محمود هاشم الكوهجي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي يقول ليست هناك مبالغ مفقودة «عدم وجود مبلغ 900 مليون أو أي مبالغ أخرى مفقودة لدى الهيئة العامة، مبيناً أن الهيئة قد أبدت تعاوناً تاماً مع لجنة التحقيق البرلمانية بشأن صناديق التقاعد التي تدار من الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي وقامت بكل شفافية بتزويدهم بالبيانات والأرقام المطلوبة، والرد على أسئلتهم كافة سواء التي تندرج ضمن محاور عمل اللجنة أو لا تندرج ضمن محاور عملها، والتي بلغت حتى الآن 152 سؤالاً».
ومن بعد نشر الرد في الصحافة لم يتبين إن كانت اللجنة البرلمانية قد اقتنعت بتوضيحات رئيس مجلس الإدارة أم لا، إلا أنها استمرت ممثلة برئيسها وبعض أعضائها بتوجيه العديد من الاستفسارات والتلميح عبر الصحافة لأن هناك «تلاعباً» بالأرقام «فاضطرت الهيئة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد عدد من النواب، وذلك حرصاً منها -وفق ادعائها- على إحقاق الحق بشكل قانوني من خلال الجهات القانونية الرسمية المختصة، تجاه ما اعتبرته تكراراً لعدد من النواب بالإساءات العلنية والتهم الزائفة لمؤسسة عريقة من مؤسسات الدولة مؤتمنة على مقدرات أبناء الوطن ومسؤولة عن توفير الحماية اللازمة للمواطنين عند الشيخوخة أو المرض أو العجز، والطعن والتشكيك في نزاهة وكفاءة منتسبيها والإشهار بذلك من خلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دون أي اعتبار أو رادع».
كيف للمواطن العادي أن يعرف من هو المحق في هذا الخلاف النيابي مع السلطة التنفيذية والخلاف مازال على صفحات الجرائد؟ والخلاف ليس شخصياً كما نعرف بل هو على مال عام، ومن حق الرأي العام أن يعرف أين ذهبت أمواله؟ وكيف تم التصرف بها؟ وأن يعرف أيهما المحق، طالما أصبحت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي هي ميدان المعركة وهنا تكمن القصة.
الإشكالية أن قبة البرلمان التي هي محل فض «النزاعات» في حال وجود خلاف بين الطرفين «التشريعية والتنفيذية» مازالت خارج الحسبة، واللجنة لم تنته من تقريرها بعد، ولم يتعين موعد لمناقشة التقرير تحت القبة بل تحول السجال إلى صفحات الجرائد.
كرأي عام لم نسمع النقاش والجدل بين الطرفين بعد، وردود الهيئة «إعلامياً» غير واضحة بمعنى أن الهيئة لم ترد «إعلامياً» على تفاصيل كل اتهام وجه إليها، وقد تكون الهيئة قررت أن تنتظر وترد على التقرير تحت القبة، وهذا حقها ولا يقلل من موقفها القانوني.
الخلاف تطور لأن اللجنة لم تنتظر انتهاء التقرير وآثرت التوجه مباشرة للرأي العام وتوجيه الاتهامات عبر الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، فتلقف الرأي العام تلك الاتهامات وأصبحت بالنسبة له «أحكاماً» وليست مجرد اتهامات، هنا لجأت الهيئة لاتخاذ «إجراءات قانونية» لحماية سمعتها لأن الخلاف لم يحصر داخل القبة ليتسنى لها الرد بالتفصيل وفق الإجراءات واللوائح الداخلية التي ستضبط آلية الجدل وتعطي كل طرف حق الرد.
هل أخطأت اللجنة في اللجوء للإعلام؟
أولاً من حق الرأي العام أن يكون على اطلاع على كيفية التصرف في ماله العام.
المشكلة تكمن في أن التصريحات حدثت قبل الانتهاء من كتابة التقرير وقبل مناقشته من قبل بقية أعضاء المجلس، وقبل التصويت عليه، وهذا خطأ جسيم عواقبه أنه يحدث بلبلة ويربك الفهم، فالاتهامات عند الرأي العام تتحول لأحكام قطعية، وفي هذا ظلم لمن وجهت اليه تلك الاتهامات ولم يتسن له الدفاع عن نفسه.
الصحيح أنه حين يعرض تقرير اللجنة في جلسة عامة، سيأتي رئيس مجلس الإدارة ويأتي الوزير المعني معه، ويأتي كل من له علاقة بالإدارة التنفيذية ويجلسون جميعاً تحت القبة، ويقف مقرر اللجنة ويقول ما يريد ولن يصادر أحد حقه ولن يمنعه من إصدار أحكام اللجنة واتهاماتها -إن وجدت- والأهم أن الجلسة علنية ويستطيع من يرغب في متابعتها والاستماع للردود، ومن ثم سيصدر الحكم من خلال تصويت النواب على ما جاء في التقرير، ولا يقف الأمر هنا فإن توصل المجلس إلى أن هناك فساداً فعلاً أو سوء إدارة، لهم أن يطرحوا الثقة بالوزير المعني وفقاً لإجراءات اللائحة الداخلية، ولهم أن يحيلوا ما يملكون من أدلة إلى النيابة العامة، ولهم أن يعقدوا مؤتمراً صحفياً ليطلعوا الرأي العام، وكلها فرص للسلطة الرقابية أن تمارس اختصاصاتها، إنما الفرق أن الطرف الآخر ستتاح له فرص الرد العلني وسيعطي حق الدفاع العلني وسيعطي الحق لبقية النواب كذلك حق إبداء الرأي في عمل اللجنة.
تخيل لو أن النيابة العامة قررت هي إصدار الأحكام بعد التحقيق مع المتهم ونشرت رأيها على الرأي العام على أنه حكم وليس تهمة، تخيل أنك أنت المتهم أو ابنك؟ ألن تتحرك حينها للدفاع عن حقك في الدفاع عن نفسك وحقك في فرصتك المتساوية لرد تلك التهم عنك؟
هل أخطأت إذاً الهيئة في اللجوء للقانون لحماية سمعتها؟ أبداً، وهذا حقها وليس فيه تهديد أو منع أو مصادرة صلاحيات لأعضاء اللجنة طالما أن بعض الأعضاء وُجهت لهم تهم علنية، فمن حق أي إنسان إن تضررت سمعته أن يلجأ للقضاء خاصة أن التهم وجهت له في الصحافة لا في المجلس.
السؤال الأهم، هل الاتهامات إذاً باطلة؟ وهل برئت الهيئة من تلك الاتهامات؟
أبداً.. فلم نحصل كرأي عام على الإجابة القطعية على تلك الأسئلة بعد، ولم نعرف الحقيقة بعد، فلا نحن نتهم لجنة التحقيق بأنها كاذبة، ولا نحن نبرئ الهيئة ولا العكس.
ما نقوله إن الضوابط والإجراءات الخاصة بالتحقيق، في أي موقع كان، نيابياً كان أو قضائياً، بنيت على قواعد ثابتة لا تتغير، فليس لكائن من كان حتى وإن كان يتمتع بحصانة نيابية أن يلقي اتهامات دون دليل، هذه قاعدة عامة «البينة على من ادعى»، و«المتهم بريء حتى تثبت إدانته» أيضاً هذه قاعدة عامة، وعليه فإننا نطالب بأن تعود الأمور لنصابها أي لقبة البرلمان وأن تكون علنية هناك فقط، كي يتسنى لنا معرفة الحقيقة، نحن الآن أمام هوشة في الشارع بين طرفين يقال لهما حين يراد فض اشتباكهما إحنا نروح «القسم» أحسن، ونحن نقول لهم إحنا نروح المجلس أحسن.
{{ article.visit_count }}
ومن بعد نشر الرد في الصحافة لم يتبين إن كانت اللجنة البرلمانية قد اقتنعت بتوضيحات رئيس مجلس الإدارة أم لا، إلا أنها استمرت ممثلة برئيسها وبعض أعضائها بتوجيه العديد من الاستفسارات والتلميح عبر الصحافة لأن هناك «تلاعباً» بالأرقام «فاضطرت الهيئة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد عدد من النواب، وذلك حرصاً منها -وفق ادعائها- على إحقاق الحق بشكل قانوني من خلال الجهات القانونية الرسمية المختصة، تجاه ما اعتبرته تكراراً لعدد من النواب بالإساءات العلنية والتهم الزائفة لمؤسسة عريقة من مؤسسات الدولة مؤتمنة على مقدرات أبناء الوطن ومسؤولة عن توفير الحماية اللازمة للمواطنين عند الشيخوخة أو المرض أو العجز، والطعن والتشكيك في نزاهة وكفاءة منتسبيها والإشهار بذلك من خلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دون أي اعتبار أو رادع».
كيف للمواطن العادي أن يعرف من هو المحق في هذا الخلاف النيابي مع السلطة التنفيذية والخلاف مازال على صفحات الجرائد؟ والخلاف ليس شخصياً كما نعرف بل هو على مال عام، ومن حق الرأي العام أن يعرف أين ذهبت أمواله؟ وكيف تم التصرف بها؟ وأن يعرف أيهما المحق، طالما أصبحت الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي هي ميدان المعركة وهنا تكمن القصة.
الإشكالية أن قبة البرلمان التي هي محل فض «النزاعات» في حال وجود خلاف بين الطرفين «التشريعية والتنفيذية» مازالت خارج الحسبة، واللجنة لم تنته من تقريرها بعد، ولم يتعين موعد لمناقشة التقرير تحت القبة بل تحول السجال إلى صفحات الجرائد.
كرأي عام لم نسمع النقاش والجدل بين الطرفين بعد، وردود الهيئة «إعلامياً» غير واضحة بمعنى أن الهيئة لم ترد «إعلامياً» على تفاصيل كل اتهام وجه إليها، وقد تكون الهيئة قررت أن تنتظر وترد على التقرير تحت القبة، وهذا حقها ولا يقلل من موقفها القانوني.
الخلاف تطور لأن اللجنة لم تنتظر انتهاء التقرير وآثرت التوجه مباشرة للرأي العام وتوجيه الاتهامات عبر الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، فتلقف الرأي العام تلك الاتهامات وأصبحت بالنسبة له «أحكاماً» وليست مجرد اتهامات، هنا لجأت الهيئة لاتخاذ «إجراءات قانونية» لحماية سمعتها لأن الخلاف لم يحصر داخل القبة ليتسنى لها الرد بالتفصيل وفق الإجراءات واللوائح الداخلية التي ستضبط آلية الجدل وتعطي كل طرف حق الرد.
هل أخطأت اللجنة في اللجوء للإعلام؟
أولاً من حق الرأي العام أن يكون على اطلاع على كيفية التصرف في ماله العام.
المشكلة تكمن في أن التصريحات حدثت قبل الانتهاء من كتابة التقرير وقبل مناقشته من قبل بقية أعضاء المجلس، وقبل التصويت عليه، وهذا خطأ جسيم عواقبه أنه يحدث بلبلة ويربك الفهم، فالاتهامات عند الرأي العام تتحول لأحكام قطعية، وفي هذا ظلم لمن وجهت اليه تلك الاتهامات ولم يتسن له الدفاع عن نفسه.
الصحيح أنه حين يعرض تقرير اللجنة في جلسة عامة، سيأتي رئيس مجلس الإدارة ويأتي الوزير المعني معه، ويأتي كل من له علاقة بالإدارة التنفيذية ويجلسون جميعاً تحت القبة، ويقف مقرر اللجنة ويقول ما يريد ولن يصادر أحد حقه ولن يمنعه من إصدار أحكام اللجنة واتهاماتها -إن وجدت- والأهم أن الجلسة علنية ويستطيع من يرغب في متابعتها والاستماع للردود، ومن ثم سيصدر الحكم من خلال تصويت النواب على ما جاء في التقرير، ولا يقف الأمر هنا فإن توصل المجلس إلى أن هناك فساداً فعلاً أو سوء إدارة، لهم أن يطرحوا الثقة بالوزير المعني وفقاً لإجراءات اللائحة الداخلية، ولهم أن يحيلوا ما يملكون من أدلة إلى النيابة العامة، ولهم أن يعقدوا مؤتمراً صحفياً ليطلعوا الرأي العام، وكلها فرص للسلطة الرقابية أن تمارس اختصاصاتها، إنما الفرق أن الطرف الآخر ستتاح له فرص الرد العلني وسيعطي حق الدفاع العلني وسيعطي الحق لبقية النواب كذلك حق إبداء الرأي في عمل اللجنة.
تخيل لو أن النيابة العامة قررت هي إصدار الأحكام بعد التحقيق مع المتهم ونشرت رأيها على الرأي العام على أنه حكم وليس تهمة، تخيل أنك أنت المتهم أو ابنك؟ ألن تتحرك حينها للدفاع عن حقك في الدفاع عن نفسك وحقك في فرصتك المتساوية لرد تلك التهم عنك؟
هل أخطأت إذاً الهيئة في اللجوء للقانون لحماية سمعتها؟ أبداً، وهذا حقها وليس فيه تهديد أو منع أو مصادرة صلاحيات لأعضاء اللجنة طالما أن بعض الأعضاء وُجهت لهم تهم علنية، فمن حق أي إنسان إن تضررت سمعته أن يلجأ للقضاء خاصة أن التهم وجهت له في الصحافة لا في المجلس.
السؤال الأهم، هل الاتهامات إذاً باطلة؟ وهل برئت الهيئة من تلك الاتهامات؟
أبداً.. فلم نحصل كرأي عام على الإجابة القطعية على تلك الأسئلة بعد، ولم نعرف الحقيقة بعد، فلا نحن نتهم لجنة التحقيق بأنها كاذبة، ولا نحن نبرئ الهيئة ولا العكس.
ما نقوله إن الضوابط والإجراءات الخاصة بالتحقيق، في أي موقع كان، نيابياً كان أو قضائياً، بنيت على قواعد ثابتة لا تتغير، فليس لكائن من كان حتى وإن كان يتمتع بحصانة نيابية أن يلقي اتهامات دون دليل، هذه قاعدة عامة «البينة على من ادعى»، و«المتهم بريء حتى تثبت إدانته» أيضاً هذه قاعدة عامة، وعليه فإننا نطالب بأن تعود الأمور لنصابها أي لقبة البرلمان وأن تكون علنية هناك فقط، كي يتسنى لنا معرفة الحقيقة، نحن الآن أمام هوشة في الشارع بين طرفين يقال لهما حين يراد فض اشتباكهما إحنا نروح «القسم» أحسن، ونحن نقول لهم إحنا نروح المجلس أحسن.