يُنسب للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه هذان البيتان اللذان يدلان على الأخوة الحقة والصداقة المثلى، يقول فيهما:إِنَّ اَخاكَ الحَقّ مَن كانَ مَعَكوَمَن يَضِرُّ نَفسَهُ لِيَنفَعَكوَمَن إِذا ريبَ الزَمانُ صَدَعَكشَتَّتَ فيكَ شَملَهُ لِيَجمَعَكولعل أسمى آيات الصداقة والمودة تلك التي تكون بين المؤمنين المتقين، فهي صداقة ومودة لا تنقطع إلى يوم القيامة وتستمر في جنة الفردوس مصداقاً لقوله تعالى: «الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين» فكل صداقة تنقلب يوم القيامة إلى عداوة إلا صداقات المتقين، لأنها صداقة لم تقم لمصلحة دنيوية وإنما لله سبحانه وتعالى فهي دائمة بدوامه.. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «لو أن رجلين تحابا في الله أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب لجمع الله بينهما يوم القيامة، يقول هذا الذي أحببته فيّ».والصداقات أنواع وملل ونحل، لكن علينا حتى نحتفظ بأصدقائنا وصداقاتنا أن لا نكثر من لومهم وأن لا نتتبع عيوبهم وعوراتهم.. يقول بشار بن برد:إذا كنت في كل الأمور معاتباًصديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبهفعش واحداً أو صل أخاك فإنهمقارف ذنب مرة ومجانبهوكلمة الصداقة مشتقة من الصدق، ولا خير في صداقة لا تقوم على الصدق، بل على المصلحة والنفعية فإنها تنتهي بمجرد زوال المنفعة أو المصلحة الشخصية.يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه في قصيدة له:تغيرت المودة والإخاءوقل الصدق وانقطع الرجاءوأسلمني الزمان إلى صديقكثير الغدر ليس له رعاءأخلاء إذا استغنيت عنهموأعداء إذا نزل البلاءيديمون المودة ما رأونيويبقى الود ما بقي اللقاءوكل مودة لله تصفوولا يصفو مع الفسق الإخاءوكل جراحة فلها دواءوسوء الخلق ليس له دواءويقول الإمام الشافعي:سلام على الدنيا إذا لم يكن بهاصديق صدوق صادق الوعد منصفاومن قصص السيرة المحمدية العطرة أنه لما انتهى الأمر بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصديقه أبي بكر الصديق إلى غار ثور للمبيت فيه في ليلة الهجرة إلى المدينة المنورة، تقدم أبو بكر الصديق ودخل الغار قبل النبي عليه الصلاة والسلام ليتحسس الغار وليرى إن لم يكن به سبع أو أفعى ليفتدي النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل دلالة واضحة على حب أبي بكر الصديق رضي الله عنه للرسول عليه الصلاة والسلام.وقل لي من تصادق أقول لك من أنت.