبب رئيس ومحوري وهو أن بايدن لديه رؤية مختلفة تماماً عن الرئيس دونالد ترامب، فالرئيس المنتخب لديه نوايا لعقد اتفاق نووي جديد مع طهران وهذا يعني بأن أي اتفاق جديد بخصوص ذلك سيرفع العقوبات على إيران وسنرجع للمربع الأول في حال لم يكن لدول الخليج العربي أي رأي فيه، مما يتطلب العمل من الآن لجعل أولويات الإدارة الجديدة بأن يكون لدول الخليج طرف أساسي بهذا الاتفاق لضمان عدم استمرار إيران بتجاوزاتها المستمرة بالمنطقة.

وعلى صعيد آخر، فإن المحور الاقتصادي الذي سينطوي عليه الكثير من الملفات من تحته ومنها تعزيز التكامل في مجال التبادلات التجارية والتسهيلات الجمركية بين بلدان الأعضاء والتعامل مع انخفاض أسعار النفط، إضافة إلى التعاون في مجال النقل منها على سبيل المثال لا الحصر ما تم التوصل له في مشروع القطار الخليجي، والذي يعتبر من المشاريع الإستراتيجية التي ستحقق تطلعات الشعوب وتعزز المكتسبات الاقتصادية بالمنطقة.

كما إن من المتوقع أن القمة ستواكب آخر الجهود المتعلقة بجائحة كورونا (كوفيد19)، التي كان لها آثر كبير من الجانب الاقتصادي والصحي، ومن المؤمل اتخاذ قرارات بشأن الاتفاق على إجراءات تنقل مواطني دول الأعضاء.

للأمانة القمة الخليجية بها ملفات معقدة وتحتاج لقرارات مهمة نظراً لما تمر بها المنظومة وهي فترة مصيرية ونتائج العمل المشترك تقدم الكثير لشعوب المنطقة، فتعزيز التكامل الخليجي أصبح منهج عمل لهذه المنظومة التي تأسست منذ عام 1981، فهي تحتفل بهذا العام بمرور 40 عاماً من التعاون والتكامل وبعون الله سيتكلل ذلك بتحقيق رؤية المغفور له بأذن لله تعالى العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وطيب الله ثراه، بإعلان الاتحاد بين الدول الأعضاء.