يجري منذ أكثر من قرن من الزمان استخدام المقابلة الأيديولوجية بين الإسلام والغرب، مع أن الأول يشير إلى دين والثاني يشير إلى جغرافيا سياسية. وهما مفهومان في حاجة إلى مراجعة وتدقيق، ولكن الأهم من ذلك هو البحث في سبل تصحيح هذه العلاقة بتجاوز الخطاب الأيديولوجي «التحريضي في الغالب» القائم على مواجهة صراعية «أبدية» خارج أي تحليل أو منطق تاريخي أو سيسيولوجي.
لقد ساهمت، لا شك، الحروب القاسية والمتعددة بين الطرفين، في العصور القديمة والحديثة والمعاصرة، في تغذية مشاعر الكراهية والأحقاد والإقصاء المتبادل على قاعدة من المعطيات الثيولوجية في الغالب، والتي عملت ولا تزال كترسانة لأيديولوجية كأنظمة ثقافية وتشريعية للإقصاء المتبادل مع استحالة التفاهم والتعايش. وعملت خطابات المجموعات الدينية التي تقول إنها اختيرت لحمل الحقيقة «لوحدها»، ولتخليص البشرية من «الفاسدين الأشرار والكفار»، كمراجع لتبرير حروب ومواجهات متكررة، باستحضار وتوظيف الموروث الديني والثقافي الرمزي المنقسم إلى ضفة مسيحية – يهودية موصوفة بكونها عصرية حداثية، وضفة عربية – إسلامية موصوفة بكونها عاجزة وتقليدية. ومن صلب تلك المواجهات الاستعمارية والدينية، تشكلت الخطوط العريضة لتشكل الذاكرات الجماعية المحفورة في القلاع الأسطورية، التي تتغذى من المضامين الجدلية المرتكزة على المواجهة بين «الخير والشر» و«الحق والباطل» و«الايمان والكفر»، مع استحضار التمثلات القروسطية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك النتائج الكارثية للاستعمار وللنهب والتدمير الشاملين للبلدان العربية والإسلامية، وموجات الهجرة واللجوء، بإمكاننا الوصول إلى تقدير أفضل لتجاوز مرحلة التبادل غير المتكافئ والتهميشي، ومعاودة التفاوض على أسس أكثر عدالة، بما يسهم في بناء تاريخ تضامني بين الشعوب، على قاعدة الاحترام المتبادل، بعيداً عن تبرير الحروب الجارية منذ قرون.
إن هذا التاريخ التضامني يفترض أن يدشن مرحلة جديدة من العلاقات بين الدول والشعوب، لتأسيس مرحلة جديدة من التعايش والتسامح والتضامن بين الشعوب، ووضع حد للمشكلات التي قسمت منذ قرون الوعي الحضاري في الضفتين، والذي كرسته القراءات والاستنتاجات المنحازة «الميثولوجية – الأيديولوجية» للتاريخ، والقابلة للتوظيف في كل أوان ضد «العدو الأبدي» الذي تم تشكيل صورته منذ زمن بعيد.
وحده التضامن الإنساني بين الشعوب، يمكن أن يوصلنا – كعرب – إلى مواجهة تحديات الحداثة وما بعدها، والاستفادة من العلاقات الدولية، ومن الفكر العلمي والإنجازات التحررية من خارج السياج الدغمائي، وتضخيم مخيال الاحتماء بالملاذات والمرجعيات المرتبطة بالهويات، والتوقف عن اعتبار الإسلام مجرد أيديولوجية قتال أبدية. وتزداد الحاجة إلى ذلك بعد أن اكتوى الجميع بنار العنف والتطرف والإرهاب الذي يتغذى على ترسانة أيديولوجية مرعبة، جسدها على أرض الواقع تنظيم «داعش» بشكل دراماتيكي.
* همس:
نحب البلاد،
كما لا يحبّ البلاد أحد،
صباحاً مساء،
وقبل الصباح،
وبعد المساء،
ويوم الأحد.
* من قصيدة للشاعر محمد الصغير أولاد أحمد.
{{ article.visit_count }}
لقد ساهمت، لا شك، الحروب القاسية والمتعددة بين الطرفين، في العصور القديمة والحديثة والمعاصرة، في تغذية مشاعر الكراهية والأحقاد والإقصاء المتبادل على قاعدة من المعطيات الثيولوجية في الغالب، والتي عملت ولا تزال كترسانة لأيديولوجية كأنظمة ثقافية وتشريعية للإقصاء المتبادل مع استحالة التفاهم والتعايش. وعملت خطابات المجموعات الدينية التي تقول إنها اختيرت لحمل الحقيقة «لوحدها»، ولتخليص البشرية من «الفاسدين الأشرار والكفار»، كمراجع لتبرير حروب ومواجهات متكررة، باستحضار وتوظيف الموروث الديني والثقافي الرمزي المنقسم إلى ضفة مسيحية – يهودية موصوفة بكونها عصرية حداثية، وضفة عربية – إسلامية موصوفة بكونها عاجزة وتقليدية. ومن صلب تلك المواجهات الاستعمارية والدينية، تشكلت الخطوط العريضة لتشكل الذاكرات الجماعية المحفورة في القلاع الأسطورية، التي تتغذى من المضامين الجدلية المرتكزة على المواجهة بين «الخير والشر» و«الحق والباطل» و«الايمان والكفر»، مع استحضار التمثلات القروسطية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك النتائج الكارثية للاستعمار وللنهب والتدمير الشاملين للبلدان العربية والإسلامية، وموجات الهجرة واللجوء، بإمكاننا الوصول إلى تقدير أفضل لتجاوز مرحلة التبادل غير المتكافئ والتهميشي، ومعاودة التفاوض على أسس أكثر عدالة، بما يسهم في بناء تاريخ تضامني بين الشعوب، على قاعدة الاحترام المتبادل، بعيداً عن تبرير الحروب الجارية منذ قرون.
إن هذا التاريخ التضامني يفترض أن يدشن مرحلة جديدة من العلاقات بين الدول والشعوب، لتأسيس مرحلة جديدة من التعايش والتسامح والتضامن بين الشعوب، ووضع حد للمشكلات التي قسمت منذ قرون الوعي الحضاري في الضفتين، والذي كرسته القراءات والاستنتاجات المنحازة «الميثولوجية – الأيديولوجية» للتاريخ، والقابلة للتوظيف في كل أوان ضد «العدو الأبدي» الذي تم تشكيل صورته منذ زمن بعيد.
وحده التضامن الإنساني بين الشعوب، يمكن أن يوصلنا – كعرب – إلى مواجهة تحديات الحداثة وما بعدها، والاستفادة من العلاقات الدولية، ومن الفكر العلمي والإنجازات التحررية من خارج السياج الدغمائي، وتضخيم مخيال الاحتماء بالملاذات والمرجعيات المرتبطة بالهويات، والتوقف عن اعتبار الإسلام مجرد أيديولوجية قتال أبدية. وتزداد الحاجة إلى ذلك بعد أن اكتوى الجميع بنار العنف والتطرف والإرهاب الذي يتغذى على ترسانة أيديولوجية مرعبة، جسدها على أرض الواقع تنظيم «داعش» بشكل دراماتيكي.
* همس:
نحب البلاد،
كما لا يحبّ البلاد أحد،
صباحاً مساء،
وقبل الصباح،
وبعد المساء،
ويوم الأحد.
* من قصيدة للشاعر محمد الصغير أولاد أحمد.