الشعوب التي تروم مكاناً تحت الشمس، وامتلاك نصيب من القوة، تستثمر في العلوم والدراسات والبحث والريادة والإبداع، ولذلك تضع المستقبل ضمن حساباتها رؤية وتخطيطاً. وذلك لأن الرهانات كلها على المستقبل، فإذا كان سلم الزمن يرتبط بالعيش في الحاضر واستحضار الماضي، فإن استشراف المستقبل بات اليوم يعد عنصراً حيوياً لضمان السيطرة على الحاضر وضمان الحضور في المستقبل.
لقد كان المستقبل فيما مضى من الزمان ضمن انشغالات «علوم الغيب»، وليس من مفردات البحث والتقصي، وإن كان له وجود فهو في حدود التنجيم وقراءة الكف، إلا أن العالم المتقدم قد أدخل هذا المستقبل ضمن معادلاته الحيوية، وضمن الحسابات وعلوم الإحصاء والتوقع والتنبؤ العلمي، لينضاف إلى سلسلة القياسات الحضارية التي تنقسم الأمم على أساسها، وتتحدد في ضوئها علامات التقدم والوهن والحداثة والتقدم، وليلتصق الاشتغال بالمستقبل بهموم حضارية لتميز المناطق المتقدمة والحيوية عن مناطق العطالة والتكلس والجهالة وضيق الأفق. فإذا كانت الأولى وعياً بأهمية الاستشراف، وتقديراً للآفاق الكبرى التي تفتحها الدراسات المستقبلية، فإن الثانية تهميش لدور هذه الدراسات وتعويم للمفاهيم المستقبلية، كترجمة للعجز والخوف أمام المجهول. ونحن كعرب نكاد نكون ضمن الشعوب التي أصابها الإرهاق والترهل، بسب قيم الغيبوبة واستشراء الفكر السحري والخرافي، لنكون من ضمن البلدان التي استعاضت عن الحاضر بالماضي اجتراراً، واستعاضت عن التطلع للمستقبل بقراءة الكف واستحضار العفاريت، لنكون مشدودين إلى الاهتمامات التقليدية، وحصر مهام الاستشراف في أحسن الأحوال، في عمل الأرقام وحسابات الطرح والجمع، والجداول الإحصائية والتحاليل الكمية، من دون فكر أو إبداع أو خيال منتج، أو قدرة على اقتراح الحلول وابتداع المشروعات العملاقة، للخروج من حالة البؤس والعطالة، وهكذا يقع الرهان المستقبلي في أسر المحدودية والسطحية والعجز في الغالب.
إن إنشاء الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث، أمر بالغ الأهمية، ولكنه لم يعد كافياً لوحده، لإخراجنا من حالة العجز والتبعية، إن لم يستوعب الحقل الثقافي، ويقحمه في آليات التفكير والبحث العلمي المجدي، الذي تخصص له الملايين وتعد له القدرات البشرية الكبيرة، وإخراج التعليم من دائرة التحصيل إلى التفكير والمساءلة والتقييم والإنتاج، وغادرة منطق اليقين إلى دائرة الشك المنتج، وجعل الدراسات المستقبلية والتخطيط الاستراتيجي موضع التركيز الأساسي، في عالم التحولات اللامتناهية. كما يتوجب أن تكون الثقافة شاغلاً أساسياً، بعد أن تأكد دورها في التنمية، وبعد أن عادت الأسئلة التي أخفاها القرن العشرون، في غمرة التخصص الدقيق والفصل بين العلوم والثقافة، لتعيد طرح معظم القضايا الثقافية والاجتماعية، إذ أصبح من المهم دراسة الثقافة، وهي تعمل على نحو ديناميكي، في إطار التحولات الاجتماعية والتنموية، في صورة خرائط ثقافية، ضمن منظومة متكاملة مع التعليم والاقتصاد والمجتمع. وهذا شأن من يروم التفاعل مع العالم الجديد بشكل فاعل.
لقد كان المستقبل فيما مضى من الزمان ضمن انشغالات «علوم الغيب»، وليس من مفردات البحث والتقصي، وإن كان له وجود فهو في حدود التنجيم وقراءة الكف، إلا أن العالم المتقدم قد أدخل هذا المستقبل ضمن معادلاته الحيوية، وضمن الحسابات وعلوم الإحصاء والتوقع والتنبؤ العلمي، لينضاف إلى سلسلة القياسات الحضارية التي تنقسم الأمم على أساسها، وتتحدد في ضوئها علامات التقدم والوهن والحداثة والتقدم، وليلتصق الاشتغال بالمستقبل بهموم حضارية لتميز المناطق المتقدمة والحيوية عن مناطق العطالة والتكلس والجهالة وضيق الأفق. فإذا كانت الأولى وعياً بأهمية الاستشراف، وتقديراً للآفاق الكبرى التي تفتحها الدراسات المستقبلية، فإن الثانية تهميش لدور هذه الدراسات وتعويم للمفاهيم المستقبلية، كترجمة للعجز والخوف أمام المجهول. ونحن كعرب نكاد نكون ضمن الشعوب التي أصابها الإرهاق والترهل، بسب قيم الغيبوبة واستشراء الفكر السحري والخرافي، لنكون من ضمن البلدان التي استعاضت عن الحاضر بالماضي اجتراراً، واستعاضت عن التطلع للمستقبل بقراءة الكف واستحضار العفاريت، لنكون مشدودين إلى الاهتمامات التقليدية، وحصر مهام الاستشراف في أحسن الأحوال، في عمل الأرقام وحسابات الطرح والجمع، والجداول الإحصائية والتحاليل الكمية، من دون فكر أو إبداع أو خيال منتج، أو قدرة على اقتراح الحلول وابتداع المشروعات العملاقة، للخروج من حالة البؤس والعطالة، وهكذا يقع الرهان المستقبلي في أسر المحدودية والسطحية والعجز في الغالب.
إن إنشاء الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث، أمر بالغ الأهمية، ولكنه لم يعد كافياً لوحده، لإخراجنا من حالة العجز والتبعية، إن لم يستوعب الحقل الثقافي، ويقحمه في آليات التفكير والبحث العلمي المجدي، الذي تخصص له الملايين وتعد له القدرات البشرية الكبيرة، وإخراج التعليم من دائرة التحصيل إلى التفكير والمساءلة والتقييم والإنتاج، وغادرة منطق اليقين إلى دائرة الشك المنتج، وجعل الدراسات المستقبلية والتخطيط الاستراتيجي موضع التركيز الأساسي، في عالم التحولات اللامتناهية. كما يتوجب أن تكون الثقافة شاغلاً أساسياً، بعد أن تأكد دورها في التنمية، وبعد أن عادت الأسئلة التي أخفاها القرن العشرون، في غمرة التخصص الدقيق والفصل بين العلوم والثقافة، لتعيد طرح معظم القضايا الثقافية والاجتماعية، إذ أصبح من المهم دراسة الثقافة، وهي تعمل على نحو ديناميكي، في إطار التحولات الاجتماعية والتنموية، في صورة خرائط ثقافية، ضمن منظومة متكاملة مع التعليم والاقتصاد والمجتمع. وهذا شأن من يروم التفاعل مع العالم الجديد بشكل فاعل.