أعزائي النواب البرلمانيين معظمكم شباب بارك الله فيكم، وهذه ميزة في العمل النيابي الذي يحتاج لهمة الشباب ونشاطه وحيويته ويحتاج لأفكار عصرية كذلك توفره أعماركم.

كما إننا لا نشكك في وطنيتكم ولا نوياكم أبداً والعياذ بالله، ولكن.. نود تذكير أنفسنا وإياكم أننا بحاجة لتعزيز وتقوية العمل البرلماني، فمازلنا رغم مرور ما يقارب العشرين عاماً على عودة الحياة النيابية إلا أننا مازلنا في مرحلة وضع الأعراف والتقاليد التي سيبنى عليها العمل النيابي مستقبلاً، فالتجربة البرلمانية البحرينية مازالت طفلاً يحبو في عمر الديمقراطيات العريقة، ومازلنا نتعلم وإياكم ونضع الحجر على الحجر لذلك فإن المسؤولية الملقاة على عاتقكم جسيمة وكبيرة في تقوية وتعزيز هذه التجربة، وبناء على تجربتكم ستقر أمور كثيرة مستقبلاً.

لديكم صلاحيات رقابية ممثلة في السؤال لجان التحقيق وطرح الثقة في الوزراء ورئيسهم ولديكم صلاحيات تشريعية ولديكم صلاحية إقرار برنامج الحكومة وميزانيتها ومراقبة ومحاسبة الحكومة على حسابها الختامي ولديكم حق الاقتراحات برغبة، تلك صلاحيات جسيمة وضخمة أياً كانت درجة التقييد والضوابط التي عليها، وبناء على أدائكم ونوعيته -و هنا مربط الفرس- فيما تتحملون من مسؤوليات ستترتب أمور مستقبلية كثيرة أما أن توسع من صلاحياتكم أو تدعو إلى المزيد من تقييدها، مما سيتحمل عبئه نواب المستقبل، القرار سيتخذه المجتمع فهو الذي يراقب حراككم وثقله أو خفته، وبيدكم أنتم أن تدفعوا المجتمع للمطالبة بالمزيد من الصلاحيات لكم وبالمزيد من الرغبة في إزالة القيود من عليكم أو العكس وهنا الخوف!

فحين يجد المجتمع أنه يتضرر ويساء إليه جراء أدائكم الضعيف ونتيجة الاستخفاف بالمسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق البعض منكم، فإن المجتمع هو ذاته من سيطالب بتقييد حرياتكم.

مع أنه من المفروض أن يعزز المجتمع صلاحياتكم الرقابية ويطالب بالمزيد منها، المفروض أن يسعى المجتمع لمساعدتكم على رفع القيود عن أي صلاحية أو أداة ضوابطها القانونية تعيق عملكم الرقابي، إنما حين يرى المجتمع أداءً ضعيفاً وسوء استغلال لتلك الصلاحيات ويرى انعكاس هذا الأداء على مصلحة الدولة بشكل سلبي فإنه أول من سيطالب بمزيد من القيود عليكم وهذا ما لا نتمناه.

أنتم وحدكم وبيدكم أنتم أن تعززوا الثقة بكم من خلال أداء يعكس استشعاركم بأهمية اختصاصاتكم وصلاحياتكم وتقديرها والتعامل معها بمسؤولية.

جميعنا يرغب في مجلس نيابي قوي ونتمنى أن نرى النائب القوي الذي إن تحدث فالكل يسمع وإن صمت فلصمته معنى، النائب الذي إن استخدم أدواته فبتأن وإن صرح للإعلام فبشكل مدروس، وإن تحدث في الجلسة العلنية فإنه لا يفعل ذلك إلا بعد أن يقوم بواجبه من حيث السؤال خلف الكواليس والتمحيص وجمع المعلومات وسؤال أهل الخبرة، فيشكل رأياً مدروساً قوياً فلايتسرع حتى لا يضطر للتراجع وتفقد كلمته هيبتها، فتنعكس قلة الهيبة على المجلس كله.

هكذا نائب تحسب له الحكومة ألف حساب حين يسأل، وحين يشكل لجنة تحقيق وحين يصرح للإعلام، هكذا نائب ينال احترام أعضاء الحكومة مثلما ينال احترام زملائه واحترام الناس، نائب يعرف كيف يفرق بين المستعرض إعلامياً وبين المعرض عن سفاسف الأمور، لا نريد نواباً يطلبون رضا الحكومة إنما نواب ينالون احترامها رغم مواقفه المتشددة في ممارستهم لصلاحياتهم الرقابية، بأمثال هذه النوعية ترقى التجربة البرلمانية ويكسب المجلس احترام الجميع وترى الكل يطالب بمزيد من الصلاحيات لنوابه.