* السيسي ينعى ضحايا المنيا ويتوعد "الأيادي الغادرة".. و"داعش" يتبنى العملية الإرهابية

* مصادر أمنية لـ "الوطن": العملية الإرهابية رداً علي اعتقال المتطرف عشماوي

القاهرة - عصام بدوي، (وكالات)



أعلنت مصادر أمنية مصرية "مقتل 7 مسيحيين وإصابة نحو 14 آخرين، إثر هجوم إرهابي بإطلاق نار على حافلتين تقلان أقباطاً في المنيا جنوب مصر"، فيما تبنى تنظيم الدولة "داعش"، "الهجوم الإرهابي".

وقالت المصادر إن "الهجوم استهدف حافلتين تقلان أقباطاً، كانتا متجهتين إلى دير الأنبا صموئيل، في محافظة المنيا بصعيد مصر".

وذكرت مصادر قبطية أن "مسلحين مجهولين أطلقوا وابلاً من النيران على حافلتين تقلان أقباطاً كانوا في طريقهم لدير الأنبا صموييل بالمنيا جنوب البلاد، ما أسفر عن سقوط 7 قتلى وعشرات المصابين".

وقالوا أيضاً إنه "تم إطلاق النيران بكثافة على حافلة ثالثة، لكن قائدها تمكن من الفرار بعيداً عن مصدر النار".

من جانبه، قال مصدر أمني لـ "الوطن"، إن "حافلة تقل عدداً من الأقباط تعرضت لهجوم بالقرب من دير الأنبا صموائيل في المنيا، جنوب القاهرة"، موضحاً أن "قوات الأمن انتقلت إلى مكان الحادث لفحص ملابساته، كما انتقلت سيارات الإسعاف لنقل المصابين إلى المستشفيات وإسعافهم".

وأضاف المصدر الأمني، أن "الطريق الرئيس للدير مغلق طبقا للتعليمات الأمنية، نظراً لخطورة موقعه في الظهير الصحراوي وانقطاع شبكة الاتصالات في محيطه، حيث استخدم الضحايا دروباً فرعية للوصول إلى الدير ، وأنه يتم ملاحقة منفذي الهجوم".

ورجح المصدر الأمني، أن "يكون هذا الهجوم جاء رداً على اعتقال زعيم تنظيم "مرابطون" المتطرف، المصري هشام عشماوي داخل ليبيا، والذي تم القبض عليه في ليبيا الشهر الماضي".

وقال المصدر الأمني، إن "إلقاء القبض على عشماوي زعيم تنظيم "المرابطون" بداية الشهر الماضي، يعتبر ضربة للمتشددين، الذين يشنون هجمات في مصر عبر حدودها الشرقية والغربية، وجميعهم مرتبطون فكريا وتنظيميا ببعض بشكل أو بآخر".

وعشماوي الضابط السابق بالجيش المصري، كان يسعى لتشكيل ما أطلق عليه "الجيش المصري الحر" التابع لتنظيم القاعدة في درنة في ليبيا، بهدف نقله إلى الأراضي المصرية، وفق مصادر عسكرية ليبية، قبل أن يتلقى تنظيمه ضربة موجعة أسفرت عن اعتقاله ومقتل أبرز مساعديه.

من جانبها، كشفت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، عن تفاصيل جديدة في الحادث الإرهابي، الذي استهدف حافلة الأقباط بالمنيا، مؤكدة أن "المعلومات الأولية تشير إلى وقوع أكثر من 7 شهداء إلى جانب ما يزيد عن أكثر من 20 مصاباً حتى الآن".

وأوضحت الكنيسة في بيان رسمي نشرته عبر حسابها الرسمي بموقع "فيسبوك"، مساء الجمعة، إن "حافلة تستقلها إحدى العائلات من قرية الكوامل بحري، سوهاج، تعرضت لاعتداء بإطلاق نيران عليها بالقرب من منطقة دير الأنبا صموئيل في المنيا، ما أسفر عن وقوع عدة إصابات بين ركابها الذين كانوا عائدين من الدير بعد إتمام طقس معمودية أحد أطفال العائلة".

وأكدت الكنيسة، أن "الحافلة تسع لـ 28 راكباً وتابعة لإحدى شركات النقل الخاصة بقرية الكوامل أيضاً".

ولفتت إلى أن "أتوبيساً وميكروباصاً آخرين من مدينة المنيا تعرضا لاعتداء مماثل بنفس المنطقة ما أسفر عن وقوع عدة إصابات أخرى، بالإضافة إلى سقوط أكثر من 7 شهداء حتى الآن".

وأكدت أنه "جرى نقل حالتين من المصابين إلى مستشفى الشيخ زايد، بينما نقل باقي المصابين إلى مستشفيات العدوة ومغاغة وسمالوط بالمنيا".

وأظهرت لقطات فيديو، تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، "صوراً قاسية لضحايا الهجوم مضرجين بالدماء في الحافلة".

من جانبها، سارعت قوات الأمن إلى تطويق المنطقة. وتجري حالياً عمليات تمشيط بحثاً عن الجناة.

كما هرعت سيارات الإسعاف إلى نقل الجرحى للمستشفيات.

في سياق متصل، أكد بيتر إلهامي، المتحدث باسم مطرانية مغاغة والعدوة في المنيا، ارتفاع عدد القتلى حيث وصل إلى 10 إثر الهجوم.

وأضاف أن المسلحين كانوا يستقلون سيارة، واستهدفوا الحافلتين بالأسلحة النارية، كانت الأولى تقل أقباطاً من أبناء محافظة المنيا، فيما كانت تقل الثانية أقباطا من أبناء محافظة سوهاج.

من جانبه، قرر وزير الداخلية، اللواء محمود توفيق، تشكيل فريق مكون من قطاعات الأمن الوطني والجنائي لمتابعة الحادث وكشف جميع تفاصيله.

وأمر الوزير بإغلاق مداخل ومخارج المحافظة، وتمشيط كافة المناطق الجبلية والوديان حول الدير للبحث عن الجناة والقبض عليهم.

يشار إلى أن الدير شهد في مايو من العام الماضي حادثاً مماثلاً أسفر عن سقوط 28 قتيلاً وعشرات الجرحى.

ونعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف حافلة الأقباط.

وقال الرئيس المصري عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "أنعى ببالغ الحزن الذين سقطوا اليوم بأيادٍ غادرة تسعى للنيل من نسيج الوطن المتماسك". وكتب السيسي على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "أتمنى الشفاء العاجل للمصابين، وأؤكد عزمنا على مواصلة جهودنا لمكافحة الإرهاب الأسود وملاحقة الجناة".

وأضاف السيسي أن "الحادث لن ينال من إرادة أمتنا في استمرار معركتها للبقاء والبناء".

وكلف النائب العام المصري المستشار نبيل صادق، بحسب بيان صادر عن مكتبه، "فريق من النيابة العامة، بمتابعة الحادث الإرهابي الذي استهدف أتوبيساً يقل مجموعة من الأخوة الأقباط بالقرب من دير الأنباء صموئيل بالمنيا".

ووجه النائب العام، "بانتقال فريق من أعضاء نيابة شمال المنيا الكلية برئاسة المستشار المحامي العام الأول لموقع الحادث".

وأفاد البيان بأن "فريق من نيابة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار المحامي العام للنيابات، انتقل إلى موقع الحادث، وإلى المستشفيات التي تضم المصابين، لسؤالهم عن الحادث واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه الواقعة".

ويعتبر الهجوم هو الثاني بنفس المنطقة خلال عام، حيث نفذ مسلحون هجوماً في مايو 2017 على حافلة كانت تقل أقباطاً، مما أسفر عن مقتل 30 شخصاً.

ولم يكد يمر شهر على اعتقال زعيم تنظيم "مرابطون" المتطرف، المصري هشام عشماوي داخل ليبيا، حتى نفذ مسلحون هجوماً على حافلة تقل أقباطاً قرب أحد الأديرة بمحافظة المنيا، في رسالة "يائسة" اختارت توقيتا محدداً وبدعاية إخوانية مسبقة، لإنكار تأثير الضربات الأمنية الكبيرة للجماعات الإرهابية، بحسب محللين.

واعتبر الخبير في شؤون الجماعات المتشددة، ماهر فرغلي، في حديث لسكاي نيوز عربية، الهجوم الإرهابي "محاولة من ذيول مجموعات هشام عشماوي للعودة إلى المشهد، بعدما تلقوا ضربة قوية باعتقال قائد جماعة المرابطين في مدينة درنة الليبية".

وقال فرغلي "يريدون أن يبعثوا رسالة مفادها أن مجموعة هشام عشماوي لا تزال قادرة على العمل".

وفي ذات السياق، أشار الكاتب كمال زاخر لسكاي نيوز عربية، إلى أن "الهجوم يأتي بعد إعلان المتحدث باسم القوات المسلحة عن نجاحات في استهداف مجموعات إرهابية في صحراء مصر الغربية وسيناء".

وقال زاخر "تريد الجماعات الإرهابية أن تنفي موتها وتتحدى السلطات".

ويأتي الهجوم بعد أيام من تقارير أفادت بقيام لجان إعلامية تابعة لتنظيم الإخوان بتجهيز فيلم وثائقي عن عشماوي، يحتفي بالعمليات التي قادها ضد الجيش والشرطة في مصر، كما يتضمن دعاية لما عرف بهجوم "كمين الواحات ، والذي راح ضحيته 16 ضابطاً في الأمن في أكتوبر عام 2017.

وقال فرغلي، إن هناك رابط مباشر في التوقيت بين الدعاية الإخوانية والهجوم الإرهابي، وهو ما يثبت تورط التنظيم في هذه العمليات الإرهابية.

وأضاف، أن التحرك الدعائي للإخوان قبل الهجوم بأيام يثبت "التنسيق مع ذيول مجموعة عشماوي في ليبيا".

ويظهر توقيت الهجوم أيضاً "تخطيطاً تم العمل عليه بعناية"، بحسب الباحث في مركز الأهرام الاستراتيجي عاطف سعداوي، الذي أشار إلى الدعم اللوجيستي المتواصل من قبل دول في المنطقة لهذه المجموعات المتطرفة بهدف إحداث حالة من عدم الاستقرار الأمني في مصر.

ويقول سعداوي "لم يعد العمل الإرهابي ناجما عن أيديولوجيا متطرفة وحسب، بل أصبح من صنع دول بتخطيط وبإمكانيات حديثة".

وتأوي قطر وتركيا قيادات لتنظيم الإخوان الذي يجد مظلة كبيرة له في هاتين الدولتين، للدعاية الإعلامية والتواصل مع عناصره في أماكن عدة، بحسب مراقبين.

وتعد الأديرة المعزولة في الصحراء أهدافا أسهل للإرهابيين الذين يستغلون جغرافيا المنطقة، من أجل القيام بهجمات خاطفة، بحسب عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان المصري محمود محيي الدين.

وأضاف محيي الدين لسكاي نيوز عربية، أنه "لولا الإجراءات الوقائية التي اتخذتها القوات المسلحة والشرطة في الظهير الصحراوي لكانت الهجمات أكثر وأكبر تأثيراً".

ولفت النائب البرلماني، إلى فرض نطاق أمني حول مدن شمال الصعيد وتنفيذ العديد من الضربات الأمنية ضد المتطرفين.

وعلى مدار الأعوام الثلاثة تعرض الأقباط لاعتداءات دامية، أوقعت أكثر من مئة قتيل وعشرات المصابين، تبنتها تنظيمات متطرفة عدة.

وعادة ما تركز الجماعات المتطرفة في هجماتها على الأقباط، في محاولة لإظهار عدم قدرة السلطات على حماية الأقليات الدينية، وهو ما يثير حساسية لدى الغرب، بحسب فرغلي.

ويقول المحلل السياسي "الأقباط دائماً هم الحلقة الأضعف، لدى هذه التنظيمات التي ترتب أولوياتها عبر مهاجمة الجيش والشرطة ثم الأقباط".

وأضاف "الأقباط يمثلون هدفاً موجعاً، ويثير الرأي العام في الداخل والخارج، وهو ما يريده الإرهابيون".