تونس - (وكالات): أصيب عشرات الأشخاص وأوقفت السلطات أكثر من 200 شخص خلال مواجهات في مختلف أنحاء تونس على خلفية احتجاجات على غلاء الأسعار وإجراءات تقشف اعتمدت في الآونة الأخيرة.

وقالت وزارة الداخلية التونسية الأربعاء إنها اعتقلت 237 محتجاً بينهم متشددون، بعد مهاجمة مقرات حكومية ومراكز شرطة وسرقة متاجر أثناء احتجاجات عنيفة في حين تعرضت مدرسة دينية يهودية لهجوم بالقنابل الحارقة.

وبدأت التظاهرات السلمية الأسبوع الماضي في تونس احتجاجاً على ارتفاع الأسعار وموازنة تقشف دخلت حيز التنفيذ في 1 يناير وتنص على زيادة الضرائب.



وتوسع نطاق التظاهرات وتطورت إلى أعمال شغب في البلاد مع صدامات ليلية إثر وفاة رجل خلال تظاهرة في طبربة غرب العاصمة التونسية.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية خليفة الشيباني إن 49 شرطياً أصيبوا خلال صدامات في مختلف أنحاء البلاد بينما تم توقيف 206 أشخاص ضالعين في الاضطرابات.

ومساء الثلاثاء تعرض متجر في الضواحي الجنوبية للعاصمة للنهب. وبحسب شاهد فان شبانا، معظمهم قاصرون، رشقوا بالحجارة الواجهات مساء مستفيدين من الفوضى بدافع السرقة خصوصاً أدوات كهربائية. وتدخلت الشرطة وأطلقت الغاز المسيل للدموع.

ومساء وليل الثلاثاء نشرت الشرطة والجيش في عدة مدن في تونس بينها سيدي بوزيد التي انطلقت منها حركة الاحتجاج في ديسمبر 2010 وشكلت شرارة الربيع العربي.

وقام شبان بقطع طرقات ورشق الحجارة وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع خلال الليل.

وفي جزيرة جربة القيت زجاجتان حارقتان أمام مدخل مدرستين تلموديتين في حي يهودي، الحارة الكبيرة. وقال مسؤول من الطائفة اليهودية التونسية بيريز الطرابلسي "لم تقع أضرار في الداخل".

ووقعت حوادث أيضاً في القصرين وقفصة والجديدة أو الجبل الأحمر والزهروني وهما حيان شعبيان في العاصمة التونسية.

وفي طبربة على بعد 30 كلم غرب العاصمة التونسية نزل شبان بالمئات إلى الشوارع بعد تشييع رجل توفي خلال صدامات الليلة التي سبقت ذلك فيما وقعت مواجهات مع الشرطة.

ولا تزال ملابسات وفاة الرجل البالغ من العمر 45 عاماً غير واضحة حيث قال متظاهرون انه "استشهد" بينما لم تعلن السلطات نتيجة التشريح الذي اجري الثلاثاء. ونفت وزارة الداخلية ان يكون الرجل قتل بايدي الشرطة مؤكدة أن جثمانه لم تكن عليه أي آثار عنف.

وبعد سنوات من التباطؤ الاقتصادي وتوظيف اعداد كبرى في القطاع العام، تواجه تونس صعوبات مالية كبرى.

وحصلت تونس في عام 2016 على خط قروض جديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.4 مليار يورو على 4 سنوات مقابل برنامج يهدف إلى خفض العجز في الموازنة.

ونددت نقابة الاتحاد العام التونسي للشغل الواسعة النفوذ في البلاد، مع اعترافها في الوقت نفسه بشرعية مطالب العديد من الشبان العاطلين عن العمل، "بالعنف والنهب" داعية إلى "التظاهر بشكل سلمي" من أجل عدم تهديد التجربة الديمقراطية الناشئة في البلاد.

وقال حزب النهضة الإسلامي وهو طرف رئيسي في الحكومة الحالية إنه يتعين إجراء حوار اجتماعي واقتصادي بين جميع الأطراف في البلاد شبيه بالحوار السياسي الذي أنهى صراعات سياسية بين الإسلاميين والعلمانيين قبل سنوات بهدف تحقيق انتقال اقتصادي يرافق الانتقال السياسي السلس.

وانضمت النهضة إلى اتحاد الشغل في المطالبة برفع المساعدات المالية للعائلات الفقيرة ورفع الحد الأدنى للأجور "والذي يبلغ فقط 143 دولاراً شهرياً".

وفي البرلمان قال وزير الإصلاحات توفيق الراجحي إن الدولة لا يمكن أن تستجيب لكل مطالب واستحقاقات الثورة في التعليم والصحة والبنية التحتية في ظل الوضع المالي الحالي. وتقول الحكومة إنها تريد خفض فاتورة رواتب القطاع العام إلى 12.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 من 15 % الآن من خلال برنامج للتسريح الطوعي وافق عليه البرلمان الأربعاء.

ودعا ناشطو حركة "فاش_نستناو" "ماذا تنتظرون"، التي اطلقت مطلع السنة للاحتجاج على ارتفاع الاسعار الى التظاهر بكثافة الجمعة.

وهم يطالبون بمراجعة قانون المالية لعام 2018 الذي زاد الضريبة على القيمة المضافة وخلق ضرائب اخرى وكذلك بضمان اجتماعي أفضل للعائلات التي تواجه صعوبات وبخطة لمكافحة الفساد.

ويشهد يناير عادة تعبئة اجتماعية في تونس منذ ثورة 2011 وسط أجواء يشوبها توتر مع اقتراب اول انتخابات بلدية في فترة ما بعد الثورة، وقد تقرر اجراؤها في مايو بعد تأجيلها مرات عدة. كما من المرتقب إجراء الانتخابات الرئاسية في 2019.

وفي يناير 2016 وخلال آخر موجة احتجاجات اجتماعية، امتدت حركة الغضب الناجمة عن وفاة عاطل عن العمل كان يتظاهر في القصرين إلى مختلف أنحاء البلاد واضطرت السلطات إلى فرض حظر تجول لأيام.