قبل فترة تصدى البعض، وبحماس غريب، للدفاع عن فكرة خصخصة التعليم العمومي. ليس كوسيلة لدعم جهود الدولة في توفير التعليم للجميع، أو لتعزيز جودة التعليم وتحسين مخرجاته، وإنما كمجال للاستثمار فقط. ولكن هذه الدعوة تخفي وراءها رغبة لتحرير التعليم من سلطة الدولة، وقصر دورها على الترخيص والرقابة العامة فقط.
وبغض النظر عن تفاصيل هذه الأطروحات التي تتجدد بين الفينة والأخرى، استناداً إلى مبررات متعددة، في مقدمتها النظر إلى التعليم كعبء على الميزانية العامة، والادعاء بأن التعليم العمومي «يعاني من مشكلات تتعلق بالأداء والجودة»، فإن هذا الخطاب -بالرغم من عدم جديته- أصبح يثير مخاوف جدية، بسبب النزعة الديماغوجية القائمة على استراتيجية الأفكار المسبقة، ولتجاهله أيضاً الآثار السلبية الناجمة عن المساس بالحق في التعليم العمومي وإلزاميته ومجانيته.
صحيح أن ثمة مشكلات يعاني منها التعليم العمومي في أغلب بلدان العالم، بمن فيها الدول المتقدمة، ولكنها مشكلات لا يبرأ منها التعليم الخاص، ولذلك فإن الحل لا يأتي من خطاب «السوق» لأن التعليم ليس سلعة، بل هو القوة أو السلطة الأيديلوجية للدولة «أي دولة»، وهو المسؤول على تعزيز بنيتها وهويتها وثقافتها. ولذلك فالتفريط فيه إلى القطاع الخاص، من شأنه أن يؤدي إلى شرذمة المجتمع، وتفكيك أواصره، وليس إلى التنوع المثمر الذي يكون مصدر ثراء مثلما ينظر البعض.
صحيح أيضاً أن فاتورة التعليم العمومي كبيرة وثقيلة ومتزايدة، ولكن كل ذلك يمكن معالجته بالتحول بالتعليم العمومي من مسؤولية دولة فقط، إلى مسؤولية دولة ومجتمع معاً، والتركيز على الجودة والحوكمة وحسن الإدارة والتدبير. هذا فضلاً عن أن فكرة خصخصة التعليم العمومي قد طبقت في عدد من الدول انطلاقاً من خلفية ديمقراطية مفادها «حق ولي الأمر في اختيار التعليم الملائم لأبنائه من بين المعروض التعليمي في سوق التعليم»، ولكنها منيت جميعاً بالفشل الذريع، وبلا استثناء. لذلك فالتعامل مع التعليم العمومي وكأنه منشأة اقتصادية أو صناعية يمكن خصخصتها، يؤكد بأن الذين يرفعون مثل هذه الشعارات، لا يدركون أهمية التعليم باعتباره عملية ارتقائية لتجديد الذات الثقافية والاجتماعية للدولة والمجتمع معاً، وتحصينها ضد عوامل الوهن والتفكك. ومن هنا يأتي إدراك الدول المتقدمة لهذه الحقيقة حينما نظرت إلى التعليم العمومي، من حيث هي خط الدفاع الأول عن الوجود. فأكدت على سيطرة الدولة عليه. ومن البديهي أن تزاد هذه الحاجة أكثر في الدول الناشئة، لبناء وحدتها الوطنية، وتكريس هويتها الوطنية، وتعزيز القيم والثوابت المشتركة. فالدور الذي يؤديه التعليم في المجتمع جوهري. فهو ليس مجرد خدمة، إذ يسهم في بناء الأجيال لتتمثل هوية الدولة وروحها ولتعكس صورتها من خلال نظام تعليمي يتماشى مع رؤيتها السياسية والقيمية والروحية. إنه باختصار مسألة أمن قومي.
وبغض النظر عن تفاصيل هذه الأطروحات التي تتجدد بين الفينة والأخرى، استناداً إلى مبررات متعددة، في مقدمتها النظر إلى التعليم كعبء على الميزانية العامة، والادعاء بأن التعليم العمومي «يعاني من مشكلات تتعلق بالأداء والجودة»، فإن هذا الخطاب -بالرغم من عدم جديته- أصبح يثير مخاوف جدية، بسبب النزعة الديماغوجية القائمة على استراتيجية الأفكار المسبقة، ولتجاهله أيضاً الآثار السلبية الناجمة عن المساس بالحق في التعليم العمومي وإلزاميته ومجانيته.
صحيح أن ثمة مشكلات يعاني منها التعليم العمومي في أغلب بلدان العالم، بمن فيها الدول المتقدمة، ولكنها مشكلات لا يبرأ منها التعليم الخاص، ولذلك فإن الحل لا يأتي من خطاب «السوق» لأن التعليم ليس سلعة، بل هو القوة أو السلطة الأيديلوجية للدولة «أي دولة»، وهو المسؤول على تعزيز بنيتها وهويتها وثقافتها. ولذلك فالتفريط فيه إلى القطاع الخاص، من شأنه أن يؤدي إلى شرذمة المجتمع، وتفكيك أواصره، وليس إلى التنوع المثمر الذي يكون مصدر ثراء مثلما ينظر البعض.
صحيح أيضاً أن فاتورة التعليم العمومي كبيرة وثقيلة ومتزايدة، ولكن كل ذلك يمكن معالجته بالتحول بالتعليم العمومي من مسؤولية دولة فقط، إلى مسؤولية دولة ومجتمع معاً، والتركيز على الجودة والحوكمة وحسن الإدارة والتدبير. هذا فضلاً عن أن فكرة خصخصة التعليم العمومي قد طبقت في عدد من الدول انطلاقاً من خلفية ديمقراطية مفادها «حق ولي الأمر في اختيار التعليم الملائم لأبنائه من بين المعروض التعليمي في سوق التعليم»، ولكنها منيت جميعاً بالفشل الذريع، وبلا استثناء. لذلك فالتعامل مع التعليم العمومي وكأنه منشأة اقتصادية أو صناعية يمكن خصخصتها، يؤكد بأن الذين يرفعون مثل هذه الشعارات، لا يدركون أهمية التعليم باعتباره عملية ارتقائية لتجديد الذات الثقافية والاجتماعية للدولة والمجتمع معاً، وتحصينها ضد عوامل الوهن والتفكك. ومن هنا يأتي إدراك الدول المتقدمة لهذه الحقيقة حينما نظرت إلى التعليم العمومي، من حيث هي خط الدفاع الأول عن الوجود. فأكدت على سيطرة الدولة عليه. ومن البديهي أن تزاد هذه الحاجة أكثر في الدول الناشئة، لبناء وحدتها الوطنية، وتكريس هويتها الوطنية، وتعزيز القيم والثوابت المشتركة. فالدور الذي يؤديه التعليم في المجتمع جوهري. فهو ليس مجرد خدمة، إذ يسهم في بناء الأجيال لتتمثل هوية الدولة وروحها ولتعكس صورتها من خلال نظام تعليمي يتماشى مع رؤيتها السياسية والقيمية والروحية. إنه باختصار مسألة أمن قومي.