على ضوء قيام ممثلي عدد من الجمعيات ببحث الشؤون الداخلية مع جهة خارجية، وزير الداخلية أصدر بياناً قال فيه: «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرّتين»!
«أكد الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، أن قيام ممثلي عدد من الجمعيات بالتواصل وبحث الشؤون الداخلية البحرينية مع جهة خارجية وإثارتهم مغالطات وشكاوى فئوية ومنحازة، يمثل وجهات نظرهم الشخصية، ولا يعكس الإجماع الوطني البحريني، فضلاً عن كونه إضراراً مباشراً بمتطلبات السلم الأهلي ويتيح الفرصة لأطراف خارجية بالتدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وهو أمر ترفضه كافة أطياف وفئات المجتمع». انتهى.
بدايةً، لو كنتُ سفيراً في دولة ما، وزارني مواطنو هذه الدولة ومعهم قائمة مطالب لها علاقة بشأنهم الداخلي الوطني، أو حتى لو عرضتُ أنا كسفير خدماتي عليهم وسألتهم كيف ممكن أن أساعدكم وقبلوا بعرضي واستساغوه ولم يجدوا فيه غضاضة، وتجاوبوا معي وقدموا مطالبهم لي، لاحتقرتُ كلّ فرد فيهم ولازدريته ولطهّرتُ المقاعد التي جلسوا عليها بعد خروجهم!!
لأنه باختصار شديد جداً سأتخيل «وأنا السفير» لو أن سفيراً أجنبياً في وطني جلس مع مواطنين من بلدي وعرض عليهم خدمات تخصّ شأن بلدي وقبِلوا مساعدته لاعتبرتهم خونة، ولفتحتُ معهم تحقيقاً، فالأمر لا يتجزأ ولا يُكال بعدّة مكاييل، وما لا أقبله في وطني لا أقبله على الآخرين.
فالأمر ليس زيارات وتبادل أفكار، فذلك أمر مشروع، والسفراء يلتقون كثيراً بعدّة شخصيات وفي عدّة مناسبات، وحتى سفراء مملكة البحرين يلتقون بشخصيات عديدة في الدول التي يقيمون فيها، المسألة تتحوّل عند انتظارنا من هذا السفير أن يتحرّك لتلبية قائمة مطالبنا، أن ندعوه للتحرّك «لحلحلة» أو «لإثارة الموضوع الفلاني أو العلّاني» للضغط من أجل تحقيق مطالبنا -أياً كانت مشروعيتها-، فهنا النقطة الفاصلة التي تحوّل الزيارات من أمر مشروع إلى ممنوع، حتى لو كانت المساعدة المعروضة من السفير مجرّد «نُصح» أو «توصية» من هذا السفير أو ذلك سيقدمها لسلطاتنا، فستظل بالنسبة لأي دولة تدخلاً في الشؤون الداخلية.
هذه المسلّمات في تعريف المشروع والممنوع تم العبث بها في دولنا فقط «عندنا فقط قالوا يجوز للسفراء الأجانب أن يتدخلوا في الشؤون الداخلية»، ولكن في دولهم ذلك غير مسموح ولا يجوز لأيّ سفير أن يتجاوز حدّه ويُطالب السّلطات بأن يقوموا بكذا أو يفعلوا كذا فيما يخصّ شؤون تلك الدول الداخلية، فهناك بروتوكولات يلتزم بها السفراء.
كما أنهم لا يسمحون لمواطنيهم بأن يطلبوا من السفراء الأجانب التدخل للتأثير على أيّ حدث محليّ وإلا اعتُبر ذلك عملاً غير مشروع.
لكنهم قلبوا تلك المسلّمات عندنا فقط حتى يتمكّنوا من التأثير والضغط على السُّلطات وحتى يسهّلوا عملية التواصل بينهم وبين ضِعاف النفوس عندنا.
فمن تُسوِّل له نفسه بطلبٍ من أيّ سفير أجنبي أن يتدخل ويُحلحل أو يُحرّك أو يُطالب سلطاتنا بأيّ طلب فليعلم أن العودة للمسلّمات هي التي ستُسمهم بالخيانة لا نحن.
وزير الداخلية إذاً حين قال في بيانه أمس «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرّتين» فهي رسالة للاثنين للتذكير بأحداث 2011 ولِمن سوّلت له نفسه سواءً من التقوا بالسفير أو للسفير -أياً كان- فإن البحرين قطعت شوطاً كبيراً في تجاوز ما أفسده السفراء السابقون وفي ترميم الخراب الذي أحدثوه. واليوم البحرين -ولله الحمد- تنعم ببيئة صحية نتنفس فيها جميعاً كبحرينيين ونقف فيها جميعاً على أرض ثابتة أساسها ميثاقنا الوطني الذي نحتفل بذكراه الحادية والعشرين هذه الأيام لنُعالج ما أفسدوه.
هناك روح جديدة وُجِدَت مِن بعد أحداث 2011 السيئة خلقت جداراً حصيناً من الوحدة الوطنية، لدينا مُنجزات عجزتم أنتم عن تحقيقها رغم ديمقراطيتكم، لدينا انسجام بين تعددياتنا، ولدينا إنسانية نصون حقوقها تمثّلت في تعاطينا الرائع مع الجائحة، والفرق كبير بيننا وبينكم لصالحنا، فإن شئتم ساعدناكم وعلّمناكم كيف تكون الإنسانية والمساواة والسلام والتعايش والتسامح على أن يأتي الطلب من سُلطاتكم!!
أما أحمد الجلبي النُسخة البحرينية فله منّا حديثٌ آخر..
{{ article.visit_count }}
«أكد الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، أن قيام ممثلي عدد من الجمعيات بالتواصل وبحث الشؤون الداخلية البحرينية مع جهة خارجية وإثارتهم مغالطات وشكاوى فئوية ومنحازة، يمثل وجهات نظرهم الشخصية، ولا يعكس الإجماع الوطني البحريني، فضلاً عن كونه إضراراً مباشراً بمتطلبات السلم الأهلي ويتيح الفرصة لأطراف خارجية بالتدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وهو أمر ترفضه كافة أطياف وفئات المجتمع». انتهى.
بدايةً، لو كنتُ سفيراً في دولة ما، وزارني مواطنو هذه الدولة ومعهم قائمة مطالب لها علاقة بشأنهم الداخلي الوطني، أو حتى لو عرضتُ أنا كسفير خدماتي عليهم وسألتهم كيف ممكن أن أساعدكم وقبلوا بعرضي واستساغوه ولم يجدوا فيه غضاضة، وتجاوبوا معي وقدموا مطالبهم لي، لاحتقرتُ كلّ فرد فيهم ولازدريته ولطهّرتُ المقاعد التي جلسوا عليها بعد خروجهم!!
لأنه باختصار شديد جداً سأتخيل «وأنا السفير» لو أن سفيراً أجنبياً في وطني جلس مع مواطنين من بلدي وعرض عليهم خدمات تخصّ شأن بلدي وقبِلوا مساعدته لاعتبرتهم خونة، ولفتحتُ معهم تحقيقاً، فالأمر لا يتجزأ ولا يُكال بعدّة مكاييل، وما لا أقبله في وطني لا أقبله على الآخرين.
فالأمر ليس زيارات وتبادل أفكار، فذلك أمر مشروع، والسفراء يلتقون كثيراً بعدّة شخصيات وفي عدّة مناسبات، وحتى سفراء مملكة البحرين يلتقون بشخصيات عديدة في الدول التي يقيمون فيها، المسألة تتحوّل عند انتظارنا من هذا السفير أن يتحرّك لتلبية قائمة مطالبنا، أن ندعوه للتحرّك «لحلحلة» أو «لإثارة الموضوع الفلاني أو العلّاني» للضغط من أجل تحقيق مطالبنا -أياً كانت مشروعيتها-، فهنا النقطة الفاصلة التي تحوّل الزيارات من أمر مشروع إلى ممنوع، حتى لو كانت المساعدة المعروضة من السفير مجرّد «نُصح» أو «توصية» من هذا السفير أو ذلك سيقدمها لسلطاتنا، فستظل بالنسبة لأي دولة تدخلاً في الشؤون الداخلية.
هذه المسلّمات في تعريف المشروع والممنوع تم العبث بها في دولنا فقط «عندنا فقط قالوا يجوز للسفراء الأجانب أن يتدخلوا في الشؤون الداخلية»، ولكن في دولهم ذلك غير مسموح ولا يجوز لأيّ سفير أن يتجاوز حدّه ويُطالب السّلطات بأن يقوموا بكذا أو يفعلوا كذا فيما يخصّ شؤون تلك الدول الداخلية، فهناك بروتوكولات يلتزم بها السفراء.
كما أنهم لا يسمحون لمواطنيهم بأن يطلبوا من السفراء الأجانب التدخل للتأثير على أيّ حدث محليّ وإلا اعتُبر ذلك عملاً غير مشروع.
لكنهم قلبوا تلك المسلّمات عندنا فقط حتى يتمكّنوا من التأثير والضغط على السُّلطات وحتى يسهّلوا عملية التواصل بينهم وبين ضِعاف النفوس عندنا.
فمن تُسوِّل له نفسه بطلبٍ من أيّ سفير أجنبي أن يتدخل ويُحلحل أو يُحرّك أو يُطالب سلطاتنا بأيّ طلب فليعلم أن العودة للمسلّمات هي التي ستُسمهم بالخيانة لا نحن.
وزير الداخلية إذاً حين قال في بيانه أمس «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرّتين» فهي رسالة للاثنين للتذكير بأحداث 2011 ولِمن سوّلت له نفسه سواءً من التقوا بالسفير أو للسفير -أياً كان- فإن البحرين قطعت شوطاً كبيراً في تجاوز ما أفسده السفراء السابقون وفي ترميم الخراب الذي أحدثوه. واليوم البحرين -ولله الحمد- تنعم ببيئة صحية نتنفس فيها جميعاً كبحرينيين ونقف فيها جميعاً على أرض ثابتة أساسها ميثاقنا الوطني الذي نحتفل بذكراه الحادية والعشرين هذه الأيام لنُعالج ما أفسدوه.
هناك روح جديدة وُجِدَت مِن بعد أحداث 2011 السيئة خلقت جداراً حصيناً من الوحدة الوطنية، لدينا مُنجزات عجزتم أنتم عن تحقيقها رغم ديمقراطيتكم، لدينا انسجام بين تعددياتنا، ولدينا إنسانية نصون حقوقها تمثّلت في تعاطينا الرائع مع الجائحة، والفرق كبير بيننا وبينكم لصالحنا، فإن شئتم ساعدناكم وعلّمناكم كيف تكون الإنسانية والمساواة والسلام والتعايش والتسامح على أن يأتي الطلب من سُلطاتكم!!
أما أحمد الجلبي النُسخة البحرينية فله منّا حديثٌ آخر..