في 10 ديسمبر عام 1948، تم التوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصبح الوثيقة الأبرز في التاريخ للمطالبة بحقوق الإنسان. وقد أشرفت الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية على صياغة الإعلان وفرضت مفاهيمها عليه ثم وقعت هي عليه مع مجموعة من حلفائها. ومن البداية انتبهت الدول الأخرى الأقل حماساً للمفاهيم الغربية سواء في المعسكر السوفيتي آنذاك أو الدول التي لديها دين ثابت وعقيدة متجذرة في ثقافتها مثل السعودية أن هذا الإعلان ما هو إلا تمرير لأجندة غربية صرفة هدفها استقواء الفرد على الجماعة وتمرده عليهم، لذلك تحفظت على القبول به.
اليوم، الكثير من الدول الغربية استخدمت «حقوق الإنسان» لبسط هيمنتها على الدول الأضعف منها بطريقة جديدة مغايرة عن طريقتها السابقة -وهي الحروب والاستعمار المباشر- وتكون بذلك مستمرة في الإمبريالية البغيضة. فهي تتدخل في شؤون الدول باسم حقوق الإنسان وتفرض عليها تبني القوانين التي تراها تتوافق مع مفاهيمها الغربية -قانون الأحوال الشخصية كمثال- وترسل منظماتها -التي تدعي زوراً أنها مستقلة- لتزمجر في الإعلام والمؤتمرات ضد كل من يخالف «حقوق الإنسان».
وقد انتقد نظرية حقوق الإنسان والقوانين التي استنبطت منها عدد من الغربيين أنفسهم، وعلى رأسهم البروفيسور الأمريكي «ايرك بوسنر» أستاذ الحقوق بجامعة شيكاغو والفيلسوف الفرنسي المرموق «ألن دو بونوا» اللذان كشفا عن تناقضات وثغرات فيها. بوسنر مثلاً، يؤكد أن معاهدات حقوق الإنسان فشلت في الوصول إلى أهدافها ولم تنتشل الإنسان من الفقر والعوز كما أريد لها وانتقد غطرسة دول الغرب الغنية في مساعيها لإجبار الدول النامية على تبني مؤسسات وأساليب للحكم وأنظمة حل المنازعات بالطريقة الغربية كي تحصل على مساعداتها. أما بونوا فتساءل «إن كان من المفترض أن للناس مطلق الحرية في فعل ما يشاؤون طالما لا تتعدى حريتهم تلك على حقوق الآخرين. فَلِمَ لا يكون بمقدور الشعوب ذات الأعراف والتقاليد الخاصة «الشعوب الشرقية مثلاً» ممارسة هذا الحق دون أن يظهر لنا هذا صادماً أو مداناً، طالما أنهم لا يسعون إلى فرض تلك العادات على الآخرين؟».
والجدير بالذكر، أن كل من يتجرأ وينتقد نظرية حقوق الإنسان علناً في الغرب يوصف بأبشع الأوصاف وتشن عليه حرب ضروس، لأنها وكما يصفها بنوا: «حقوق الإنسان التي لا تُمَس» غير قابلة للنقاش تقريباً. ولهذا يبدو من غير اللائق أن تنتقد حقوق الإنسان، بل إن بالأمر فضيحة وتجديفاً، كما لو أنك تشكُ في وجود الله..».
«حقوق الإنسان» ليست كلها سيئة بلا شك، ففيها جوانب مضيئة، لكن القدسية التي غلفها الغرب بها تجعلها مزعجة كثيراً لعشرات الدول والجماعات والأدهى أنها اليوم لم تعد نظرية أو معاهدة شكلية يتبناها من يريد أو يرفضها بل أصبحت إلزامية وتطبق جبراً حتى لو جاءت ضد الدين والأعراف وتحولت مفاهيمها إلى سلاح مدمر تستخدمه الدول الأقوى ضد كل من يخالفها الرأي. وهنا عزيزي القارىء تكمن مشكلة المشاكل.
{{ article.visit_count }}
اليوم، الكثير من الدول الغربية استخدمت «حقوق الإنسان» لبسط هيمنتها على الدول الأضعف منها بطريقة جديدة مغايرة عن طريقتها السابقة -وهي الحروب والاستعمار المباشر- وتكون بذلك مستمرة في الإمبريالية البغيضة. فهي تتدخل في شؤون الدول باسم حقوق الإنسان وتفرض عليها تبني القوانين التي تراها تتوافق مع مفاهيمها الغربية -قانون الأحوال الشخصية كمثال- وترسل منظماتها -التي تدعي زوراً أنها مستقلة- لتزمجر في الإعلام والمؤتمرات ضد كل من يخالف «حقوق الإنسان».
وقد انتقد نظرية حقوق الإنسان والقوانين التي استنبطت منها عدد من الغربيين أنفسهم، وعلى رأسهم البروفيسور الأمريكي «ايرك بوسنر» أستاذ الحقوق بجامعة شيكاغو والفيلسوف الفرنسي المرموق «ألن دو بونوا» اللذان كشفا عن تناقضات وثغرات فيها. بوسنر مثلاً، يؤكد أن معاهدات حقوق الإنسان فشلت في الوصول إلى أهدافها ولم تنتشل الإنسان من الفقر والعوز كما أريد لها وانتقد غطرسة دول الغرب الغنية في مساعيها لإجبار الدول النامية على تبني مؤسسات وأساليب للحكم وأنظمة حل المنازعات بالطريقة الغربية كي تحصل على مساعداتها. أما بونوا فتساءل «إن كان من المفترض أن للناس مطلق الحرية في فعل ما يشاؤون طالما لا تتعدى حريتهم تلك على حقوق الآخرين. فَلِمَ لا يكون بمقدور الشعوب ذات الأعراف والتقاليد الخاصة «الشعوب الشرقية مثلاً» ممارسة هذا الحق دون أن يظهر لنا هذا صادماً أو مداناً، طالما أنهم لا يسعون إلى فرض تلك العادات على الآخرين؟».
والجدير بالذكر، أن كل من يتجرأ وينتقد نظرية حقوق الإنسان علناً في الغرب يوصف بأبشع الأوصاف وتشن عليه حرب ضروس، لأنها وكما يصفها بنوا: «حقوق الإنسان التي لا تُمَس» غير قابلة للنقاش تقريباً. ولهذا يبدو من غير اللائق أن تنتقد حقوق الإنسان، بل إن بالأمر فضيحة وتجديفاً، كما لو أنك تشكُ في وجود الله..».
«حقوق الإنسان» ليست كلها سيئة بلا شك، ففيها جوانب مضيئة، لكن القدسية التي غلفها الغرب بها تجعلها مزعجة كثيراً لعشرات الدول والجماعات والأدهى أنها اليوم لم تعد نظرية أو معاهدة شكلية يتبناها من يريد أو يرفضها بل أصبحت إلزامية وتطبق جبراً حتى لو جاءت ضد الدين والأعراف وتحولت مفاهيمها إلى سلاح مدمر تستخدمه الدول الأقوى ضد كل من يخالفها الرأي. وهنا عزيزي القارىء تكمن مشكلة المشاكل.