سألني الصديق: لماذا يسكت المثقف في البلاد العربية أمام العنف والفوضى والتوحش والظلم والطائفية المقيتة؟ هل هو الخوف أم هي الانتهازية أم أن طبيعة المثقف وموقعه ضمن الهرم الاجتماعي يكمنان وراء هذا الموقف؟
قلت: في بعض مضامين هذه الأسئلة ظلم للمثقفين، وفي التعميم ظلم آخر، لأن المثقف الحقيقي بطبيعته ضد العنف والفوضى، وضد الظلم والطائفية وغير ذلك من أسس الخراب والتخريب لمجتمعاتنا العربية؛ فالواقع يقول إن المثقفين العرب لم يكونوا على موقف واحد أو تحليل واحد لما حدث ويحدث في الوطن العربي أو ما بقي منه من تقلبات وحروب وانتفاضات وفوضى، كما أن البعض الآخر قد أبدى باستمرار رأيه صراحة وبشجاعة، وامتنع البعض الآخر -لأسباب مختلفة ذاتية وموضوعية- ولكن الخوف الذي قد يعتري البعض أمام الأحداث الجسام قد يربكهم، فيمتنعون عن الكلام المباح وغير المباح، وهذا ما تسميه أنت بـ«صمت المثقفين».
قال الصديق: هؤلاء الذين تتحدث عنهم عديمو الشجاعة لأنهم يسكتون عن كافة أشكال الفساد والظلم والفوضى، أو يساندون الحرفية ويخشون مواجهة التخلف والبلادة، فيتخلون بذلك عن دورهم في التنوير والتحرير. وقد يمتنع البعض الآخر منهم عن أي كلام نتيجة اختلاط الحابل بالنابل وارتباك القيم واهتزاز الثوابت، وخصوصاً في ظل ما يتعرضون له من تهميش مزمن، يجعلهم ينكفئون على ذواتهم، ولا يرون أي مصلحة في الدخول أي معركة من المعارك مهما كانت نبيلة.
قلت: يجب أن تعترف بأن جزءاً مهماً من المثقفين لم يلوذوا بالصمت، كما تدعي، بل رفعوا أصواتهم عالياً، وكانوا دائماً مستعدين لتحمل المسؤولية كاملة نتيجة لتلك المواقف، ولذلك لا يزال يحدوني الأمل والثقة بأن التاريخ يتحرك إلى الأمام وأن المثقف ما يزال بإمكانه مواجهة الرداءة والبلادة والخرافة وصنوف الظلم والتعدي على إنسانية الإنسان وكرامته، فهو جزء من كيان هذه الأمة المغلوبة على أمرها، المرهقة بتاريخها، والمتطلعة إلى الخروج من حالة الانكسار والتردي.
قال الصديق: في رأيي هنالك وجهان لأزمة المثقف العربي: الأول يتعلق بتراجع الالتزام عند العديد من مثقفينا، والثاني تراجع قيم التنوير عند البعض الآخر وانخراطهم في ثقافة أصولية أو سحرية، أو ترفع من شأن «الهلاميات اللغوية».
قلت: هذا صحيح، ولكن من المؤكد أن قوة الفرد وجرأته وثقته بنفسه وتحرره من مختلف أشكال الخوف هو المدخل لتحرر وتحرير الإنسان بمن في ذلك المثقف، فيقوده العقل والتساؤل وجرأة النقد، ولكن عندما يسود لديه اليقين والتلقين والامتثال والخوف، يتوقف عن أي فعل، ولا يقوى على البوح بأي فكرة حتى لنفسه. إن وظيفة المثقف الأساسية التعبير عن ضمير المجتمع، بالتوجيه والنقد والكشف والمصارحة وإعلان الحقائق والالتزام الذي يجعله لا يستكين للواقع بكل عيوبه ومفاسده ومغرياته وتهديداته، فيعمل على فهمه وتحليله وتغييره في ذات الوقت.
قلت: في بعض مضامين هذه الأسئلة ظلم للمثقفين، وفي التعميم ظلم آخر، لأن المثقف الحقيقي بطبيعته ضد العنف والفوضى، وضد الظلم والطائفية وغير ذلك من أسس الخراب والتخريب لمجتمعاتنا العربية؛ فالواقع يقول إن المثقفين العرب لم يكونوا على موقف واحد أو تحليل واحد لما حدث ويحدث في الوطن العربي أو ما بقي منه من تقلبات وحروب وانتفاضات وفوضى، كما أن البعض الآخر قد أبدى باستمرار رأيه صراحة وبشجاعة، وامتنع البعض الآخر -لأسباب مختلفة ذاتية وموضوعية- ولكن الخوف الذي قد يعتري البعض أمام الأحداث الجسام قد يربكهم، فيمتنعون عن الكلام المباح وغير المباح، وهذا ما تسميه أنت بـ«صمت المثقفين».
قال الصديق: هؤلاء الذين تتحدث عنهم عديمو الشجاعة لأنهم يسكتون عن كافة أشكال الفساد والظلم والفوضى، أو يساندون الحرفية ويخشون مواجهة التخلف والبلادة، فيتخلون بذلك عن دورهم في التنوير والتحرير. وقد يمتنع البعض الآخر منهم عن أي كلام نتيجة اختلاط الحابل بالنابل وارتباك القيم واهتزاز الثوابت، وخصوصاً في ظل ما يتعرضون له من تهميش مزمن، يجعلهم ينكفئون على ذواتهم، ولا يرون أي مصلحة في الدخول أي معركة من المعارك مهما كانت نبيلة.
قلت: يجب أن تعترف بأن جزءاً مهماً من المثقفين لم يلوذوا بالصمت، كما تدعي، بل رفعوا أصواتهم عالياً، وكانوا دائماً مستعدين لتحمل المسؤولية كاملة نتيجة لتلك المواقف، ولذلك لا يزال يحدوني الأمل والثقة بأن التاريخ يتحرك إلى الأمام وأن المثقف ما يزال بإمكانه مواجهة الرداءة والبلادة والخرافة وصنوف الظلم والتعدي على إنسانية الإنسان وكرامته، فهو جزء من كيان هذه الأمة المغلوبة على أمرها، المرهقة بتاريخها، والمتطلعة إلى الخروج من حالة الانكسار والتردي.
قال الصديق: في رأيي هنالك وجهان لأزمة المثقف العربي: الأول يتعلق بتراجع الالتزام عند العديد من مثقفينا، والثاني تراجع قيم التنوير عند البعض الآخر وانخراطهم في ثقافة أصولية أو سحرية، أو ترفع من شأن «الهلاميات اللغوية».
قلت: هذا صحيح، ولكن من المؤكد أن قوة الفرد وجرأته وثقته بنفسه وتحرره من مختلف أشكال الخوف هو المدخل لتحرر وتحرير الإنسان بمن في ذلك المثقف، فيقوده العقل والتساؤل وجرأة النقد، ولكن عندما يسود لديه اليقين والتلقين والامتثال والخوف، يتوقف عن أي فعل، ولا يقوى على البوح بأي فكرة حتى لنفسه. إن وظيفة المثقف الأساسية التعبير عن ضمير المجتمع، بالتوجيه والنقد والكشف والمصارحة وإعلان الحقائق والالتزام الذي يجعله لا يستكين للواقع بكل عيوبه ومفاسده ومغرياته وتهديداته، فيعمل على فهمه وتحليله وتغييره في ذات الوقت.