تجددت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، الأربعاء، لليوم الرابع على التوالي حول محيط قاعدة سلاح المدرعات التابع للجيش في العاصمة الخرطوم، بوتيرة أقل حدة من الأيام السابقة، وسط تضارب في الروايات بشأن السيطرة على القاعدة، كما تواصلت الاشتباكات بجنوب دارفور.

وسُمع دوي قصف مدفعي متبادل بين الطرفين فيما تصاعدت أعمدة دخان خفيفة من الأحياء المتاخمة للمدرعات، تزامناً مع تحليق مستمر لطائرات الاستطلاع في أجزاء واسعة من العاصمة، فيما سُمع دوي المضادات الأرضية التي تستخدمها قوات الدعم السريع.

وأفاد شهود عيان بتجدد الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع في منطقة السامراب والدروشاب من الناحية الشمالية الشرقية من مدينة الخرطوم بحرى.



وقال الجيش إنه تمكن من التصدي لمحاولة هجوم وصفها بالفاشلة من قبل قوات الدعم السريع على قاعدة سلاح المدرعات.

وأعلن الجيش، في بيان، أن قواته تبسط كامل سيطرتها على القاعدة، مؤكداً جاهزيتها للتصدي لأي محاولات هجوم جديدة.

من جانبها، قالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت على عدد 101 دبابة و90 مدرعة و 21 عربة قتالية، في قاعدة سلاح المدرعات.

وقالت، في تعميم صحافي، إنها تمكنت من السيطرة الكاملة على القاعدة عدا بعض الجيوب التي يتم التعامل معها.

آخر النقاط الحصينة

وتمثل قاعدة سلاح المدرعات إلى جانب حامية عسكرية كبيرة في منطقة "جبل أولياء" على ضفة النيل الأبيض، آخر النقاط العسكرية الحصينة جنوب الخرطوم، بعد سيطرة الدعم السريع على مواقع أخرى، من بينها مقر قوات الاحتياطي المركزي، وموقع اليرموك للتصنيع الحربي، فضلاً عن موقع جياد التابع للصناعات الدفاعية.

وشهدت العلاقة بين قادة المدرعات وقائد الدعم السريع توتراً منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير، ويقول محللون إن ضغوط قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي) أسفرت عن إقالة قائد المدرعات اللواء نصر الدين عبد الفتاح آنذاك بسبب رفضه القاطع اقتراب قوات الدعم السريع من مقر قواته لأي سبب كان، وتهديده بمواجهة تلك القوات، قبل أن يعيده البرهان إلى الخدمة قبل أشهر.

وعادة ما تتخذ قوات الدعم السريع أسلوب الهجوم على موجات متتابعة لأيام على المواقع المحصنة بغية الاستيلاء عليها.

وتشير تقارير إلى استخدام القوات مسيرات ومدفعية ومدرعات في المعركة، ورأى شهود عيان طيران الجيش أثناء قصفه القوات، فضلاً عن استخدام المدفعية والأسلحة المتوسطة والخفيفة لرد الهجوم.

ويقع مقر المدرعات في منطقة الشجرة على ضفة النيل الأبيض جنوبي العاصمة، وهي منطقة حيوية بالنسبة للاقتصاد السوداني حيث تحتضن مستودعات رئيسية للمواد البترولية والغاز.

وأجبر القتال المتقطع في المنطقة منذ أسابيع، آلاف الأسر في أحياء "جبرة" و"الكلاكلة" و"الشجرة" و"اللاماب" على الفرار إلى أماكن أكثر أمناً داخل الخرطوم وخارجها.

ضحايا وفارون

وفي غربي السودان، أودت المعارك بين الجيش والدعم السريع بحياة 60 شخصاً وأكثر من 250 جريحاً إلى جانب فرار 50 ألف من المدنيين جراء اشتداد وتيرة الاقتتال، بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان، وتتبّع النزوح الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة.

يصاحب ذلك أوضاع إنسانية استثنائية بالغة التعقيد يواجهها المدنيون جراء حالات النقص الحاد في الغذاء والدواء والتوتر الأمني وانعدام الضروريات الأسرية المعيشية داخل عاصمة جنوب دارفور والمناطق التي نزح إليها السكان.

وتسبّب استمرار الاشتباكات المستمرة منذ 11 أغسطس الجاري، في مدينة نيالا عاصمة الولاية، في زيادة نزوح السكان بشكل كبير.

وأفادت تقارير أوّلية بأن ما يقرب من 10 آلاف عائلة - حوالي 50 ألف شخص - فرَّوا من منازلهم في أحياء المزاد وطيبة والسكة حديد والجبل والنيل وكرري وموسى وتكساس بمدينة نيالا، إلى أحياء الجير والنهضة والسلام والدروة والكنغو في المدينة، وإلى معسكرات السلام والسريف وعطاش وكلما للنازحين في محليات بليل ونيالا شمال.

وتجاوز عدد الجرحى الذين يطلبون المساعدات طاقة العاملين في المستشفى التركي، كما تعذّر على الشاحنات المحملة بالإمدادات الإنسانية السفر إلى المدينة بسبب القتال.

وأفادت التقارير بأن العاملين في المستشفى التركي - الذي يعاني بالفعل من نقص في الموظفين - يجدون صعوبة بالغة في التعامل مع تدفقات الجرحى، كما أفاد الشركاء الإنسانيون على الأرض أن الإمدادات الطبية آخذة في النفاد.

وهناك مخاوف من أن يؤدي استمرار القتال إلى تدهور الوضع الإنساني غير المستقر بالفعل في الولاية، وزيادة احتياجات الصحة والتغذية والمرافق الصحية والأمن الغذائي للفئات الأكثر عرضة للمخاطر، وفي الوقت نفسه قد يتعذر الوصول إلى بعض المناطق إذا أصبحت الطرق غير صالحة خلال موسم الأمطار الحالي.

وتقع مدينة نيالا بمحلية نيالا جنوب بولاية جنوب دارفور، ويعيش فيها نحو 401 ألف شخص، من بينهم حوالي 95 ألف كانوا بحاجة إلى المساعدات الإنسانية حتى قبل النزاع، وفقاً لوثيقة اللمحة العامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2023.