أن يتكلل مجهود عام كامل بتحقيق النجاح فهذا شيء جميل، وإذا صاحبه تفوق فهذا أجمل شعور يمكن أن يتملك الإنسان، وقد جاءت الفرحة بظهور النتائج لتكلل تعب الطلاب وأولياء أمورهم، وخصوصاً الأمهات، فدائماً ما يعزى نجاح الأبناء بدعم الأمهات، وقد تضاعفت هذه الجهود في ظل التعليم الإلكتروني "عن بعد"، فقد كان على الوالدين أن يشاركا أبناءهما في الدراسة أكثر من الوضع الطبيعي.

ففي الأيام المعتادة يكون اهتمام الوالدين بشرح ما قد يصعب على أبنائهم من الواجبات، أما في العامين الماضيين فكان يجب عليهم القيام بمهمة كبيرة وبذل المجهود؛ فجزء كبير من مهمة المدرسين تحول على عاتق الوالدين، فما بين مراقبة انتظام الأبناء في حضور الدراسة الافتراضية، ومتابعة تحصيلهم وفهمهم وشرح ما يصعب عليهم، والبحث عن برامج اليوتيوب لما استجد على الآباء أنفسهم، فقد كانت تجربة مرهقة، ولكنها تكللت بالنجاح فعليكم أن تفرحوا بما أنجزتموه.

إن نجاح الأبناء في ظل هذه الظروف كان إنجازاً كبيراً يعود إلى تكاتف الجميع ما بين جهود وزارة التربية والتعليم ومنتسبيها والطلبة وأولياء أمورهم، ما يجعل الإحساس بالنجاح هذا العام متميزاً ويجب على أولياء الأمور إيصال الفرحة إلتى أبنائهم والابتكار بالاحتفال بهم مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي من أجل سلامة الجميع من خلال اعتماد أفكار مبتكرة للاحتفال.

إن شعور الفرح والسعادة بالنجاح يجب أن يصل إلى أبنائنا من خلال الاحتفال بهم، وخاصة الأطفال منهم، ما يخفف المعاناة الكبيرة التي يعيشونها ما بين بعد عن الأصدقاء وانحسار أماكن تواجدهم التى اعتادوا عليها، فكلها ظروف صعبة على الكبير والصغير تستلزم انتهاز أي فرصة للفرح ونشر السعادة في نفوس الصغار؛ فالحالة النفسية الجيدة أول خط دفاع تجاه ما يجابه الإنسان، وتتسبب في رفع المناعة لمجابهة هذا الوباء الذي يفاجئنا كل فترة بنوع جديد وأعراض غريبة.

وقد ظهر العديد من مظاهر الاحتفال المتجددة، فقامت بعض التطبيقات بإقامة حفلات افتراضية، والبعض استخدم برامج الدراسة في دعوة أصدقائه إلى حفلات باستخدام تطبيقات التيمز نفسها، ويحضر كل فرد في منزله الحلوى التي يفضلها، ويتشارك الجميع الفرح، فنشر السعادة ليس مقصوراً على المقابلات والاختلاط في مثل هذا الوقت، فمع التطور التكنولوجي الذي تحقق في عصرنا وجعلنا محظوظين في التغلب على كثير من الصعوبات التي واجهتنا خلال هذه الأزمة وخلق لنا فضاءً إلكترونياً رحباً نتقابل من خلاله عبر العديد من المواقع الإلكترونية.

وأتمنى من المدارس والبرامج وبعض الفنانين إقامة حفلات افتراضية لهؤلاء الناجحين لتشجيعهم وبث الفرح في نفوسهم، لكي يستطيعوا إكمال مسيرتهم؛ فهم أمل المستقبل الذي سيستكمل بناء ما صنعناه؛ لذا نحتاج أن نشحذ هممهم، ونحثهم على استكمال مسيرتهم التعليمية.

والبعض الذين لم تكلل جهودهم بالنجاح، نتاج ظروف الدراسة الغريبة التي قد لم يعتادوا عليها أو لأي ظروف أخرى فهي كبوة وسط ظروف استثنائية يجب ألا توقف مسيرتهم في الحياة، وأن يجعلوها حافزاً للتعويض؛ فهي ليست نهاية المطاف، ووفقكم الله فيما هو آت.