أستكمل من حيث وقفت في جزء المقال الأول حديثي هنا ذو الشجون.. عن مجون.. البرلمان الأوروبي..
قضت خطة البرلمان الأوروبي ما بعد تدمير ليبيا لإحلال «الديموقراطية» فيها.. فكانت حرفياً عبر دعوة عدد من أعضاء المجلس الانتقالي الليبي حينها لما يشبه «حفلة الشاي» في مقر البرلمان، وتقديم «كورس» لأعضاء المجلس الانتقالي مدته شهر عن «النظام الديموقراطي»، وثم «وداعاً» بجميع لغات دول الاتحاد الأوروبي !.. خطة عمل البرلمان الأوروبي لإحلال «الديموقراطية» في ليبيا ما بعد القذافي جعلت من أغلب الليبيين الذين عانوا وما زالوا يعانون حتى اللحظة من حرب أهلية ودمار اقتصادي واجتماعي.. جعلتهم يتمنون عودة «جحيم» القذافي، والبصق على «نعيم» البرلمان الأوروبي الكاذب.
مكنني كوني مديراً إقليمياً لأحد أهم مراكز البحث المتخصصة في الشؤون الدولية والجيوسياسية في عاصمة أوروبا، بلجيكيا، من أن أحضر في عام 2015، جلسة مناقشة حضرها عدد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، دارت حول الديموقراطية في الشرق الأوسط، وأذكر حينها بأن نائب رئيس المفوضية الأوروبية السيد/ كولن سايكلونا، كن من جملة المتحدثين، وفي كلمته انتقد أوضاع «حقوق الإنسان» في منطقة الخليج تحديداً، وعندما فتح المجال للحضور للتداخل أعطيت الفرصة للتحدث، فخاطبته تحديداً: «مع كامل الاحترام سيد كولن، هل وقفت عياناً على أوضاع حقوق الإنسان في منطقة الخليج، لتكون مثل هذه القناعة؟ فأجاب: «قناعتي هذه بنيت أغلبها عبر تقارير لمنظمات دولية مهنية ومعنية بحقوق الإنسان»!.. فقلت له: «دعني أخبرك عن حقيقة أنت ومثل هذه المنظمات تتجاهلونها عمداً حول وضع حقوق الانسان في منطقتنا.. المواطن الخليجي يتمتع بحقوق هي بمثابة أحلام لمواطنيكم في الاتحاد الأوروبي»!.. فسألني: «مثل ماذا؟!».. فأجبته: «المواطن الخليجي لا يدفع ضريبة دخل، والدولة تتكفل بتعليمه وصحته بشكل مجاني، وتوفر له السكن، وحتى ما يعكسه أداء هذه الدول المشرف في المؤشرات التنموية الدولية.. بينما مثل هذه «الحقوق» تعتبر أحلاما لدى مواطنيكم أنتم من تدعون توفير الرفاه الاجتماعي للمواطن الأوروبي!.. ويا ليتك تقترح كونك مسؤولاً رفيعاً في الاتحاد الأوروبي، أن يتم استفتاء مواطني الاتحاد على سؤال واحد.. هل تريدون الديموقراطية أم مستوى الرفاه الاجتماعي المتوفر للمواطن الخليجي؟.. ودعنا بعدها سيد كولن نستكمل حديثنا!».. انتهى، ولم يحدث مثل هذا «الاستفتاء» حتى اليوم!
قبل الختام، إليكم هذه المفارقة.. بينما كان يدبج البرلمان الأوروبي بيانه حول وضع حقوق الإنسان في البحرين.. كان فخامة الرئيس الصربي ضيفاً عزيزاً في البحرين.. يلقي خطابه بحضور جلالة الملك المفدى، والذي أثنى فيه بحرارة وامتنان على ما قدمته المملكة من مساعدات طبية لصربيا خلال جائحة كورونا.. وهو الرئيس نفسه الذي خرج أمام العالم في مؤتمر صحفي في صربيا ينتقد تخاذل الاتحاد الأوروبي التام عن مد يد العون لبلاده في مثل هذا الظرف الصحي العالمي، وتساءل حينها.. «أين التضامن الأوروبي الذي بشرتم به دول هذه القارة قبل كورونا «؟!
ختاما.. وباختصار، البرلمان الأوروبي وقصته مع البحرين ينطبق عليها المثل المصري.. «ما لقوش في الورد عيب.. قالوا يا أحمر الخدين»!
* كاتب وباحث بحريني
{{ article.visit_count }}
قضت خطة البرلمان الأوروبي ما بعد تدمير ليبيا لإحلال «الديموقراطية» فيها.. فكانت حرفياً عبر دعوة عدد من أعضاء المجلس الانتقالي الليبي حينها لما يشبه «حفلة الشاي» في مقر البرلمان، وتقديم «كورس» لأعضاء المجلس الانتقالي مدته شهر عن «النظام الديموقراطي»، وثم «وداعاً» بجميع لغات دول الاتحاد الأوروبي !.. خطة عمل البرلمان الأوروبي لإحلال «الديموقراطية» في ليبيا ما بعد القذافي جعلت من أغلب الليبيين الذين عانوا وما زالوا يعانون حتى اللحظة من حرب أهلية ودمار اقتصادي واجتماعي.. جعلتهم يتمنون عودة «جحيم» القذافي، والبصق على «نعيم» البرلمان الأوروبي الكاذب.
مكنني كوني مديراً إقليمياً لأحد أهم مراكز البحث المتخصصة في الشؤون الدولية والجيوسياسية في عاصمة أوروبا، بلجيكيا، من أن أحضر في عام 2015، جلسة مناقشة حضرها عدد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، دارت حول الديموقراطية في الشرق الأوسط، وأذكر حينها بأن نائب رئيس المفوضية الأوروبية السيد/ كولن سايكلونا، كن من جملة المتحدثين، وفي كلمته انتقد أوضاع «حقوق الإنسان» في منطقة الخليج تحديداً، وعندما فتح المجال للحضور للتداخل أعطيت الفرصة للتحدث، فخاطبته تحديداً: «مع كامل الاحترام سيد كولن، هل وقفت عياناً على أوضاع حقوق الإنسان في منطقة الخليج، لتكون مثل هذه القناعة؟ فأجاب: «قناعتي هذه بنيت أغلبها عبر تقارير لمنظمات دولية مهنية ومعنية بحقوق الإنسان»!.. فقلت له: «دعني أخبرك عن حقيقة أنت ومثل هذه المنظمات تتجاهلونها عمداً حول وضع حقوق الانسان في منطقتنا.. المواطن الخليجي يتمتع بحقوق هي بمثابة أحلام لمواطنيكم في الاتحاد الأوروبي»!.. فسألني: «مثل ماذا؟!».. فأجبته: «المواطن الخليجي لا يدفع ضريبة دخل، والدولة تتكفل بتعليمه وصحته بشكل مجاني، وتوفر له السكن، وحتى ما يعكسه أداء هذه الدول المشرف في المؤشرات التنموية الدولية.. بينما مثل هذه «الحقوق» تعتبر أحلاما لدى مواطنيكم أنتم من تدعون توفير الرفاه الاجتماعي للمواطن الأوروبي!.. ويا ليتك تقترح كونك مسؤولاً رفيعاً في الاتحاد الأوروبي، أن يتم استفتاء مواطني الاتحاد على سؤال واحد.. هل تريدون الديموقراطية أم مستوى الرفاه الاجتماعي المتوفر للمواطن الخليجي؟.. ودعنا بعدها سيد كولن نستكمل حديثنا!».. انتهى، ولم يحدث مثل هذا «الاستفتاء» حتى اليوم!
قبل الختام، إليكم هذه المفارقة.. بينما كان يدبج البرلمان الأوروبي بيانه حول وضع حقوق الإنسان في البحرين.. كان فخامة الرئيس الصربي ضيفاً عزيزاً في البحرين.. يلقي خطابه بحضور جلالة الملك المفدى، والذي أثنى فيه بحرارة وامتنان على ما قدمته المملكة من مساعدات طبية لصربيا خلال جائحة كورونا.. وهو الرئيس نفسه الذي خرج أمام العالم في مؤتمر صحفي في صربيا ينتقد تخاذل الاتحاد الأوروبي التام عن مد يد العون لبلاده في مثل هذا الظرف الصحي العالمي، وتساءل حينها.. «أين التضامن الأوروبي الذي بشرتم به دول هذه القارة قبل كورونا «؟!
ختاما.. وباختصار، البرلمان الأوروبي وقصته مع البحرين ينطبق عليها المثل المصري.. «ما لقوش في الورد عيب.. قالوا يا أحمر الخدين»!
* كاتب وباحث بحريني