يبدو للمراقب أن هناك تصارعاً للأفكار الواقعية مع الأفكار الافتراضية في رسم السياسة الخارجية الأمريكية خاصة بالنسبة للشرق الأوسط، والانقسام الأمريكي الذي ساد أثناء الحملات الانتخابية بين الحزبين ومازال موجوداً حتى بعد خروج ترامب من البيت الأبيض لم يشمل الشأن الأمريكي المحلي فحسب، بل امتد للرؤية الاستراتيجية للأمن القومي الأمريكي.
هناك تيار فكري يساري النزعة فرض رؤيته على الخطاب الانتخابي للديمقراطيين تجاه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والسعودية بشكل خاص، فحواه «الافتراض» بأنه بالإمكان تحجيم السعودية بتجاوزها أو بتجاهلها، وبالإمكان محاولة فرض التغيير المطلوب عليها، كان خطاب الانتخابات الديمقراطي افتراضياً بامتياز رفع سقف «التمنيات» بأنهم قادرون على أن يجعلوا من المملكة دولة منبوذة كما صرح بايدن، حتى إذا ما فازوا جربوا تحويل الافتراض إلى حقيقة فاصطدموا بالواقع، لذلك كان تصريح وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بعد فوز بايدن وبعد فشل التقرير واقعياً بامتياز حين قال «يبدو أننا لا نستطيع أن نغير شيئاً في السعودية»!!
ثم صعقت الافتراضية الأمريكية من جديد بالرسالة التي وجهها لها قادة العالم في زيارتهم الداعمة للمملكة العربية السعودية الواحد تلو الآخر، من الخليج كان أول الحضور سمو ولي العهد البحريني ومن ثم ملك الأردن، ومن الدول الإسلامية ماليزيا ومن الشرق الهند وأخيراً روسيا؟ إنها رسالة ببساطة جاءت لتتعامل بواقعية شديدة وتفصح أن السعودية تمثل شريكاً يطلب وده ولا يمكن تجاهله.
العودة للواقعية جعلت بلينكن وزير الخارجية الأمريكية يتباطأ في الجري نحو إيران بعد اندفاع ما قبل الفوز منتظراً الانتخابات الإيرانية في الصيف، خاصة بعد أن تقدم عدد من الجمهوريين بالكونجرس بمشروع يمنع البيت الأبيض من رفع العقوبات دون الرجوع للكونغرس، إذ طرح عدد من الجمهوريين في الكونغرس مشروع قانون يلزم الإدارة الأمريكية باللجوء إلى المجلس التشريعي قبل رفع أي عقوبات على النظام الإيراني.
ويفرض المشروع الذي طرحه عشرون جمهورياً في مجلس النواب على الإدارة طرح رفع العقوبات على الكونغرس لمراجعة الطلب والتصويت عليه. كما ينص المشروع، على مراجعة في الكونغرس لأي اتفاق محتمل مع إيران، في حال تضمن رفعاً للعقوبات على النظام الإيراني، والتصويت عليها رسمياً لإعطاء الموافقة أو رفض الطرح في مجلسي الشيوخ والنواب.
الافتراضية توقعت أن هي تجنب تحميل إيران مسؤولية الإرهاب والفوضى ممكن أن تحتوي العنف الإيراني في المنطقة، فلم تسمِ الإدارة الأمريكية الجهة التي أطلقت الصواريخ على الجنود الأمريكيين في العراق بل قالت «الميليشيات الشيعية» لكن الواقعية الإيرانية صدمتها باستغلالها هذه الافتراضية فكانت النتيجة صواريخ باليستية ومسيرات إيرانية الصنع تطلق على السعودية.
الواقعية ستفرض نفسها محرجة الإدارة الأمريكية في كل مرة ما لم تستجب لها فوراً لأنها ستواجهها عاجلاً أم آجلاً، فالمملكة العربية السعودية رقم صعب جداً في معادلة الشرق الأوسط، ومحمد بن سلمان تحديداً يملك شعبية جامحة بين السعوديين لا يملكها بايدن بين الأمريكيين، والقوى العظمى جميعها تخطب ود السعودية والفراغ السياسي الذي قد تفكر أن تخليه الإدارة الأمريكية في المنطقة سيسد قبل أن يرتد طرفها إليها من قبل العديد من الطامحين لهذه المنزلة.
الواقعية التي يجب أن تواجهها الإدارة الأمريكية أن تحالفاً جديداً في مواجهة إيران في المنطقة أصبح قاب قوسين أو أدنى معادلته نصفها إسرائيلي ونصفها الآخر خليجي، وأن مياه عديدة جرت تحت الجسور عقدت فيها إسرائيل مع دول خليجية اتفاقيات لا يمكن القفز عليها.
الواقعية أن تطوراً كبيراً في الدول الخليجية على صعيد التحرر الاقتصادي وواقع المرأة وحقوق الإنسان فاقت فيه الرعاية الإنسانية في دول الخليج الكثير من المجالات الرعائية الأمريكية ذاتها، كما هو الحال في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية، وتلك المقارنة متاحة للمجتمعات الخليجية بشكل يجعلها متحيزة لأنظمتها وبشدة، فلا تتأثر بالخطاب الأمريكي المتباكي على القيم الإنسانية.
الواقع الذي ستواجهه الافتراضية الأمريكية أن التحالفات الجديدة مع الصين وروسيا خلق سوقاً للسلاح كسر الاحتكار الأمريكي فلم تعد تركيا الحليف المتمرد الوحيد على ذلك الاحتكار، بل أن قائمة الانتظار تشمل الآن دولاً خليجية تقدمت بطلب منظومات روسية.
وتحت كل عنوان من هذه العناوين هناك تفاصيل تترجم إلى عدة مصالح مختلفة ومتنوعة جرى عليها تعديلها لكسر الاحتكار الأمريكي في المنطقة.
كما أن الواقعية التي يجب أن تواجهها الإدارة الأمريكية الجديدة أن إيران لن تحتويها الاتفاقية النووية، وأن سلوكها العدائي في المنطقة وتهديدها للأمن الإقليمي لن يخف ولن يقل ولن يتهذب بالاحتواء.
كلما تعاملنا مع هذه الواقعية بأسرع وقت كلما زادت فرص تطوير العلاقة الأمريكية الخليجية بشكل عام والسعودية بشكل خاص وتعزيز التحالف التاريخي والاستفادة من الفرص المتاحة للاثنين.
هناك تيار فكري يساري النزعة فرض رؤيته على الخطاب الانتخابي للديمقراطيين تجاه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والسعودية بشكل خاص، فحواه «الافتراض» بأنه بالإمكان تحجيم السعودية بتجاوزها أو بتجاهلها، وبالإمكان محاولة فرض التغيير المطلوب عليها، كان خطاب الانتخابات الديمقراطي افتراضياً بامتياز رفع سقف «التمنيات» بأنهم قادرون على أن يجعلوا من المملكة دولة منبوذة كما صرح بايدن، حتى إذا ما فازوا جربوا تحويل الافتراض إلى حقيقة فاصطدموا بالواقع، لذلك كان تصريح وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بعد فوز بايدن وبعد فشل التقرير واقعياً بامتياز حين قال «يبدو أننا لا نستطيع أن نغير شيئاً في السعودية»!!
ثم صعقت الافتراضية الأمريكية من جديد بالرسالة التي وجهها لها قادة العالم في زيارتهم الداعمة للمملكة العربية السعودية الواحد تلو الآخر، من الخليج كان أول الحضور سمو ولي العهد البحريني ومن ثم ملك الأردن، ومن الدول الإسلامية ماليزيا ومن الشرق الهند وأخيراً روسيا؟ إنها رسالة ببساطة جاءت لتتعامل بواقعية شديدة وتفصح أن السعودية تمثل شريكاً يطلب وده ولا يمكن تجاهله.
العودة للواقعية جعلت بلينكن وزير الخارجية الأمريكية يتباطأ في الجري نحو إيران بعد اندفاع ما قبل الفوز منتظراً الانتخابات الإيرانية في الصيف، خاصة بعد أن تقدم عدد من الجمهوريين بالكونجرس بمشروع يمنع البيت الأبيض من رفع العقوبات دون الرجوع للكونغرس، إذ طرح عدد من الجمهوريين في الكونغرس مشروع قانون يلزم الإدارة الأمريكية باللجوء إلى المجلس التشريعي قبل رفع أي عقوبات على النظام الإيراني.
ويفرض المشروع الذي طرحه عشرون جمهورياً في مجلس النواب على الإدارة طرح رفع العقوبات على الكونغرس لمراجعة الطلب والتصويت عليه. كما ينص المشروع، على مراجعة في الكونغرس لأي اتفاق محتمل مع إيران، في حال تضمن رفعاً للعقوبات على النظام الإيراني، والتصويت عليها رسمياً لإعطاء الموافقة أو رفض الطرح في مجلسي الشيوخ والنواب.
الافتراضية توقعت أن هي تجنب تحميل إيران مسؤولية الإرهاب والفوضى ممكن أن تحتوي العنف الإيراني في المنطقة، فلم تسمِ الإدارة الأمريكية الجهة التي أطلقت الصواريخ على الجنود الأمريكيين في العراق بل قالت «الميليشيات الشيعية» لكن الواقعية الإيرانية صدمتها باستغلالها هذه الافتراضية فكانت النتيجة صواريخ باليستية ومسيرات إيرانية الصنع تطلق على السعودية.
الواقعية ستفرض نفسها محرجة الإدارة الأمريكية في كل مرة ما لم تستجب لها فوراً لأنها ستواجهها عاجلاً أم آجلاً، فالمملكة العربية السعودية رقم صعب جداً في معادلة الشرق الأوسط، ومحمد بن سلمان تحديداً يملك شعبية جامحة بين السعوديين لا يملكها بايدن بين الأمريكيين، والقوى العظمى جميعها تخطب ود السعودية والفراغ السياسي الذي قد تفكر أن تخليه الإدارة الأمريكية في المنطقة سيسد قبل أن يرتد طرفها إليها من قبل العديد من الطامحين لهذه المنزلة.
الواقعية التي يجب أن تواجهها الإدارة الأمريكية أن تحالفاً جديداً في مواجهة إيران في المنطقة أصبح قاب قوسين أو أدنى معادلته نصفها إسرائيلي ونصفها الآخر خليجي، وأن مياه عديدة جرت تحت الجسور عقدت فيها إسرائيل مع دول خليجية اتفاقيات لا يمكن القفز عليها.
الواقعية أن تطوراً كبيراً في الدول الخليجية على صعيد التحرر الاقتصادي وواقع المرأة وحقوق الإنسان فاقت فيه الرعاية الإنسانية في دول الخليج الكثير من المجالات الرعائية الأمريكية ذاتها، كما هو الحال في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية، وتلك المقارنة متاحة للمجتمعات الخليجية بشكل يجعلها متحيزة لأنظمتها وبشدة، فلا تتأثر بالخطاب الأمريكي المتباكي على القيم الإنسانية.
الواقع الذي ستواجهه الافتراضية الأمريكية أن التحالفات الجديدة مع الصين وروسيا خلق سوقاً للسلاح كسر الاحتكار الأمريكي فلم تعد تركيا الحليف المتمرد الوحيد على ذلك الاحتكار، بل أن قائمة الانتظار تشمل الآن دولاً خليجية تقدمت بطلب منظومات روسية.
وتحت كل عنوان من هذه العناوين هناك تفاصيل تترجم إلى عدة مصالح مختلفة ومتنوعة جرى عليها تعديلها لكسر الاحتكار الأمريكي في المنطقة.
كما أن الواقعية التي يجب أن تواجهها الإدارة الأمريكية الجديدة أن إيران لن تحتويها الاتفاقية النووية، وأن سلوكها العدائي في المنطقة وتهديدها للأمن الإقليمي لن يخف ولن يقل ولن يتهذب بالاحتواء.
كلما تعاملنا مع هذه الواقعية بأسرع وقت كلما زادت فرص تطوير العلاقة الأمريكية الخليجية بشكل عام والسعودية بشكل خاص وتعزيز التحالف التاريخي والاستفادة من الفرص المتاحة للاثنين.