«الإنساني» فينا هو الجوهري، وهو ما يبقى في النهاية بعد أن ينتهي كل شيء ويفنى. ولذلك فمن فقد «الإنساني» من الصعب أن يستعيده، لأن فقده يعني فقدان القدرة على إدراك مشاعر الآخرين، ومعاناتهم وتطلعاتهم «سواء أكانوا قريبين منا أو بعيدين»، لأنك عندما تسير في الشوارع والطرقات، وترى تلك الوجوه بألوانها المتعددة، فإنك لا ترى في الواقع سوى الإنسان، يلفه النور والظلام والأمل والنسيان، في رحلة الهراء العنصري والطائفي. فتلك الوجوه لا تجمعها سوى الإنسانية، ولا يمكن أن تستقل بثقافاتها من أجل إيقاظ الحروب، وإنما تستثمر الخلاف لبناء ثقافة متعددة.
ومن هنا يجب أن يجعلنا «الحس الإنساني» نقف برهبة أمام ألم الإنسان واحتياجه وجرحه، لأنه لا شيء يشبهنا في الكون مثل الإنسان، ولا شيء يجب أن يعنينا أكثر من كرامته التي منحها الخالق له، بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه، فكل إنسانيته، هي كل إنسانيتنا التي يحميها الضمير، ويمنعها من فاسد القول والفعل. ولكننا واجدون من يستخدم شيطان العقل واللغة بأقصى شره، كي يدك نفس الإنسان، وعندما تكون القسوة مُدركةً لفعلها، فإنها تكون مروعة، وأشد إيذاء من أي فيروس قاتل ومن أية جائحة مهلكة. فمهما اختلفنا في الرأي والدين والمذهب والموقف والموقع، لا يجب أن نفقد هذا الحس الإنساني، لأن فقده يؤدي في الغالب إلى التوحش والقسوة، وإلى سلسلة من الأفعال الدنيئة. وأحداث التاريخ القديم والحديث تنبئنا بأن أكثر الأفعال توحشاً، ناجمة في الأساس عن ذلك الفقد، عندما يتحول الإنسان إلى لا إنسان، فيفتك بالآخر فتكاً. إن فقدان الحس الإنساني، إذا ما حدث، فإنه يقود إلى كارثة في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، بعكس التعاطف الذي يغذّي الأمل ويوسع الإنساني فينا، وينشر التفهم والتعاطف والاحترام...ولذلك فإن الذين يفتقدونه مهما كانت مواقعهم وأدواتهم، هم في العادة نوع من الوباء المتوحش، قاصرون عن تحقيق وجودهم، إلاّ بإيذاء الآخرين والفرح لمصابهم، بما ينم عن موت الإنسان في قلوبهم، وزوال نوازع الخير من ضمائرهم. هؤلاء نجدهم في كلّ مكان: في كريات الدم الحمراء والبيضاء.. في تخوم المدن والأرياف، في رحلة الشتاء والصيف، إنهم الفيروس الذي يحتاج إلى لقاحات أقوى من لقاحات كورونا، يقيمون جدراناً تحيط بأنانيتهم وتؤسس لعزلة إنسانية لا يمكن الإفلات منها.
* همس:
تهب روائح الرحلة على وجوهنا،
وفي طرقات مهدَّمة لامبالية.
إلى أين نمضي والسبل مغلّقة،
والشِّتاء يحتض بؤس الكتابة،
لا يكترث لفوارق التوقيت،
ولا للطرقاتٍ الخالية كل صباح؟
لم يعد الوقت كافياً كي نموت،
وجدار الوقت لا يكفي للرحلة،
والرَّذاذ لا يعلن عن مطر قادم.
{{ article.visit_count }}
ومن هنا يجب أن يجعلنا «الحس الإنساني» نقف برهبة أمام ألم الإنسان واحتياجه وجرحه، لأنه لا شيء يشبهنا في الكون مثل الإنسان، ولا شيء يجب أن يعنينا أكثر من كرامته التي منحها الخالق له، بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه، فكل إنسانيته، هي كل إنسانيتنا التي يحميها الضمير، ويمنعها من فاسد القول والفعل. ولكننا واجدون من يستخدم شيطان العقل واللغة بأقصى شره، كي يدك نفس الإنسان، وعندما تكون القسوة مُدركةً لفعلها، فإنها تكون مروعة، وأشد إيذاء من أي فيروس قاتل ومن أية جائحة مهلكة. فمهما اختلفنا في الرأي والدين والمذهب والموقف والموقع، لا يجب أن نفقد هذا الحس الإنساني، لأن فقده يؤدي في الغالب إلى التوحش والقسوة، وإلى سلسلة من الأفعال الدنيئة. وأحداث التاريخ القديم والحديث تنبئنا بأن أكثر الأفعال توحشاً، ناجمة في الأساس عن ذلك الفقد، عندما يتحول الإنسان إلى لا إنسان، فيفتك بالآخر فتكاً. إن فقدان الحس الإنساني، إذا ما حدث، فإنه يقود إلى كارثة في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، بعكس التعاطف الذي يغذّي الأمل ويوسع الإنساني فينا، وينشر التفهم والتعاطف والاحترام...ولذلك فإن الذين يفتقدونه مهما كانت مواقعهم وأدواتهم، هم في العادة نوع من الوباء المتوحش، قاصرون عن تحقيق وجودهم، إلاّ بإيذاء الآخرين والفرح لمصابهم، بما ينم عن موت الإنسان في قلوبهم، وزوال نوازع الخير من ضمائرهم. هؤلاء نجدهم في كلّ مكان: في كريات الدم الحمراء والبيضاء.. في تخوم المدن والأرياف، في رحلة الشتاء والصيف، إنهم الفيروس الذي يحتاج إلى لقاحات أقوى من لقاحات كورونا، يقيمون جدراناً تحيط بأنانيتهم وتؤسس لعزلة إنسانية لا يمكن الإفلات منها.
* همس:
تهب روائح الرحلة على وجوهنا،
وفي طرقات مهدَّمة لامبالية.
إلى أين نمضي والسبل مغلّقة،
والشِّتاء يحتض بؤس الكتابة،
لا يكترث لفوارق التوقيت،
ولا للطرقاتٍ الخالية كل صباح؟
لم يعد الوقت كافياً كي نموت،
وجدار الوقت لا يكفي للرحلة،
والرَّذاذ لا يعلن عن مطر قادم.