لا يخفى على أحد الجهد الكبير الذي يبذله سمو ولي العهد رئيس الوزراء من أجل خروج البحرين من الجائحة وتبعاتها وآثارها بشكل خاص، و الجهد المبذول من أجل النهوض بالاقتصاد والتنمية بشكل عام.

أحلامنا كبيرة معه، ونريد أن نسابق الزمن مثله، وشبابنا يتوق لخدمة هذا الوطن بالالتحاق بقطار التنمية الذي يقوده، تحدياتنا كثيرة وكبيرة وواحدة منها هي «الدولة العميقة».

الجهاز الحكومي الذي لا يثقله العدد فقط، بل تثقله العقلية والثقافة البيروقراطية التي تشربت في الجهاز لمدة طويلة، حين لم يكن هناك عقاب للمقصر وحين كانت الحوافز تعطى للأقدمية لا للإنتاجية، وتثقله تلك التراتيبية الرئيسة والأفقية الفاصلة بين القرار وتنفيذه.

إذ حتى لو خففنا الأعداد سيظل العائق موجوداً -لا بسوء نية أو بتعمد- إنما بسبب ثقافة عامة أن العمل الحكومي لا يستدعي العجلة ولا الاستنفار، «أمر الله بهون» شعار كل من يلتحق بهذا الجهاز الضخم، ينتهي عمله بقرب انتهاء دوامه، أي حتى قبل الموعد!

ما نحتاجه هو علاج الصدمات المتكرر تماماً ، حين تتباطأ عضلة القلب عن ضخ الدم وتوشك على التوقف نقوم بصعقه بشحنات كهربائية تعيد تدفق الدم من جديد، شئنا أم أبينا فإن الواقع في الأداء الحكومي حالياً هو غير المفروض، والموجود غير المطلوب، لذلك نحن مضطرون لاستخدام الصدمات في فترات متقاربة لا متباعدة، إلى حين يسير تدفق الدم الجديد بشكل طبيعي دونما حاجة لمزيد من الصدمات.

على سبيل المثال لا الحصر نحتاج إلى صدمة تغير القيادات السريع، بمعنى إن أردنا أن تصل رسالة أن من لا ينجز سيتغير دون مقدمات حتى وإن كان وزيراً، فعلينا أن نقدم نموذجاً، لهذا فإن الرجاء معقود في يد سموه حفظه الله، قائد التغيير وصاحب الرؤية ورئيساً للوزراء، بإحداث مثل هذه الصدمة، إذ إن هذه الرسالة كلما أرسلها صاحب القرار وصلت حرارة دمها الجديد إلى أصغر موظف، بأن من يعمل يكمل معنا ومن يقصر ليس له مكان، والدليل إعفاء وزراء لتقصيرهم.

ثانياً: الصدمات تتطلب توقع المفاجأة في أي زمان ومكان، كتوقع رؤية سموه حفظه الله في أي وقت وفي أي دائرة حتى لو كانت قسماً صغيراً في إدارة أو وزارة لم تتعود على رؤية مسؤولين، خاصة في مواقع خدمات الناس في (الكونترات) فما بالك وهم يرون رئيس الوزراء يتفقدهم دون سابق إنذار، هذه الصدمة تحفز وتجبر الجميع أن لا ترتخي عضلاتهم الوظيفية خلال أدائهم لعملهم إذ ممكن أن يرفع الواحد منهم رأسه فيرى القائد وأقفاً أمامه.

ثالثاً: نحتاج إلى صدمة البريد السريع التي تختصر المسافة بين القرار وتنفيذه ومنها شكاوى المستثمرين أو رواد الأعمال، بإعطاء درس أو نموذج يقدمه سموه لبقية المسؤولين يتمثل في اجتماع يسجل ويصور ويعرض بين أي من المستثمرين أو رائد أو رائدة أعمال معه ويحل فيها خلال الاجتماع المشكلة، فلا ينتهي الاجتماع إلا والعقدة وقد حُلت، إذ حتى «التوجيه» بحلها إن ترك للجهاز البيروقراطي مرة أخرى فإنه سيعود ليدور في ذات العجلة، هذه رسالة أيضاً للجميع بأن هذه هي السرعة المطلوبة في حل العقد و الإشكالات.

هذه ثلاثة نماذج من الصدمات التي تخرق حاجز الصوت ستصل إلى أصغر موظف في الجهاز الحكومي ويراها رؤية العين المجردة، حتى يعرف أنه مقصود ومسؤول عن إحداث التغيير.

قد يظن البعض أن هذه الحلول بها من الاستعراض «الشو» أكثر مما بها من الحلول الجذرية، وأن إيجاد نظام «سيستم» فعال هو الحل الجذري الذي يغني عن تدخل الرئاسة في كل مرة، هذا صحيح .. إنما ليس الآن.

لسبب بسيط أن حرارة التغير لم تصل للقاع بعد وقد لا تصل إذا بقينا على حالنا هذه، إنما تلك الصدمات ستعمل على إيصال الحرارة إلى أصغر موظف، فالمشكلة الآن في جهاز طويل وعريض تعود على العمل باسترخاء حتى لو وضعت له نظاماً لا يُعلى عليه سيسيره بسرعته.

الصدمات التي ذكرناها لو استمرت لفترة يؤمن ويقتنع بعدها الجهاز أن سرعته السابقة غير مقبولة، وأنه ممكن أن يكون هناك عقاب في حالة التراخي، وأن رؤوساً كبيرة لم تسلم من العقاب، سيسأل نفسه فما بالك وأنا الموظف الصغير؟

دون ذلك والاعتماد على أننا وضعنا سيستماً ممتازاً فقط، أو تغير بعض القيادات هنا أو هناك فإن شيئاً لن يتغير.

نحن دولة عميقة شئنا أم أبينا تحتاج للصدمات المتكررة كي تسري في شرايينها دماء 2021.