أكثر ما أعجبني في موضوع مقترح إسقاط القروض هو الفارق بين ذكاء الناس وبين مقدمي المقترح مع كامل احترامي للجميع.

لم أجد أو أسمع أي إشادة أو حتى شكر أو أو، فقد تراوحت ردود الفعل بين السخرية والاستهزاء من جهة والرد بالنصوص القانونية من جهة أخرى، وتدوالت حسابات التواصل الاجتماعي كلام المستشار القانوني للنواب الذي قدمه لهم العام الماضي، وهو مسجل وموجود وموثق واستخرج من الأرشيف وأعادت حسابات التواصل الاجتماعي نشره وفيه يشرح سعادة المستشار عدم قانونية المقترح بل عدم عدالته أيضاً، ناهيك عن أن قيمة القروض المراد إسقاطها 5 مليارات دينار في حين يصل الدين العام للبحرين إلى 15 ملياراً، فلو كانت الحكومة تملك هذه الخمسة لسددت به جزء من دين الدولة من باب أولى.

تطور الوعي المجتمعي مسألة صعبة وبطيئة، وعملية دغدغة المشاعر ناجحة في معظم الحالات، ولسهولتها كان المتاجر بمشاعر الناس يرمي طعمه ويستقطب الإعجاب والإشادة وهو ماشي، بمعنى أنه لا يكلف نفسه جهد الإقناع؛ فالاستجابة تكون فورية ومتعطشة لمثل هذا الخطاب، والوعي والإدراك الجمعي عملية تراكمية طويلة وصعبة وتأخذ وقتاً كي تشغل العقل وتقارن وتطلب الأدلة وتستوعب الواقع، لهذا كانت ردور الفعل الجمعية على المقترح غير الواقعي تدل على أن الوعي الجمعي قد تقدم وارتفع مستواه ومقدمو المقترح لا.

فأنت أمام حالة تراكمية طويلة من الدروس المتكررة والعبر والتجارب، وهي التي تثبت ما وصل إليه الوعي الجمعي البحريني بخصوص هذا النوع من المقترحات، وتبين مستواه حين تلقى خبر المقترح النيابي بإسقاط القروض، فخرجت لنا تعليقات أضفت على ليلتنا البارحة جواً من المرح والتسلية، فتزينت هواتفنا بأغانٍ ورقصات مضحكة تم ربطها مع مداخلات النواب الذين اعتقدوا أن كلامهم سينال التصفيق، فإذا به يتحول إلى نكتة الموسم.

الخلاصة، اتضح أن وعي المجموعة الصغيرة التي وقعت المقترح لم تدرك أن عرضها جاء متاخراً جداً جداً، و بار في السوق قبل أن يفتح الدكان!!

ونصيحتنا للإخوة النواب في الفترة الزمنية الباقية من هذا الفصل وهي عدة أشهر فقط، أن يضعوا في اعتبارهم نتائج الامتحان الأخير «للآي كيو» أي الذكاء التي سقطوا فيه سقوطاً ذريعاً في حين نجح فيه البحرينيون نجاحاً باهراً، فلا «تعيدونها مرة ثانية».