القاهرة - عصام بدوي

شهدت أروقة القضاء المصري، خلال اليومين الماضيين، أول دعوى قضائية تطالب السلطات المصرية بمطالبة تركيا برد الأموال التي تحصلت عليها من مصر تحت مسمى "الجزية" خلال فترة الحكم العثماني لمصر.

وطالبت الدعوى، التي أقامها المحامي حميدو جميل البرنس، تحت بند دعوى قضائية رقم 38694 لسنة 72 شق عاجل أمام الدائرة الأولى بمجلس الدولة، بإصدار قرار بالتحفظ على الأموال المملوكة لدولة تركيا في مصر وعدم تسليم ما تبقى من الوديعة التركية لدى البنك المركزي المصري، والتحفظ عليها لصالح الدولة المصرية وفاء للديون المصرية على تركيا، أو لحين رد الأموال التي تحصلت عليها بدون حق تحت مسمى الجزية التي كانت تسددها مصر للدولة العثمانية إبان الاحتلال العثماني لمصر، والتي استمرت الدولة المصرية تدفعها لتركيا حتى بعد انتهاء الخلافة العثمانية.



وذكرت الدعوى المقامة أمام محكمة القضاء الإداري، أنه "من المعروف والمعلوم تاريخيا أن فترة وقوع مصر تحت الحكم العثماني، كانت أسوأ فترات تاريخ الدولة المصرية، ففيها ساءت أحوال البلاد السياسية، والاقتصادية، وتحولت مصر وقتها من دولة مستقلة يغمرها العمران إلى دولة بدائية للغاية، ليس لها من التقدم نصيب، ولا من الحضارة حظ".

وجاء في الدعوى مفاجأة، أنه "بعد وقوع مصر تحت الاحتلال البريطاني عام 1882 وفرض الحماية البريطانية على مصر، ظلت مصر تدفع الجزية لمدة أربعين عاما بدون وجه حق، واكتشف هذا الخطأ في ستينات القرن الماضي، وكانت هذه الجزية تقدم إلى الحكومة التركية في صورة ذهب، وأول من اكتشف هذا الأمر هو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر".

وكشفت الدعوى، أنه سبق وقامت الخارجية المصرية بمطالبة الحكومة التركية بسداد المديونية المصرية لدى تركيا، والتي تبلغ مليارات الجنيهات، وهى المديونية التي تعود إلى أيام الخلافة العثمانية والمتعلقة بالجزية التي سددتها مصر بدون سند مشروع، وجاءت المطالبة المصرية بهذه الديون من قبل الخارجية المصرية وبشكل رسمي، لكنها توقفت فجأة بدون سبب معروف.

وطالبت الدعوى الحكومة المصرية بالتحفظ على الأموال التركية الموجودة في مصر والحجز على ما تبقى من الوديعة التركية بالبنك المركزي وعدم ردها وفاء لجزء من الحقوق المصرية لدى تركيا.

وشرحت الدعوى، أنه قد اتضح وجود حق للدولة المصرية وللمواطنين المصريين في استعادة الأموال التي حصلت عليها تركيا بدون وجه حق وبدون سند قانوني، وامتناع المطعون ضدهم من المطالبة بتلك الحقوق المشروعة لمصر، وأن هذا هو قرار إداري سلبي بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات القانونية طبقا لأحكام القانون الدولي لإلزام تركيا بتحمل مسؤوليتها القانونية بسداد مديونياتها لمصر.

وذكرت الدعوى، أنه وفقاً لنص المادة 49 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، والتي تجيز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مؤقتاً إذا طلب في عريضة الدعوى، ورأت المحكمة، أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها، وأن استمرار القرار السلبي لجهة الإدارة بعدم مطالبة تركيا بالديون المستحقة لمصر، وعدم التحفظ على الأموال التركية الموجودة بمصر يترتب عليه نتائج يصعب تداركها، ويؤدى إلى فوات فرصة استعادة الأموال المصرية لدى تركيا.

وطالبت الدعوي بصفة مستعجلة وقف القرار السلبي لرئيس الوزراء ووزير الخارجية بالامتناع عن مطالبة دولة تركيا برد الأموال التي تحصلت عليها من مصر تحت مسمى الجزية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إصدار قرار بالتحفظ على الأموال المملوكة لدولة تركيا في مصر، وعدم تسليم ما تبقى من الوديعة التركية والتحفظ علبها وبصفة موضوعية، إلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات.

وأكد جميل المحامي "صاحب الدعوى"، أنه آن الأوان لمصر أن تستعيد حقوقها المهدرة خارجياً وواجب على كل مصري أن يدافع عن تلك الحقوق ويسعى لاستردادها.