ظنوا أن القدس لقمة سائغة، وتخيلوا أن الفلسطينيين عزل، ولم يدركوا أن فلسطين تتسلح بإخوانها العرب، وأنهم لن يستطيعوا أن يلتهموا القدس الشرقية، فقد وجدوا جميع الفلسطينيين على قلب رجل واحد، ورغم السلاح الموجه لصدورهم فلم يتراجعوا قط عن حماية مقدساتهم، ومنذ اللحظة الأولى كان لمصر ورئيسها الوقفة التي عهدها العرب من مصر عند الأزمات.

لم تكن القضية مجرد إخلاء بعض المنازل، ولكنها خطة خبيثة تستغل سيطرة سلطة الاحتلال لفرض سياسة الأمر الواقع والاستيلاء على القدس الشرقية في شكل قضايا منفردة زعماً بأحقية المستوطنين في هذه البيوت، والورق ورقهم والمحاكم محاكمهم، ولكن الله موجود ينصر المستضعفين ويشد من آزرهم ويثبت أقدامهم تجاه قوة غاشمة غاب ضميرها.

إن الجرائم التي ارتكبتها سلطة الاحتلال ترقى لجرائم الحرب، ورغم كل النوايا الحسنة منذ اتفاق أوسلو وما بعده إلا أن الأطماع تزيد، وظنوا في سلم العرب وكرمهم ضعف.

وقد كان للدبلوماسية العربية تحركات أثبتت نجاحها في انتهاء مأساة غزة، ولكن أصل المشكلة لم تنته فبعد انتهاء وقف إطلاق النار بساعات قاموا بمهاجمة المسجد الأقصى وشنوا حملة اعتقالات ظناً أن العالم لا يراهم وأن العرب والفلسطينيين لن يفعلوا شيئاً.

إن مصر والسعودية والبحرين سخروا جهودهم الدبلوماسية في فتح جميع القنوات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوروبا من أجل كبح جماح نتنياهو الذي يرى في التصعيد ضد الفلسطينيين طوق نجاة للخروج من المأزق السياسي الذي يعيشه الآن.

ولم تكن الدبلوماسية المصرية وتهديداتها بوقف التعاون مع إسرائيل الوقفة الوحيدة، فقد انطلقت قافلة مساعدات من مصر تعد الأكبر، فعندما تنظر للصور أو ترى الفيديو لا تستطيع عيناك أو كادر الكاميرا أن يحصر طولها وقدرها، غير تعهد الرئيس السيسي بمبلغ 500 مليون دولار من أجل إعمار غزة، بالإضافة إلى القافلة الذي تعهد بها شيخ الأزهر.

وللبحرين أيادي بيضاء دائماً في غزة دعماً لإخوانهم، سواء بتدريب وتأهيل الأشخاص أو إرسال شحنات المساعدات الإغاثية وبناء المدارس أو المساهمة في معالجة المرضى في مستشفيات جمهورية مصر العربية وغيرها من المشاريع التنموية.

وكان ظن الشعب الفلسطيني في إخوانه العرب في محله رغم الأزمة الاقتصادية والوباء المتفشي في العالم، إلا أن كل الدول العربية والإسلامية، بدأت في تجهيز المساعدات أملاً في إعمار غزة وعهدوا إلى الرئيس السيسي في تثبت وقف إطلاق النار، حتى يبدأوا في بناء ما هدمته القوة الغاشمة.

إن العالم يحتاج أن يدين الممارسات الغاشمة في حق الشعب الفلسطيني، حتى لا تتكرر جرائم الحرب التي حدثت في حقه، فلا مناص عن حل الدولتين طبقاً للمبادرة العربية، ولا يستطيع أحد أن يحقق كل شيء، فمن أجل التعايش السلمي، يجب ألا تستغل الصهيونية المأساة التي عاشها اليهود في المحرقة كي يحرقوا الفلسطينيين، وأن يتذكروا أن اليهود يعيشون في ربوع الوطن العربي بأمن وأمان دون تفرقة لأن العرب يقدسون جميع الديانات السماوية، ولا مناص عن الحق مهما طال الزمن.