نيويورك - نشأت الإمام، (وكالات):

أكدت المحللة السياسية الغربية سارة برنارد أن "خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الأمم المتحدة يعكس حالة الإحباط التي اعترت الفلسطينيين جراء السياسات الأمريكية تجاه قضيتهم في الفترة الأخيرة"، مضيفة أن "الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل كان وقعه صاعقاً على الجانب الفلسطيني، وأحدث شرخاً عميقاً في علاقة السلطة الفلسطينية بالبيت الأبيض، ومنذ الإعلان الأمريكي يردد الفلسطينيون دائماً أن واشنطن لم تعد وسيطاً محايداً في قضيتهم".

وذكرت برنارد في تصريحات لـ "الوطن" أن "الصفعات الأمريكية توالت على الفلسطينيين، فتوقف أمريكا عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، يعد بمثابة تسطيح للقضية الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بحق اللاجئين الفلسطينيين، ومن ثم جاءت خطوة إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن، وهذه الخطوة بينت للفلسطينيين أن أمريكا بصدد نفض يديها من غزل القضية برمتها، واتجاهها لفرض سياسة الأمر الواقع عليهم".



وأوضحت المحللة السياسية الغربية أن "عباس بدا محبطاً نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها، حيث يتعرض لضغوط داخلية من حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ورؤيتها للحل بالمواجهة بدلاً من انتظار المزيد من التنازلات للجانب الإسرائيلي، لذا حاول عباس تشديد لهجته في الحديث عن أمريكا وأدوارها التي خذلته، وكأنما يقول إن استمرار الوضع الحالي ربما يؤدي لمزيد من التصعيد الذي لا يمكنه بعدها السيطرة عليه".

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الفلسطينيين يرفضون أن تكون الولايات المتحدة وسيطاً وحيداً في عملية السلام في الشرق الأوسط متهماً إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها "منحازة" إلى إسرائيل وقوضت حل الدولتين.

ووجه عباس في كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة انتقاداً شديداً للولايات المتحدة لإغلاقها مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن واعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إلى القدس ووقف المساعدات الفلسطينية.

وفي كلمة بعد يوم من إعلان الرئيس الأمريكي بأنه يفضل حل الدولتين لإنهاء النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأنه سيكشف عن خطة سلام جديدة خلال أشهر، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمته في الأمم المتحدة "بالدعم القوي" الذي يقدمه ترامب لإسرائيل.

إلا أن عباس قال إن ترامب لم يعد وسيطاً محادياً.

وقال عباس في "لن نقبل بالوساطة الأمريكية وحدها في عملية السلام".

وأضاف أن ترامب أظهر أنه "منحاز" لإسرائيل منذ توليه السلطة.

وتابع عباس أن الإدارة الأمريكية "نقضت كافة الاتفاقات بيننا، فإما أن تلتزم بما عليها، وإلا فإننا لن نلتزم بأي اتفاق"، مؤكداً أن الإدارة الأمريكية قوضت حل الدولتين، وكشفت عن مزاعمها "المزيفة" بأنها قلقة بشأن الظروف الإنسانية للفلسطينيين.

وانتقد عباس بشدة قرارات ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ووقف التمويل عن الفلسطينيين وخصوصاً الأموال التي كانت تخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

إلى ذلك، أكد عباس أن "القدس ليست للبيع، وعاصمتنا هي القدس الشرقية وليست في القدس، وحقوق شعبنا ليست للمساومة"

وقال "أجدد الدعوة للرئيس دونالد ترامب لإلغاء قراراته وإملاءاته حول القدس واللاجئين والمستوطنات التي تتعارض مع القانون الدولي.. لنتمكن من إنقاذ عملية السلام". وتساءل "هل يجوز أن تبقى إسرائيل من دون مساءلة أو حساب؟ وهل يجوز أن تبقى دولة فوق القانون؟ ولماذا لا يمارس مجلس الأمن الدولي صلاحياته لإجبار إسرائيل على الامتثال للقانون الدولي وإنهاء احتلالها لدولة فلسطين؟".

وجمد الرئيس عباس العلاقات مع إدارة ترامب بعد اعترافه نهاية 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل. كما قطعت الولايات المتحدة مساعداتها للفلسطينيين خاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

وفي فبراير الماضي دعا عباس إلى مؤتمر دولي لإعادة إطلاق عملية السلام مع وسيط جديد بدلاً من الولايات المتحدة، وذلك في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي.

والخميس قال إنه لا يمكن أن يكون هناك سلام بدون دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، داعياً دول العالم إلى الاعتراف بفلسطين.

وقال "نحن لسنا ضد المفاوضات ولم نرفضها يوماً، وسنواصل مد أيدينا من أجل السلام، وأننا لن نلجأ إلى العنف والإرهاب مهما كانت الظروف".

ثم تحول عباس بعد ذلك إلى شجب قانون دولة الدولة "العنصري" الإسرائيلي، ودعم إدارة ترامب غير الرسمي لإسرائيل، ورفض كل من الدولتين الالتزام بالاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

وقال "إن هذا القانون سيؤدي حتماً إلى إنشاء دولة عنصرية واحدة، وبالتالي يلغي حل الدولتين".

وأشار عباس للإدارة الأمريكية بالقول "هذه الإدارة تراجعت عن جميع الالتزامات السابقة وقوضت حل الدولتين"، ودعا المزيد من الدول إلى "الاعتراف بدولة فلسطين وناشد الأمم المتحدة لفرض القرارات التي أصدرتها على إسرائيل".

وقال "لا يكفي أن تجتاز الجمعية العامة إعادة الاستعمار دون تنفيذ"، قائلاً إن "إسرائيل لم تنفذ حتى واحداً من أكثر من 700 قرار أقرته الجمعية منذ عام 1949".

وأثار عباس قضية "الأونروا"، التي توفر الإغاثة والمساعدة الإنسانية لأكثر من 5 ملايين فلسطيني، وتقاتل من أجل البقاء منذ أن سحبت الولايات المتحدة مبلغ 300 مليون دولار كانت تقدمه لتمويل المنظمة.

واتهم الولايات المتحدة بمحاولة طمس "الأونروا"، وندد بتقديراتها أنه لا يوجد سوى 40 ألف لاجئ فلسطيني.

ودعا الجمعية العامة للأمم المتحدة "لأن تجعل دعم "الأونروا" التزاماً دولياً ثابتاً، فالوكالة تأسست بقرار من الجمعية العامة عام 1949 وتم تفويضها بتقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل لحل دائم لقضيتهم".

وكرر عدة مرات أن "منظمة التحرير الفلسطينية ملتزمة تماماً بالسلام وترفض جميع أشكال العنف صراحة" لكنه شدد على أن "التعاون هو طريق ذو اتجاهين وأن فلسطين لن تكون ملزمة باتفاقات تتراجع عنها دول أخرى".

وفي الختام ، أشاد عباس "بالشهداء والسجناء"، وقال لجميع الفلسطينيين "إننا نقترب قريبا من يومنا من الحرية والاستقلال، وأن ظلام الاحتلال سيتلاشى قريباً".

والأربعاء أحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفاجأة في الأمم المتحدة حين أعلن للمرة الأولى أنه يفضل قيام دولة فلسطينية تتعايش مع إسرائيل، ولكن من دون ان يكون لهذا الكلام وقع ملموس بشكل مباشر.

وبعدما نأى بنفسه عن مبدأ "حل الدولتين" الذي تبناه أسلافه منذ 2001، أعاد الرئيس الأمريكي عقارب الساعة الى الوراء على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة.

وقال خلال لقائه نتنياهو الأربعاء "أعتقد أن هذا هو الحل الأنجح، هذا ما أشعر به"، مضيفا "أعتقد بحق أن شيئا ما سيحدث. أنه حلمي بأن أتمكن من فعل ذلك قبل انتهاء مدة رئاستي الأولى".

ويقضي هذا الحل بقيام دولة فلسطينية مستقلة تتعايش مع اسرائيل بسلام. ويشكل مرجعا لقسم كبير من المجتمع الدولي، من الأمم المتحدة إلى الجامعة العربية مروراً بالاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف وضع حد لاحد أقدم النزاعات في العالم.

وفيما أثارت تصريحات ترامب المخاوف في أوساط سياسيين إسرائيليين يمنيين كانوا يأملون في دفن فكرة الدولة الفلسطينية للأبد، أشاد نتانياهو بترامب.

وقال نتنياهو في كلمته التي خصص معظمها لمهاجمة إيران "أتطلع إلى العمل مع ترامب وصفقته للسلام".

كما أشاد بترامب وسفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي على "دعمهما الثابت لإسرائيل" قبل أن ينتقد عباس. وانتقد نتنياهو الدفعات المالية التي تقدمها السلطة الفلسطينيين لعائلات النشطاء الفلسطينيين الذين يقفون وراء هجمات دامية ضد إسرائيل وقال "هذه ليست طريق السلام الذي لا تزال إسرائيل ملتزمة به".