هذا مقتنع بالعقوبات البديلة وذاك غير مقتنع بها، هذا يمتدحها وذاك ينتقدها، هذا يطلبها وذاك يرفضها، وهذا فرح من طلب بعض المحكومين إدراج أسمائهم ضمن من تنطبق عليهم شروط الاستفادة من هذا القانون وبعضهم مستاء من هكذا خطوة. المثير أن ذلك البعض الذي يعتبر نفسه «معارضة» لا يزال دون القدرة على استغلال هذا القانون والاستفادة منه وجعل العوائل التي تضررت بسبب قفزاته المجنونة في الهواء تفرح بإطلاق سراح أبنائهم.

السياسي هو من يعمل على الاستفادة من الفرص وليس من يرفضها لتشكيكه في الغاية منها. العقوبات البديلة فرصة وفرتها الحكومة تأكيداً على حسن النوايا وبغية إغلاق ملف تسبب في أذى كثيرين ممن لا علاقة لهم بما جرى وهم الآباء والأمهات الذين لا يمكن أن يغمض لهم جفن وأبناؤهم بعيدون عن أحضانهم.

السياسة هي أن تستغل الفرصة لا أن تجعل الوساوس تسيطر عليك فتدفع بك نحو التحليلات القاصرة وتجعلك تتردد في اتخاذ القرار فتظهر أمام الناس وكأنك لا رأي لك أو أنك تنتظر التوجيه من الخارج المسيطر على عقلك وتفكيرك فتؤكد تبعيتك له.

الوقت الذي أضاعه ذلك البعض في تحليل المبادرة ومحاولة تبين غاية الحكومة منها ومدى استفادتها منه كان يمكن إعادة البسمة فيه إلى وجوه أولئك الآباء والأمهات الذين تضرروا بسببه وعانوا كثيراً.

الحقيقة التي ينبغي أن يدركها ذلك البعض الذي أقحم نفسه عنوة في عالم السياسة هي أن أولياء أمور أولئك الذين دخلوا السجن بسبب سوء تقديره وسوء تحركه ينتظرون لحظة عودة أبنائهم إلى أحضانهم وليس مهماً عندهم نوع العقوبة البديلة ولا مدتها. هذه المعاناة لا يدركها ذلك البعض الذي يؤكد اليوم أنه إنما يعتبر كل أولئك أدوات وبيادق يحركها كيفما شاء ووقت ما شاء ويؤكد أنه لا يهمه أمرهم ولا مصيرهم طالما أنه يشكك في نوايا الحكومة وأبعاد خطوتها التي أثنت عليها كل المنظمات الحقوقية في العالم.