لا أحد يستطيع إنكار تأثير السوشال ميديا على جميع مناحي الحياة، وأدى انقطاعها مؤخراً بضع ساعات إلى تسليط الضوء على مدى الآثار المرتبة من ضيق وأحاسيس سلبية خلال تلك الساعات القليلة، فهل برامج الفيس والواتس والإنستغرام لها هذا التأثير الفاعل في حياتنا؟ وهل ارتباطنا بها أصبح يشكل ضرورة ملحة؟
إن استخدامنا هذه البرامج بشكل مستمر نحن ودائرة معارفنا خلق لها أهمية كبرى نظراً إلى إمكانات التواصل الفاعلة بها من خلال المكالمات الصوتية والفيديو سواء عن طريق برنامج الواتس أو الفيسبوك، ما شكل اعتمادية كبيرة هي التي خلقت هذه الأهمية، ونظراً إلى الاستفادة المادية في تقليل التكاليف المتعلقة بهذه الخواص، ولكم أن تتخيلوا أن أسهم هذه البرامج خسرت 6 مليارات دولار نتاج هذا الانقطاع البسيط وأدى إلى ظهور اعتمادية أكبر وتحقيق فوائدة لبرامج أخرى مثل سناب شات وتلغرام بالإضافة إلى فايبر الذي كان انحسر استخدامه نتيجة زيادة إمكانات التواصل لدى الفيسبوك.
وفوجئت أن العديد من الأشخاص أظهر انطباعات إيجابية لهذا الانقطاع، ويتمنى العودة إلى ما قبل ظهورها مسجلاً هذه الانطباعات على هذه البرامج، ونسي كم الضيق الذي شعر به نتيجة انقطاعها، وبدؤوا رصد الآثار السلبية المتعلقة بهذه البرامج من فتح نافذة كبيرة للعالم على حياتنا متناسين أنهم هم الذين فتحوا هذه النوافذ بنشر صورهم وأدق تفاصيل حياتهم.
علينا أن نعلم أن فوائد هذه البرامج أو أضرارها تعتمد علينا نحن وعلى تعاملنا معها، وكيفية إدارة حياتنا بعقلانية دون الانجراف نحو موجات السوشال ميديا التي يطلقها أبطال العالم الافتراضي الذين يرغبون في جني الأرباح من المتابعين إلا من رحم ربي.
فلا أحد يستطيع أن ينكر أن هذه البرامج أصبحت نوافذ للعديد من الأطباء لاستشارتهم والشركات لعرض منتجاتها، ما يتيح لنا معرفة كل ما هو جديد من معروضات ومقارنتها بمثيلاتها في مختلف المحلات للحصول على أفضل منتج بأفضل سعر، بالإضافة إلى مجموعات التعليم في المدارس والجامعات التي تزيد من فاعلية التواصل ونقل المعلومة بين الطلبة، وغيرها من الاستخدامات الحميدة لهذه البرامج.
ولنكن واقعيين أن استخدامات هذه البرامج ليس كلها حميد، ولكن بها آثار سلبية ولكنها متعلقة بكفية استخدامنا لها، وليس في إمكانات هذه البرامج، فلا يجوز استخدام سكين في إيذاء الآخرين، ولكن يكون استخدامها في تجهيز المأكولات. فبعض أفراد الأسر تنتبه لهذه البرامج وتعيش عالمها كله من خلالها، دون تواصل مباشر مع أفراد الأسرة الواحدة وإهمال الأطفال، وهذا ينطبق على الأطفال الذين يقتدون بآبائهم ويكون ارتباطهم بهذه البرامج أكثر من ارتباطهم بذويهم. بالإضافة إلى مقارنة حياتنا بالآخرين أو الاستماع إلى نصائح مغرضة يكون الغرض منها فقط زيادة المتابعين ونشر كل ما هو غريب دون تقييم له من أجل جذب الانتباه ليس إلا. كل الإمكانات التي وضعتها التكنولوجيا في أيدينا يجب استخدامها الاستخدام العقلاني الأمثل وألا نقع أسرى لها، فانقطاع الفيسبوك والواتساب والإنستغرام أدى إلى زيادة استخدام برامج أخرى، ولكن دون إهمال استخدام البرامج الأولى بعد عودتها للخدمة، فوجود بديل دائماً وتقنين الاستخدام للحاجة السليمة يجعلاننا نتجنب مخاطرها وسلبياتها.