أرسل لي أحد الأصدقاء تعقيباً على مقالة سابقة: «الديمقراطية الطائفية»، أهم ما جاء فيه:
«نحن لا نصنع المجتمع، بل هو الذي يصنعنا، ويشكل البنية الثقافية والسياسية التي تدير حياتنا. ولذلك لا يمكن القفز على هذا الواقع لمجرد اعتقادنا بأن الطائفية أو النزعات العرقية بغيضة ومرفوضة. فعديدة هي المجتمعات التي تعاني من انقسامات (عرقية-دينية-طائفية ومناطقية ولغوية...) ومع ذلك استطاعت اجتراح سبل للعيش المشترك، وبناء التوافق السياسي لإدارة شؤونها على نحو سلمي. وفي البلاد العربية هنالك أقطار يصل فيها حجم التنوع الإثني أو الديني أو الطائفي إلى مستويات كبيرة، قد يكون من الصعب تجاهلها في أي مشروع لبناء الديمقراطية التي تستوعب التعددية، حتى لو كانت طائفية».
كتبت للصديق: إن المجتمع الذي يؤثر في تكويننا وفي نظرتنا إلى الأشياء هو نفسه الذي نعود فنؤثر فيه بوعينا. ولذلك فعندما يقبل المجتمع السياسي تنظيم نفسه على أسس غير مدنية مواطنية، وبالتالي ممارسة السياسة من منطلقات طائفية أو عرقية، فإن النتائج غالبا ما تكون سلبية من عدة جوانب، منها على الأقل:
أولاً: إعاقة التطور الطبيعي للمجتمع ووحدته الوطنية المدنية التي هي أساس نشوء وبناء الدولة المدنية الحديثة، فوجود النزعات التفتيتية، وتمركزها الجغرافي والسياسي واستحواذها على كل شيء وترويجها لقراءتها للتاريخ وللمستقبل، بما يجعلها تمتلك سلطات أكبر من سلطة الدولة نفسها.
ثانيًا: خطر العصبية التفتيتية القائمة على مرجعيات فوق الدولة وفوق القانون، يأتي من كونها مغلقة ومنتجة لإيديولوجية متعصبة، تحولها إلى أداة لتفتيت المجتمع، وإعاقة تأسيس مؤسسات المجتمع المدني، مثل الأحزاب والمنظمات المهنية والاجتماعية المبنية على أساس وطني ومدني جامع، وبالتالي تشويه العمل السياسي وعرقلة تكوين الوعي المواطني.
ثالثاً: صلابة البنية الاجتماعية التفتيتية التي تبدو أوقى من الدولة نفسها، تجعلها قادرة على ابتزاز المجتمع والدولة معاً، خاصة عندما تستولي على الخزان الانتخابي في المجتمعات التي تشهد انتخابات. وهكذا يتحول الصراع الاجتماعي المدني السياسي إلى صراع فئوي طائفي أو عرقي، وغالباً ما يقود ذلك إلى نشوب صراع أو حرب طاحنة على أساس: «نحن أو أنتم».
ولذلك، فإني أرى ضرورة رفض هذا النوع من التفكير، لأسباب فكرية وأخلاقية وواقعية، والبحث خارج الخطاب التفتيتي بتبني الخطاب العقلاني الوطني الذي يوحد المجتمع على أساس المواطنة المتساوية والحرية والديمقراطية. وهذا لن يتأتى إلا ببناء مجتمع مدني ديمقراطي يتساوى أفراده أمام الدولة وأمام القانون.
* همس:
الحياة قصيرةٌ كما ترى.
قالها، ثم أدار ظهره للعالم
ومضى.
ترك لي ما بقي من اليوم
شظايا البحر
والفراغ الذي يعرِّي الأجنحة،
والتواريخ التي كتبنا على ظهر الريح.
والموسيقا الهاربة من العناق.
انتهت الرحلة والمغادرون
رحلوا بلا رجعة.
وجوه عارية مثل الماء،
وكعطش لا ينتهي،
وهذا الموت الذي يحاصرنا.
«نحن لا نصنع المجتمع، بل هو الذي يصنعنا، ويشكل البنية الثقافية والسياسية التي تدير حياتنا. ولذلك لا يمكن القفز على هذا الواقع لمجرد اعتقادنا بأن الطائفية أو النزعات العرقية بغيضة ومرفوضة. فعديدة هي المجتمعات التي تعاني من انقسامات (عرقية-دينية-طائفية ومناطقية ولغوية...) ومع ذلك استطاعت اجتراح سبل للعيش المشترك، وبناء التوافق السياسي لإدارة شؤونها على نحو سلمي. وفي البلاد العربية هنالك أقطار يصل فيها حجم التنوع الإثني أو الديني أو الطائفي إلى مستويات كبيرة، قد يكون من الصعب تجاهلها في أي مشروع لبناء الديمقراطية التي تستوعب التعددية، حتى لو كانت طائفية».
كتبت للصديق: إن المجتمع الذي يؤثر في تكويننا وفي نظرتنا إلى الأشياء هو نفسه الذي نعود فنؤثر فيه بوعينا. ولذلك فعندما يقبل المجتمع السياسي تنظيم نفسه على أسس غير مدنية مواطنية، وبالتالي ممارسة السياسة من منطلقات طائفية أو عرقية، فإن النتائج غالبا ما تكون سلبية من عدة جوانب، منها على الأقل:
أولاً: إعاقة التطور الطبيعي للمجتمع ووحدته الوطنية المدنية التي هي أساس نشوء وبناء الدولة المدنية الحديثة، فوجود النزعات التفتيتية، وتمركزها الجغرافي والسياسي واستحواذها على كل شيء وترويجها لقراءتها للتاريخ وللمستقبل، بما يجعلها تمتلك سلطات أكبر من سلطة الدولة نفسها.
ثانيًا: خطر العصبية التفتيتية القائمة على مرجعيات فوق الدولة وفوق القانون، يأتي من كونها مغلقة ومنتجة لإيديولوجية متعصبة، تحولها إلى أداة لتفتيت المجتمع، وإعاقة تأسيس مؤسسات المجتمع المدني، مثل الأحزاب والمنظمات المهنية والاجتماعية المبنية على أساس وطني ومدني جامع، وبالتالي تشويه العمل السياسي وعرقلة تكوين الوعي المواطني.
ثالثاً: صلابة البنية الاجتماعية التفتيتية التي تبدو أوقى من الدولة نفسها، تجعلها قادرة على ابتزاز المجتمع والدولة معاً، خاصة عندما تستولي على الخزان الانتخابي في المجتمعات التي تشهد انتخابات. وهكذا يتحول الصراع الاجتماعي المدني السياسي إلى صراع فئوي طائفي أو عرقي، وغالباً ما يقود ذلك إلى نشوب صراع أو حرب طاحنة على أساس: «نحن أو أنتم».
ولذلك، فإني أرى ضرورة رفض هذا النوع من التفكير، لأسباب فكرية وأخلاقية وواقعية، والبحث خارج الخطاب التفتيتي بتبني الخطاب العقلاني الوطني الذي يوحد المجتمع على أساس المواطنة المتساوية والحرية والديمقراطية. وهذا لن يتأتى إلا ببناء مجتمع مدني ديمقراطي يتساوى أفراده أمام الدولة وأمام القانون.
* همس:
الحياة قصيرةٌ كما ترى.
قالها، ثم أدار ظهره للعالم
ومضى.
ترك لي ما بقي من اليوم
شظايا البحر
والفراغ الذي يعرِّي الأجنحة،
والتواريخ التي كتبنا على ظهر الريح.
والموسيقا الهاربة من العناق.
انتهت الرحلة والمغادرون
رحلوا بلا رجعة.
وجوه عارية مثل الماء،
وكعطش لا ينتهي،
وهذا الموت الذي يحاصرنا.