«وظل ملاحقاً دولياً بموجب أمر قبض دولي، ومن خلال الإجراءات القانونية التي اتخذتها النيابة العامة وإدارة الشؤون الدولية والإنتربول بوزارة الداخلية، إلى أن تمّ القبض عليه مؤخراً وتسليمه للسلطات في مملكة البحرين تلبيةً لطلبها القانوني، ووفقاً لما تنص عليه الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب والتعاون القضائي الدولي في هذا الصدد».

هذه الفقرة جاءت ضمن نص البيان الذي أصدرته النيابة العامة قبل عدة أيام، وذكرت فيه أنها تسلمت أحد المطلوبين، وقد وصفته بأنه «أخطر عنصر إرهابي» وكان مطلوباً على ذمة عدة قضايا، وصدرت بحقه أحكام، لكنه هرب.

بهذه الفقرة القصيرة جداً والمقتضبة تواضعت النيابة العامة ووزارة الداخلية تواضعاً شديداً، وقدمت مختصراً لقصة استغرقت عدة سنوات، وتُعَد إحدى القصص البطولية الوطنية لرجال الأمن والقضاء بمعنى الكلمة؛ فهي تختزل عنواناً قوياً واحداً «لا يضيع حق الوطن ووراءَهُ رجالٌ» ونِعم الرجالُ.

منذ لحظة هروبه إلى لحظة تسلمه جرت أحداث كثيرة بالتأكيد؛ فنحن نتحدث عن سنوات من الرصد والبحث والتقصي، تخفّى فيها وتحرك وظهر، ثم عاد واختفى إلى أن استعادته السلطات البحرينية. قصة استرجاعه هذه ليست عادية، وتستحق أن نسلط عليها الضوء - بما لا يخل بالمقتضيات الأمنية - طبعاً؛ لأننا بحاجة إلى أن نرسل رسالة مهمة جداً لكل من تسوّل له نفسه أنّ حق البحرين لا يضيع، وأنّ هذا الوطن لديه رجال عاهدوا الله على حفظه وحفظ أمنه، وأنّ الهروبَ لا يعني نهاية القصة أبداً ولو طال الزمن، فلا يفرح أعداء الوطن؛ فهناك من الإصرار والمثابرة والصبر والعمل الدؤوب ما بإمكانه أن يطويَ عجاج السنين ويعيد الحق لنصابه.

نحتاج إلى أن نحتفي بالقصة لأننا نحتاج إلى أن نفرح ببطولاتنا الوطنية، وقصة استعادته من القصص البطولية، وشبابنا بحاجة لأن يقدروا إمكانياتنا ويعززوا الثقة بأنفسهم، ونحن كمجتمع بحاجة إلى أن نقدر هذا المجهود وهذا التعب وأن نحيي ونرفع العقال عالياً لهذه التربية الوطنية التي أبقت على شعلة المثابرة والإصرار مشتعلة في نفوس هؤلاء الأبطال البحرينيين في النيابة وفي الداخلية طوال تلك السنوات دون أن تفتر.

فإذا علمت الجرائم التي ارتكبها حتى وهو هارب تعرف قيمة استعادته لتنفذ الأحكام ضده.

فهذا الإرهابي هو المخطط والمسؤول الأول عن عدة عمليات إرهابية شهدتها المملكة خلال الحقبة الماضية والتي نتج عنها.

1: قتل والشروع في قتل رجال الشرطة والمدنيين؛ من خلال تنظيمه وإدارته خلايا ومجموعات من العناصر الإرهابية وتدريبهم على تصنيع المتفجرات واستعمال الأسلحة النارية بمساعدة الحرس الثوري الإيراني وآخرين بالعراق، وذلك بقصد الإخلال بالأمن العام من خلال استهداف الأماكن الحساسة والحيوية بالمملكة، والتعدي على السلطات وإلحاق الأضرار بالممتلكات العامة والخاصة.

2: فضلاً عن اضطلاعه بتنظيم وإدارة المجموعات الإرهابية وتوجيهها في ارتكاب العمليات وتدبير التمويل اللازم لها، وقد شارك المحكوم عليه فعلياً في بعض هذه العمليات الإرهابية.

3: إلى أن هرب إلى إيران ثم استمر بالتنسيق مع عناصر الحرس الثوري في وضع مخططات العمليات الإرهابية داخل مملكة البحرين، ومن أبرز هذه العمليات استهداف قوات الأمن العام بمنطقة الديه عام 2014 والتي نجم عنها استشهاد ضابط وعدد من أفراد الشرطة وإصابة آخرين، بالإضافة إلى العديد من التفجيرات في مناطق متفرقة منها أحداث تفجير مركز المعارض.

وللحديث بقية نكملها غداً بإذن الله.