عندما نتابع بعض ما يكتب وينشر، نجد العديد منه مجرد هراء، على صعيد المضامين، أما على صعيد اللغة، فيعتمد على ما يمكن أن نطلق عليه مسمى اللغة الخشبية، وهي اللغة القائمة على الكليشيهات اللفظية التي لا تقول شيئاً، وتدور حول نفسها في حلقة مفرعة من اللامعنى، للتعبير في الغالب عن الكذب المغلف بالإطراء والمبالغات من دون موجب أو أساس.
هؤلاء لا يكتبون بضمائرهم بل بضمير مستتر تقديره الأنانية أو الطمع أو الكذب أو النفاق العام والخاص مدفوع الأجر أو المجاني، وهذا ما بدأنا نلمسه في السنوات الأخيرة، حيث بدأت الجلود تتبدل، وأصبح النكوص عن الثوابت هو القاعدة والتفاهة هي الثمرة والخشب هو اللغة، حيث أصبحنا – على حد وصف الباحث الكندي ألان دونو - نعيش مرحلة غير مسبوقة، يسودها نظام التفاهة، الذي فتح الأبواب مشرعة أمام سيطرة الترويج للتافهين، من كتاب وفنانين وشعراء ورسامين ورجال سياسة... يحملون من الأسماء والألقاب والمناصب ما يغطي سحب التفاهة عنهم، ويحققون – على تفاهتهم- شهرة وأي شهرة! هؤلاء أصابتهم تحولات لحظوية في ظل تحولات السياسة أو مصالح ذاتية أو فئوية، فأصبحت تفتك بهم الحقيقة والقيم المنهارة معاً.
وإذا كانت السياسة هي فن إدارة (اللحظة) فلا عيب في أن يكون لكل واحد منا رأيه و(موقفه) ولكن السياسة لها وجهان، وجه يعني الوعي والتقدم والإسهام في كل ما هو حضاري، ووجه يسوده التلون والاضطراب، وعدم الثبات، والتخلف، والانتهازية. وانطلاقاً من المعنى الأول يكون الكاتب فاعلاً في السياسة متفاعلاً معها مؤثراً فيها... لأنه لا يمكن نفي (السياسي) في كل ما هو ثقافي أو إعلامي، كذلك (اللحظة) ما دامت تحمل بذور المستقبل والجمع بين ما هو حضاري في السياسة وما هو مستقبلي في (اللحظة)، وتلك ميزة العقول الكبيرة التي تحمل هموم الأمة والإنسانية معا.. العقول الصادقة التي ارتبطت بأهداف الأمة وبحركة التاريخ، ولذلك فاللحظة الراهنة بتعقدها وعنفها وتشابك خطوطها لا يمكن أن تعبر عنها اللغة الخشبية، ولا الضمائر المستترة.. إن باعة المواقف يقفون اليوم في مواجهة أزمات مصيرنا العربي المأزوم، باستخدام خطابات مدورة لا أول لها ولا نهاية، ولا محتوى خارج لعبة اللغة الخشبية، بما يمتلكون من استعدادات متضاربة، ومن قابلية للتلون في المواقف والمواقع، مع أنهم ليسوا أمام خيار واحد اضطرتهم إليه الظروف والإكراهات، فالعديد من المعارضين يكونون أبناء لحظتهم بالانحياز للحرية والإنسان والحقيقة، كما أن العديد من مثقفي السلطة قد يكونون محملين ببذور المستقبل، وبالمواقف المنحازة للإنسان وللحرية. أما مشعوذو اللغة الخشبية، فإن الدنيا من دون كتاباتهم، سوف تكون أكثر نقاء، والصحافة بغياب أقلامهم سوف تتنفس هواء أكثر نقاء.
{{ article.visit_count }}
هؤلاء لا يكتبون بضمائرهم بل بضمير مستتر تقديره الأنانية أو الطمع أو الكذب أو النفاق العام والخاص مدفوع الأجر أو المجاني، وهذا ما بدأنا نلمسه في السنوات الأخيرة، حيث بدأت الجلود تتبدل، وأصبح النكوص عن الثوابت هو القاعدة والتفاهة هي الثمرة والخشب هو اللغة، حيث أصبحنا – على حد وصف الباحث الكندي ألان دونو - نعيش مرحلة غير مسبوقة، يسودها نظام التفاهة، الذي فتح الأبواب مشرعة أمام سيطرة الترويج للتافهين، من كتاب وفنانين وشعراء ورسامين ورجال سياسة... يحملون من الأسماء والألقاب والمناصب ما يغطي سحب التفاهة عنهم، ويحققون – على تفاهتهم- شهرة وأي شهرة! هؤلاء أصابتهم تحولات لحظوية في ظل تحولات السياسة أو مصالح ذاتية أو فئوية، فأصبحت تفتك بهم الحقيقة والقيم المنهارة معاً.
وإذا كانت السياسة هي فن إدارة (اللحظة) فلا عيب في أن يكون لكل واحد منا رأيه و(موقفه) ولكن السياسة لها وجهان، وجه يعني الوعي والتقدم والإسهام في كل ما هو حضاري، ووجه يسوده التلون والاضطراب، وعدم الثبات، والتخلف، والانتهازية. وانطلاقاً من المعنى الأول يكون الكاتب فاعلاً في السياسة متفاعلاً معها مؤثراً فيها... لأنه لا يمكن نفي (السياسي) في كل ما هو ثقافي أو إعلامي، كذلك (اللحظة) ما دامت تحمل بذور المستقبل والجمع بين ما هو حضاري في السياسة وما هو مستقبلي في (اللحظة)، وتلك ميزة العقول الكبيرة التي تحمل هموم الأمة والإنسانية معا.. العقول الصادقة التي ارتبطت بأهداف الأمة وبحركة التاريخ، ولذلك فاللحظة الراهنة بتعقدها وعنفها وتشابك خطوطها لا يمكن أن تعبر عنها اللغة الخشبية، ولا الضمائر المستترة.. إن باعة المواقف يقفون اليوم في مواجهة أزمات مصيرنا العربي المأزوم، باستخدام خطابات مدورة لا أول لها ولا نهاية، ولا محتوى خارج لعبة اللغة الخشبية، بما يمتلكون من استعدادات متضاربة، ومن قابلية للتلون في المواقف والمواقع، مع أنهم ليسوا أمام خيار واحد اضطرتهم إليه الظروف والإكراهات، فالعديد من المعارضين يكونون أبناء لحظتهم بالانحياز للحرية والإنسان والحقيقة، كما أن العديد من مثقفي السلطة قد يكونون محملين ببذور المستقبل، وبالمواقف المنحازة للإنسان وللحرية. أما مشعوذو اللغة الخشبية، فإن الدنيا من دون كتاباتهم، سوف تكون أكثر نقاء، والصحافة بغياب أقلامهم سوف تتنفس هواء أكثر نقاء.