* 5.3 مليون ناخب يحق لهم التصويت في الاقتراع

* 2173 قائمة و57 ألف مرشح يتنافسون على 350 مجلساً بلدياً

تونس - منال المبروك، وكالات



بعد أربعة أسابيع من الحملات الانتخابية ويوم صمت وحيد يتقدم الأحد أكثر من 5.3 مليون تونسي لمراكز الاقتراع لانتخاب من سيمثلهم في الحكم المحلي في 350 دائرة بلدية، في أول انتخابات بلدية حرة مستقلة، بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي في يناير 2011، في استحقاق طال انتظاره لترسيخ الديمقراطية المحلية.

وقال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية مايكل عياري "لم تحصل هناك أبداً انتخابات بلدية حرة وتنافسية" في تونس، وكانت آخر انتخابات للمجالس البلدية جرت خلال حكم الحزب الواحد في نظام بن علي.

وبلغ العدد الإجمالي للقائمات المترشحة وفق بيانات رسمية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات 2173 قائمة، منها 1099 قائمة حزبية و897 قائمة مستقلة و177 قائمة ائتلافية فيما بلغ العدد الإجمالي للمترشحين نحو 57 ألف مرشح، 49.26% منهم من النساء و50.74 % رجال وفقاً لمبدأ التناصف الذي نص عليه القانون.

وتمثل هذه الانتخابات الأولى من نوعها التي تجرى في تونس ما بعد ثورة يناير 2011 وهي أيضا الأولى التي تسجل مشاركة منتسبي الأسلاك الأمنية والعسكرية الذين أدلوا بأصواتهم قبل أسبوع.

وتتميز الانتخابات البلدية في نسختها الحالية بمقتضى القانون الذي ينظمها بمشاركة مكثفة للشباب وإشراك ذوي الاحتياجات الخاصة حيث يترأس 18 شخصاً من ذوي الإعاقة قائمات مترشحة فيما تترأس النساء 30.3% من العدد الجملي للقائمات ويترأس الشباب ما دون 25 سنة 52.1% من القائمات.

ويمثل حزبا حركة نداء تونس وحركة النهضة أكبر المتنافسين على الفوز بالمقاعد البلدية نظراً لتغطيتهم الشاملة لكل بلديات الجمهورية البالغ عددها 350 دائرة بلدية.

وبعد ثورة يناير 2011 تم حلّ كل المجالس البلدية السابقة وتعويضها بنيابات خصوصة وقع اختيار أعضائها من قبل أعضاء البرلمان عن كل جهة بعد المصادقة عليها من قبل الوالي "المحافظ"، غير أن عملها لم يكن مستقراً ما تسبب في تعطل مشاريع تنمية في عدة جهات وتراجع الخدمات البلدية إلى جانب تدهور الوضع البيئي.

وكانت موجة من الاحتجاجات الاجتماعية عمت مناطق ومدن تونسية بداية 2018 تزامنا مع دخول الميزانية الجديدة حيز التنفيذ.

ويرجح مراقبون أن حزبي "النهضة" الإسلامي و"نداء تونس" الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي سيتمكننان من الفوز في عدد من المناطق، بحكم أنهما الوحيدان اللذان قدما قوائم في 350 بلدية في كامل البلاد.

وتم تأجيل تاريخ الانتخابات البلدية 4 مرات، وستشمل 350 بلدية يتنافس عليها 57 ألف مرشح، وتنطلق الأحد في الثامنة صباحاً "07:00 ت غ".

وسيقوم 30 ألف عنصر من قوات الأمن بتأمين أمن الانتخابات. ولاتزال البلاد في حالة طوارئ فرضت منذ 2015 إثر اعتداءات دامية.

وخلال حكم الحزب الواحد، كانت قرارات البلديات تخضع لإدارة مركزية غالباً ما تكون موالية للحزب الحاكم.

وصادق البرلمان نهاية أبريل الماضي على قانون الجماعات المحلية الذي سيمنح البلديات للمرة الأولى مجالس مستقلة تُدار بحرية وتتمتع بصلاحيات واسعة.

وتعتبر نسبة المشاركة الضعيفة للأمنيين وقوات الجيش الأحد الماضي "12%" مؤشراً آخر لقلة اهتمام الناخبين.

ولا يستبعد مراقبون حصول مفاجآت ناتجة عن وجود عدد كبير من القوائم المستقلة التي يمكن لها قلب موازين القوى.

ولتونس تاريخ طويل مع العمل البلدي الذي انطلق منذ سنة 1858 حيث كانت تونس العاصمة تحتوي على مجلس بلدي يترأسه شيخ المدينة وهو ذات اللقب الذي يحافظ عليه إلى اليوم رئيس بلدية العاصمة.

كما انتشرت المجالس البلدية في عديد المحافظات والجهات في عهد الحماية الفرنسية وبعد استقلال البلاد سنة 1956 تم إصدار أول نص قانوني ينظم العمل البلدي في 14 مارس 1957 أجريت على إثرها أول انتخابات بلدية تعرفها البلاد.

وفي الفترة الممتدة بين 1957 و2010 نظمت تونس 13 انتخابات بلدية كان الحزب الحاكم حينها يفوز خلالها بأغلبية ساحقة ما يجعل من انتخابات 2018 أول موعد حقيقي للتونسيين مع الديمقراطية في الحكم المحلي.

وتخصص تونس حالياً 4% من موازنة البلاد المقدرة بـ15 مليار دولار للعمل البلدي وسط مطالب برفع هذه النسبة إلى 15% في السنوات الخمس القادمة.

ومن المنتظر أن تبدأ عملية فرز أصوات المقترعين مباشرة إثر انتهاء عملية التصويت على أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج النهاية في 9 مايو الحالي.

ويرى مراقبون ومحللون أن التحدي الأكبر أمام المجالس البلدية الجديدة هو تحقيق توقعات الناخبين فيما يتعلق بزيادة ميزانيات البلديات، والتغلب على مشكلات مثل نقص الوظائف والفرص الاقتصادية.

وفيما يعتبر تونسيون أن الانتخابات البلدية فرصة طال انتظارها لتحسين الخدمات العامة المتردية وحل المشكلات المحلية، يقر آخرون بعدم تحمسهم للانتخابات البلدية بسبب مؤشرات التضخم والبطالة المرتفعة، إضافة إلى التسوية بين الأحزاب السياسية التي عرقلت النقاش الديمقراطي على المستوى الوطني.

وخاض الإسلاميون والعلمانيون صراعاً على الوجهة التي تذهب إليها تونس منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت ببن علي لكنهما توصلا لاتفاق بشأن تقاسم السلطة بوساطة النقابات العمالية في 2014.

ويريد المانحون الغربيون تقديم تمويل للمجالس البلدية لبدء مشروعات من أول يوم عمل لها. ويضاف هذا إلى قروض من صندوق النقد الدولي وعدة دول بمليارات دولار الهدف منها مساعدة تونس في التغلب على عجز في الميزانية تسبب فيه الاضطراب السياسي وإنفاق القطاع العام وهو من بين أعلى معدلات الإنفاق من نوعه في العالم.

وتقدم المنظمات غير الحكومية الأجنبية دعماً نشطاً للانتخابات البلدية في محاولة لمساعدة التونسيين على بناء الديمقراطية على مستوى القاعدة الشعبية.