كم نحتاج أن يترفق بعضنا ببعض، وأن نراعي الظروف التي نمر بها هذه الأيام؛ فالإنسانية تعاني فترة من أصعب الأوقات التي مرت عليها بسبب تفشي فيروس كورونا، وكلما اقتربنا من وسيلة للسيطرة على الفيروس فوجئنا باستحداثه تارة، ثم تحوره تارة أخرى، وأخيراً اندماج سلالات، وظهور أخرى لا يمكن اكتشافها بالمسحة كما حدث في إحدى قرى فرنسا.

ووجب هنا أن نستوقف أنفسنا ونحن نتأمل ما حل بنا من وباء، فلا أحد ينكر أن السلوك البشري أصبح أكثر قسوة من ذي قبل، فلم نعد نتراحم أو يترفق بعضنا ببعض كما أمرت جميع الديانات السماوية.

دائماً ما يتم استخلاص العبر من التاريخ وما مرت به البشرية من قبل، وكيف استطاعت الخروج من الأزمات المماثلة، وقد شهد العالم العديد من الأوبئة التي ليست محلاً للحصر، ولكن كيفية التعامل معها هي الواجب الالتفات إليها، وبمراجعة الأثر وما ذكر في الكتب السماوية والقرآن سنجد أن الأوبئة والابتلاءات تزول بمراجعة النفس وتصحيح مسار التعامل والالتزام بسبل التقرب إلى الله، فالدين المعاملة، كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخالق الناس بخلق حسن، وهنا مكمن الدواء، فنسأل أنفسنا أكنا يعامل بعضنا بعضاً بما أمرنا الله من خلق حسن؟ هل تجنينا على أحد في تعاملاتنا قبل أن نبحث عمن ظلمنا أو تجنٍ علينا؟ كم فترة مرت علينا دون أن نتواصل مع أصدقائنا وأهلنا رغم أن التواصل بات مجانياً من خلال الإنترنت.

هل نحن نترفق ونرحم من حولنا هل يراعي المدير مرؤوسيه في العمل، وهل يشتغل الموظف بضمير تجاه ما يسند إليه من مهام؟ وهل يراعي رب البيت أسرته؟ وهل يترفق بهم في تعامله؟ وهل تراعي ربة البيت أطفالها؟! كلنا لدينا قصور كبر أو صغر في مراعاتنا للآخرين يجب أن نلتفت إليه ونعمل على تصحيح مسار العلاقات ونخفف من الوحشة القائمة بيننا قبل فوات الآوان. لقد بتنا نسمع عن حالات وفاة لصغار في السن وحالات إصابات عدة لمن تربطنا بهم علاقة سواء في العمل أو الأهل أو الجيران، ربما سنحاول تصحيح العلاقات ولكن أخشى أن يكون ذلك بعد فوات الأوان.

لن ينصلح الحال وصلة الرحم منقطعة، ولن يستقيم الأبناء ونحن نجعلهم محل تفريغ لشحنات غضبنا، ولن يكون البيت فيه تراحم دون أن يراعي كل راع رعيته، إذا نظرنا إلى حالنا سنجد صحيح أننا أحسن حالاً من بعض الأمم، ولكن يوجد فينا ما يستوجب التقويم والإصلاح، وكل أعلم بنفسه.

كم من كلمة تبدو خفيفة لحظة قولها، ولكنها قد تجعل حياة إنسان ملؤها ضيق وبؤس، وكم من بسمة تجعل الود قائماً ويزيل أسباب الهم والتشاحن بين النفوس.

فلنرحم أنفسنا ونترفق بالآخرين، ونراجع علاقتنا مع الله، فالعلماء والأطباء يعملون في مجالهم، ونحن أيضاً يجب أن يكون لنا وقفة مع أنفسنا ونسارع في التواصل مع بعضنا البعض وأن نتسامح ونغفر لمن حولنا زلاتهم، وأخيراً أكثروا من الاستغفار ليكون لنا عملاً صالحاً وسبباً يساعدنا في التخلص من هذه الأزمة.