قال الصديق: إنكم تدعون الانتماء إلى الثقافة، بما تعنيه من تسامح وانفتاح على الآخر، في حين أن كلماتكم ما تزال تفضحكم بانحيازاتها الشعوبية؟!!
قلت: أن تكون كاتباً عربياً، يعني بالضرورة، أن تكون عربياً مهما تغيرت الجغرافيا والسياقات، لكن أيضاً أن تكون أنت نفسك من دون ماكياج أو تزييف، وهذا لا يتعارض مع انتمائك لأفقك الإنساني. ولذلك – وبالرغم الانحياز لهويتي العربية – فإني عندما أسير في الشوارع، وأرى كل تلك الوجوه الملونة من العرب والزنج والترك والفرس وسائر الخلق من القارات الخمس، فإني لا أرى إلا الإنسان، يلفه المكان والنور والظلام والنسيان، في رحلة الهواء والهراء العرقي والقبلي والطائفي. وأن هذه المجموعات البشرية التي تجمعت في هذا الفضاء، لا تستقل بثقافاتها سوى لإيقاظ حروب الأوهام، وأن ذلك التنوع الثري الغني، لم يستثمر- للأسف- لبناء ثقافة متنوعة متعددة، قد يحسدنا عليها العالم إذا ما تم استثمارها على النحو المطلوب.
قال: ألا تخاف من التجديف ضدَّ التيار في مواجهة الأفكار الراسخة التي يقدمها أصحابها كأفكار مقدسة ونهائية؟
قلت: الصدق فيما نكتب وفيما نقول لا يعني الوقاحة، ولكن النزاهة فيما نكتب وفيما نقول، تعني فيما تعنيه، أيضاً، كسر قشرة اللياقة المزيفة والكذب والأوهام الراسخة، ولكن مع احترامنا لسلطة الحسِّ العام، فإن ذلك لا يمنع من اتخاذ موقف مُعارِض للرأي العام نفسه، ولكن من دون خدشه، أي أننا ننقده من داخل المنظومة وليس من خارجها، لأننا شركاء في القيم الجامعة، ومهما تحفظنا على بعضها، فلابد من احترامها. تلك هي الرسالة التي نحاول إيصالها فيما نكتب، وهو ما يشبه إلى حد كبير روح الطفولة التي توحِّد العالم، لأن تحرير هذه الروح فينا مهمةٌ أساسية، في أي عمل كتابي أصيل، بل إن مدار بقائنا يتوقف على قدرتنا على تحرير الطفل فينا؛ وهذا واحد من الأسئلة الاجتماعية الأهم في عصرنا.
قال: لماذا الهروب من الإبداعي إلى السياسي فيما تكتبون، مع كل ما يحمله ذلك من مزالق وما يجلبه من تهجمات؟
قلت: إنه ليس هروباً، وإنما يعود الأمر إلى مقتضيات كل مرحلة ما تفرضه علينا من إكراهات، ولكن في جميع الأحوال، فإن الكاتب يتحمل مسؤولية ما يكتب. وشخصياً لا أؤمن بأدب القضايا، لأني لستُ كاتباً في منظمة العفو الدولية، لأن مثل تلك الكتابة، تشبه «المارشات» العسكرية، في حين أن الكتابة أياً كان نوعها هي مثل الحياة، حرة متجددة، بلا قيود، وفي مواجهة الموت والخوف معاً. ولذلك استطاع الإنسان أن ينجز نصه العلمي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وأن يبدع رغم سطوات النصوص المغلقة، من فاشية أو نازية أو حتى ديمقراطية عمياء لا ترى إلا مصالحها فحسب.
قلت: أن تكون كاتباً عربياً، يعني بالضرورة، أن تكون عربياً مهما تغيرت الجغرافيا والسياقات، لكن أيضاً أن تكون أنت نفسك من دون ماكياج أو تزييف، وهذا لا يتعارض مع انتمائك لأفقك الإنساني. ولذلك – وبالرغم الانحياز لهويتي العربية – فإني عندما أسير في الشوارع، وأرى كل تلك الوجوه الملونة من العرب والزنج والترك والفرس وسائر الخلق من القارات الخمس، فإني لا أرى إلا الإنسان، يلفه المكان والنور والظلام والنسيان، في رحلة الهواء والهراء العرقي والقبلي والطائفي. وأن هذه المجموعات البشرية التي تجمعت في هذا الفضاء، لا تستقل بثقافاتها سوى لإيقاظ حروب الأوهام، وأن ذلك التنوع الثري الغني، لم يستثمر- للأسف- لبناء ثقافة متنوعة متعددة، قد يحسدنا عليها العالم إذا ما تم استثمارها على النحو المطلوب.
قال: ألا تخاف من التجديف ضدَّ التيار في مواجهة الأفكار الراسخة التي يقدمها أصحابها كأفكار مقدسة ونهائية؟
قلت: الصدق فيما نكتب وفيما نقول لا يعني الوقاحة، ولكن النزاهة فيما نكتب وفيما نقول، تعني فيما تعنيه، أيضاً، كسر قشرة اللياقة المزيفة والكذب والأوهام الراسخة، ولكن مع احترامنا لسلطة الحسِّ العام، فإن ذلك لا يمنع من اتخاذ موقف مُعارِض للرأي العام نفسه، ولكن من دون خدشه، أي أننا ننقده من داخل المنظومة وليس من خارجها، لأننا شركاء في القيم الجامعة، ومهما تحفظنا على بعضها، فلابد من احترامها. تلك هي الرسالة التي نحاول إيصالها فيما نكتب، وهو ما يشبه إلى حد كبير روح الطفولة التي توحِّد العالم، لأن تحرير هذه الروح فينا مهمةٌ أساسية، في أي عمل كتابي أصيل، بل إن مدار بقائنا يتوقف على قدرتنا على تحرير الطفل فينا؛ وهذا واحد من الأسئلة الاجتماعية الأهم في عصرنا.
قال: لماذا الهروب من الإبداعي إلى السياسي فيما تكتبون، مع كل ما يحمله ذلك من مزالق وما يجلبه من تهجمات؟
قلت: إنه ليس هروباً، وإنما يعود الأمر إلى مقتضيات كل مرحلة ما تفرضه علينا من إكراهات، ولكن في جميع الأحوال، فإن الكاتب يتحمل مسؤولية ما يكتب. وشخصياً لا أؤمن بأدب القضايا، لأني لستُ كاتباً في منظمة العفو الدولية، لأن مثل تلك الكتابة، تشبه «المارشات» العسكرية، في حين أن الكتابة أياً كان نوعها هي مثل الحياة، حرة متجددة، بلا قيود، وفي مواجهة الموت والخوف معاً. ولذلك استطاع الإنسان أن ينجز نصه العلمي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وأن يبدع رغم سطوات النصوص المغلقة، من فاشية أو نازية أو حتى ديمقراطية عمياء لا ترى إلا مصالحها فحسب.