أربع جولات من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، ولقاءات على مستوى وزراء الخارجية والوسطاء، لم تنجح في تهدئة الأزمة الأوكرانية، أو توقف إطلاق النار، في ظل أزمة دولية، تؤثر تداعياتها على العالم اقتصادياً.

يبدو أن المفاوض الروسي والمفاوض الأوكراني، لم يقدما تنازلات بعد، فمن جانب روسيا تقف على أرض صلبة، بسبب تقدمها العسكري على الأرض، ولكنها تواجه عقوبات غير مسبوقة فرضت عليها من المعسكر الغربي، بينما الجانب الأوكراني يعتمد على الضغط على الغرب، للحصول على الأسلحة ليحاول فرض شروطه، والواقع أن أوكرانيا لم تتلقَ ما فيه الكفاية من الأسلحة، لتساعدها في الحفاظ على الموقف الصلب خلال المفاوضات.

يعمل حلفاء أوكرانيا على دعم المقاومة الأوكرانية، مع فتح باب المجال لمن يرغب في الخارج للدخول إلى أوكرانيا، لمحاربة روسيا حتى يتم استنزاف موسكو عسكرياً في الداخل الأوكراني. وهناك أيضاً العقوبات الأوروبية، في حال حصولها على بدائل تغنيها عن إمدادات الطاقة الروسية، الأمر الذي قد يجبر موسكو على التراجع عن مواقفها خلال المفاوضات، ومن جانب آخر تعمل أمريكا على تفعيل دور الصين في الوساطة، في محاولة لإضعاف الموقف الروسي الصلب في المفاوضات مع أوكرانيا، والضغط على بكين عبر التلويح بالعقوبات الاقتصادية والتجارية والقيود الأمريكية، حال استمرت في التوازن في مواقفها مع موسكو تجاه الأزمة الأوكرانية.

تراوحت أجندات موسكو وكييف خلال المفاوضات، فالأوكرانيون حريصون على شروطهم العسكرية، بدءاً من توقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، بينما بدت مواقف المسؤولين الروس سياسية وعسكرية في ذات الوقت، وعلى الأقل خرجت المفاوضات إلى الساعة، بالاتفاق على إنشاء ممرات إنسانية في المناطق المتضررة، بحيث يكون إطلاق النار بها متوقف بشكل مؤقت.

كان لافتاً عرض الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي، بإجراء مفاوضات مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تسعى أوكرانيا من خلالها لكسب مزيد من الوقت، للحصول على دعم أكبر، قد يبطىء التقدم الروسي، ويعزز من موقفها في المفاوضات، خصوصاً بعد حصول كييف على دعم سياسي معنوي، من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أدانت التدخل الروسي العسكري، بتأييد من 141 دولة.

كما هو حال كييف، تسعى موسكو بدورها أيضاً لكسب الوقت، لتعزيز سيطرتها على المزيد من الأراضي الأوكرانية. وعليه، تكون مساعي التسوية أياً كانت ليست ببعيدة عن رغبات روسيا، ولذلك عند النظر إلى المفاوضات الروسية الأوكرانية، نجدها فرصة قيمة للتهدئة، ولكن يبدو أنها مازالت في بدايتها، وطريق نهاية الأزمة لم يأتِ بعد.