يوم الأربعاء أعلن جو بايدن أن يومي 9 و10 ديسمبر/كانون الأول سيعقد عبر الإنترنت "قمة من أجل الديمقراطية" سيُدعى إليها رؤساء الدول والحكومات، وسيجمع الرئيس الأمريكي رؤساء دول وحكومات "من مجموعة دول ديمقراطية" ومسؤولين من المجتمع المدني وعالم الأعمال، وفقاً لبيان صادر عن البيت الأبيض.
مازالت الولايات المتحدة الأمريكية مصرة على أنها راعية ومسؤولة عن نشر القيم الديمقراطية في العالم، وها هو جو بايدن سيعقد قمة للحكومات التي تمتثل لتلك القيم الأمريكية والتي تصر الولايات المتحدة الأمريكية على أنها قيم عالمية، السؤال هل يا ترى ستكون العراق أو أفغانستان ضمن هذه الدول؟ أم أنه من الآن إلى ديسمبر لن تبقى حكومة في أفغانستان فطالبان تحث الخطى للعاصمة كابل!
نشرت البي بي سي تقريراً بمناسبة قرب خروج القوات الأمريكية من أفغانستان -والمقرر في هذا الشهر- تتحدث فيه عن مقتل أكثر من 3500 جندي من قوات التحالف منذ عام 2001 - نحو ثلثيهم تقريباً من الأمريكيين، كما أصيب أكثر من 20 ألف جندي أمريكي، و وفقاً للأمم المتحدة، يوجد في أفغانستان ثالث أكبر عدد من النازحين في العالم، فرّ نحو خمسة ملايين شخص منذ عام 2012، ولم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، بعضهم نزحوا داخل أفغانستان وبعضهم الآخر لجؤوا إلى البلدان المجاورة.
ويقدر بحث جامعة براون أيضاً إنفاق الولايات المتحدة على الصراع حتى عام 2020 - بما في ذلك الأموال العسكرية وإعادة الإعمار في كل من أفغانستان وباكستان ما يقارب الترليون دولار - بمبلغ 978 مليار دولار، وتشير بعض التقارير إلى أن أكثر من 60 ألفاً من أفراد القوات المسلحة الأفغانية قتلوا في الصراع، وإلى قرابة 111 ألف مدني قُتلوا أو جرحوا منذ أن بدأت الأمم المتحدة بتوثيق أرقام الخسائر البشرية في صفوف المدنيين في 2009 (البي بي سي يوليو 2021) هذا غير الثمان سنوات التي راح فيها الآلاف قبل إحصاء الأمم المتحدة.
حصيلة وثمن مكلف للغاية لهدف أمريكي نبيل ألا وهو نشر الديمقراطية، إلا أن الديمقراطية أبعد ما تكون عن هذه الدولة الآن وهي على وشك الدخول في حرب أهلية، إلى درجة أن الولايات المتحدة الأمريكية اضطرت أن تغير مسمى الهدف الذي من أجله احتلت أفغانستان، فقالت إنها تواجدت هناك لمنع تكرار الاعتداءات والأعمال الإرهابية الدولية!!
إذ يقول فرانك غاردنر مراسل الشؤون الأمنية في البي بي سي: "أخذاً بمقياس مكافحة الإرهاب الدولي، فإن الوجود العسكري والأمني الغربي هناك نجح في تحقيق أهدافه"!!
وبعد عشرين عاماً وبعد تلك الخسائر، يقدر السي آي إيه مدة ثلاثة شهور حتى تستعيد طالبان الاستيلاء على كابول العاصمة بما معناه "و كأنك يا بو زيد ما غزيت" مثلٌ ينطبق حرفياً على ماحدث مع الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان.
هل نذكر أيضاً كلفة احتلال العراق؟ وهل هناك ضرورة لاستعراض أحوال العراق (الديمقراطية) اليوم بعد مرور ما يقارب من العشرين عاماً؟ هل نذكر الصومال؟
ولسنا بحاجة إلى ذكر خسائر الوطن العربي في خريفه الذي أطلقت عليه الولايات المتحدة الأمريكية ربيعاً وقد كانت فيه الراعي الرسمي والمشجع والمحفز، جميع تلك الخسائر هي ثمنٌ لنشر الديمقراطية الأمريكية كقيم تعهدت الإدارات المتتالية على تصديرها للعالم الثالث.
ألا يطرح هذا الإصرار والإلحاح على نشر قيمهم عند المجتمعات الأخرى بأي وسيلة كانت عن الفرق بينها وبين إيران راعية الإرهاب؟
فحين تعلن إيران أن مبدأ "تصدير الثورة" جزء لا يتجزأ من قيمها وعنصر أساس من عناصر الدولة فيها، وبند من بنود دستورها وتعلن الولايات المتحدة الأمريكية أن نشر "الديمقراطية" جزء لا يتجزأ من سياستها الخارجية، وأساس على إثره تحدد من هم حلفاؤها، أرجع البصر ألا ترى حجم التقارب؟
وإن كانت إيران اعتمدت على تسليح مجموعات في الدول التي تريد تصدير قيم الثورة لها، فإن الولايات المتحدة الأمريكية غزت بجيوشها الدول التي تريد أن تصدر لهم قيمها، وبغض النظر عن اختلاف تلك القيم الأمريكية والإيرانية، إلا أن الاثنتين (أمريكا وإيران) يجمعهما مبدأ التصدير أو النشر حتى لو اضطر الأمر لاستخدام القوة بأشكالها المختلفة.
والنتائج في الحالتين لا تختلف عن بعضها كثيراً، فنظرة لما آلت إليه أوضاع لبنان والعراق مثلاً التي نجحت إيران في تصدير قيمها لها، ونظرة إلى أفغانستان والصومال والعراق وهي دول دخلتها الجيوش الأمريكية بحجة نشر قيمها الديمقراطية فيها فلا تجد فرقاً، بل أن الأخيرة أصبحت ميداناً لصراع القيم الأمريكية والإيرانية على أرضها.
المفارقة أن الدولتين تتهمان بعضهما البعض بأنها مصدر للإرهاب ولم تدخل أي من تلك الدولتين إلى دولة إلا وتركتها قاعاً صفافاً والخراب ينعق فيها.
مازالت الولايات المتحدة الأمريكية مصرة على أنها راعية ومسؤولة عن نشر القيم الديمقراطية في العالم، وها هو جو بايدن سيعقد قمة للحكومات التي تمتثل لتلك القيم الأمريكية والتي تصر الولايات المتحدة الأمريكية على أنها قيم عالمية، السؤال هل يا ترى ستكون العراق أو أفغانستان ضمن هذه الدول؟ أم أنه من الآن إلى ديسمبر لن تبقى حكومة في أفغانستان فطالبان تحث الخطى للعاصمة كابل!
نشرت البي بي سي تقريراً بمناسبة قرب خروج القوات الأمريكية من أفغانستان -والمقرر في هذا الشهر- تتحدث فيه عن مقتل أكثر من 3500 جندي من قوات التحالف منذ عام 2001 - نحو ثلثيهم تقريباً من الأمريكيين، كما أصيب أكثر من 20 ألف جندي أمريكي، و وفقاً للأمم المتحدة، يوجد في أفغانستان ثالث أكبر عدد من النازحين في العالم، فرّ نحو خمسة ملايين شخص منذ عام 2012، ولم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، بعضهم نزحوا داخل أفغانستان وبعضهم الآخر لجؤوا إلى البلدان المجاورة.
ويقدر بحث جامعة براون أيضاً إنفاق الولايات المتحدة على الصراع حتى عام 2020 - بما في ذلك الأموال العسكرية وإعادة الإعمار في كل من أفغانستان وباكستان ما يقارب الترليون دولار - بمبلغ 978 مليار دولار، وتشير بعض التقارير إلى أن أكثر من 60 ألفاً من أفراد القوات المسلحة الأفغانية قتلوا في الصراع، وإلى قرابة 111 ألف مدني قُتلوا أو جرحوا منذ أن بدأت الأمم المتحدة بتوثيق أرقام الخسائر البشرية في صفوف المدنيين في 2009 (البي بي سي يوليو 2021) هذا غير الثمان سنوات التي راح فيها الآلاف قبل إحصاء الأمم المتحدة.
حصيلة وثمن مكلف للغاية لهدف أمريكي نبيل ألا وهو نشر الديمقراطية، إلا أن الديمقراطية أبعد ما تكون عن هذه الدولة الآن وهي على وشك الدخول في حرب أهلية، إلى درجة أن الولايات المتحدة الأمريكية اضطرت أن تغير مسمى الهدف الذي من أجله احتلت أفغانستان، فقالت إنها تواجدت هناك لمنع تكرار الاعتداءات والأعمال الإرهابية الدولية!!
إذ يقول فرانك غاردنر مراسل الشؤون الأمنية في البي بي سي: "أخذاً بمقياس مكافحة الإرهاب الدولي، فإن الوجود العسكري والأمني الغربي هناك نجح في تحقيق أهدافه"!!
وبعد عشرين عاماً وبعد تلك الخسائر، يقدر السي آي إيه مدة ثلاثة شهور حتى تستعيد طالبان الاستيلاء على كابول العاصمة بما معناه "و كأنك يا بو زيد ما غزيت" مثلٌ ينطبق حرفياً على ماحدث مع الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان.
هل نذكر أيضاً كلفة احتلال العراق؟ وهل هناك ضرورة لاستعراض أحوال العراق (الديمقراطية) اليوم بعد مرور ما يقارب من العشرين عاماً؟ هل نذكر الصومال؟
ولسنا بحاجة إلى ذكر خسائر الوطن العربي في خريفه الذي أطلقت عليه الولايات المتحدة الأمريكية ربيعاً وقد كانت فيه الراعي الرسمي والمشجع والمحفز، جميع تلك الخسائر هي ثمنٌ لنشر الديمقراطية الأمريكية كقيم تعهدت الإدارات المتتالية على تصديرها للعالم الثالث.
ألا يطرح هذا الإصرار والإلحاح على نشر قيمهم عند المجتمعات الأخرى بأي وسيلة كانت عن الفرق بينها وبين إيران راعية الإرهاب؟
فحين تعلن إيران أن مبدأ "تصدير الثورة" جزء لا يتجزأ من قيمها وعنصر أساس من عناصر الدولة فيها، وبند من بنود دستورها وتعلن الولايات المتحدة الأمريكية أن نشر "الديمقراطية" جزء لا يتجزأ من سياستها الخارجية، وأساس على إثره تحدد من هم حلفاؤها، أرجع البصر ألا ترى حجم التقارب؟
وإن كانت إيران اعتمدت على تسليح مجموعات في الدول التي تريد تصدير قيم الثورة لها، فإن الولايات المتحدة الأمريكية غزت بجيوشها الدول التي تريد أن تصدر لهم قيمها، وبغض النظر عن اختلاف تلك القيم الأمريكية والإيرانية، إلا أن الاثنتين (أمريكا وإيران) يجمعهما مبدأ التصدير أو النشر حتى لو اضطر الأمر لاستخدام القوة بأشكالها المختلفة.
والنتائج في الحالتين لا تختلف عن بعضها كثيراً، فنظرة لما آلت إليه أوضاع لبنان والعراق مثلاً التي نجحت إيران في تصدير قيمها لها، ونظرة إلى أفغانستان والصومال والعراق وهي دول دخلتها الجيوش الأمريكية بحجة نشر قيمها الديمقراطية فيها فلا تجد فرقاً، بل أن الأخيرة أصبحت ميداناً لصراع القيم الأمريكية والإيرانية على أرضها.
المفارقة أن الدولتين تتهمان بعضهما البعض بأنها مصدر للإرهاب ولم تدخل أي من تلك الدولتين إلى دولة إلا وتركتها قاعاً صفافاً والخراب ينعق فيها.