انتظرنا بشغف كبير أمام شاشات التلفاز والهواتف لنرى أو نقرأ خبراً يعيد لنا الأمل في القضاء على الوباء الذي حَكَم بحبس البشرية، وأوقف الحياة إلى إشعار آخر، من منا لم يكن يتمنى ظهور اللقاح بأقصى سرعة لنعود لحياتنا وممارساتنا، ولنطمئن على أنفسنا وأهلينا وبلادنا من خطر محدق لا نعلم إلى أي مدى قد تصل تأثيراته، التي مازلنا نحاول إحصاءها وتحجيمها، فلماذا التشكيك الآن في كل أمل نجح العالم في الوصول إليه؟ أهذا اللقاح الأول الذي يتم تصنيعه في العالم؟ وفيم الانتظار؟

من العجيب أن نجد من لا يعلم، ومن هو غير متخصص، ولا صاحب معرفة دقيقة، يتدخل في تفنيد طرق وتقنيات تصنيع اللقاحات وإنتاجها، والأعجب أن يفتي بثقة في صلاحية اللقاحات وآثارها الجانبية وخزعبلات ليس لها تبرير، ألم يقل المولى تبارك وتعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، وقد منَّ الله علينا بفريق طبي وطني يعمل ليل نهار من أجل سلامتنا وصحتنا والحفاظ على حياتنا، هذا الفريق العاكف على البحث والقراءة والتجريب والتطوير ليحدد لنا الأنسب والأفضل.

قد أتفهم أحياناً وقوعنا تحت تأثير الإعلام الدولي ومنصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت واقعاً مفروضاً بوجود الإنترنت، وملاذاً سهلاً لأصحاب الأهداف والرسائل، للوصول إلى عدد ضخم من الجماهير كل مكان، وربما كان للرسائل المتعلقة باللقاحات، وفكرة تسويقها، والمفاضلة بينها، تأثير قوي على قرارات الناس ونظرتهم للأمر برمته، لكن يزداد عجبي واستغرابي ممن يصل معك في نهاية حواره الذي غالباً ما يسلم في نهايته بخطأ تفكيره بقوله: «لو أجبرونا عليه للسفر أو التوظيف أو شيء من هذا القبيل سنأخذه وإلا فإنّا منتظرون». يا صديقي أيّ إجبارٍ هذا الذي تتحدث عنه؟ وماذا تنتظر؟

لن يُجبَرَ أحدٌ على شيٍء. في النهاية هذا قرار شخصي نابع من إحساسك بالمسؤولية تجاه نفسك وأهلك ومجتمعك وبلدك، وأي دليل تحتاج لتتأكد من أهمية الحصول على اللقاح بعد كل ما وضحته الحكومة ووزارة الصحة وفريق البحرين الوطني، الذين يمدوننا باستمرار بالمعلومات والأخبار بمنتهى الشفافية والوضوح لتكون المسؤولية مشتركة بين الجميع، ولكل متخوفٍ ومشككٍ فلتسأل نفسك: «ماذا عن الذين حصلوا على اللقاح من حولنا؟» الذين بلغ عددهم حتى كتابة المقال ووفقاً للإحصاء الرسمي 530415 حصلوا على الجرعة الأولى و286964 حصلوا على الجرعة الثانية، أي أن ثلث سكان مملكة البحرين تقريباً حصلوا على اللقاح وهو أمر يميز جهود المملكة الحثيثة والملموسة في هذا الشأن منذ بداية الجائحة. فلو كان خطراً أو افترضنا جدلاً صحة تكهنات المتخوفين والمشككين، فلماذا الصراع على توزيع اللقاح؟ ولماذا الدعوات المتكررة لضمان التوزيع العادل له على الدول؟ من حقك أن تطمئن وأن تسأل وتحصل على إجابات وافية وكافية، وهذا أمر متاح على مدار الساعة من قبل وزارة الصحة والفريق الوطني، ثقتنا في جهود فريقنا وحكومتنا عقيدة راسخة، فلننأَ بأنفسنا عن أي جدال معلوماتي تسويقي لا طائل منه سوى مزيد من التردد والتخوف.

* أستاذ الإعلام المساعد