جسدت جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، منذ أن أنشأها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، في عام 2009، عمق التوجه الإنساني الحكيم لجلالته، وما يتسم به من قيم البر والوفاء، تخليدا لاسم صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، لتكون الجائزة عنوانا لتعزيز البذل والعطاء من أجل خدمة الإنسانية.

وقد شكلت الجائزة امتدادا لنهج جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه المتواصل على صعيد دعم العمل الإنساني الدولي، وهو ما أكدت عليه غايتها المثلى التي حددها جلالته في الحث على خدمة البشرية، دون أي اعتبار عقائدي أو جغرافي أو قومي، لتغدو الجائزة حافزاً لكل إنسان يسعى ويعمل لخدمة بني البشر والتخفيف من معاناة الإنسان أينما كان.

كما جاءت الجائزة لتعكس تفرد مملكة البحرين في تبني المبادرات العالمية الرائدة في تكريم وتحفيز العمل الإنساني، حيث استطاعت الجائزة أن تحجز مكانتها كأول جائزة عربية عالمية في الخدمة الإنسانية تحظى بسمعة دولية، وهو ما أكسبها زخما كبيرا وجعلها محط اهتمام أصحاب المساعي الإنسانية الفريدة في العالم أجمع، فضلا عن كونها تضم لجنة تحكيم عالية المستوى من المتخصصين ذوي الخبرة من مختلف قارات العالم.

وبفضل هذه الزخم العالمي الكبير، أصبحت جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، مصدرا للإلهام المتجدد في تعزيز المبادرات الإنسانية والجهود الدؤوبة حول العالم من أجل إيجاد حلول إبداعية مبتكرة للقضايا الإنسانية والاجتماعية وتحسين ظروف الإنسان بما يحفظ كرامته وحقوقه، كجزء من الرؤية الشاملة التي تتبناها مملكة البحرين ضمن دورها الفاعل في تعزيز العمل والجهود الإنسانية بهدف ترسيخ مبادئ التضامن الإنساني.

وتكمن فلسفة جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، في كونها رسالة تقدير وعرفان من ملك العطاء حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، إلى كل عمل إنساني نبيل يهدف إلى خدمة الإنسانية، من أجل مواصلة مسيرة العطاء لخدمة الإنسان أينما كان، والتأكيد على روح الأخوة الإنسانية التي تجمع البشرية، وتتواصل معها ذكرى صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه وعطائه الكبير وسيرته العطرة في بث الأمل في النفوس وإنارة دروب الخير للجميع.

كما تنطوي الجائزة على صور مضيئة تعكس جذور النشأة الحضارية التي قامت عليها مملكة البحرين، وسمات شعبها المعطاء، الذي شكل على امتداد التاريخ نموذجا للانسجام والتآخي والتعايش والتكاتف والتسامح، ومنارة حضارية يمتزج فيها الجميع، على أسس راسخة تعلي من القيم والروابط الإنسانية التي تجمع بين الشعوب حول العالم.

وتسعى جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، التي تمنح كل سنتين لأفضل إنجاز في خدمة الإنسانية، إلى تقدير ومكافأة إسهامات أولئك الذين يريدون تغيير العالم نحو الأفضل من خلال علمهم وعملهم الدؤوب المتفاني والمبتكر الذي يساعد في استعادة الثقة بالروح الإنسانية الخيرة، وفي تحقيق عالم أفضل إنسانيا لأجيال المستقبل، حيث يتم منحها لأي فرد أو منظمة ممن قاموا بأعمال وقدموا خدمات متميزة أسهمت في خدمة الإنسانية وذلك في حفل يقام تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه.

كما تهدف الجائزة، إلى خلق وعي بالمساعي الإنسانية غير العادية عبر العالم، وإلهام وتشجيع المزيد من الناس لتحقيق التفوق في هذه المساعي، من خلال استكشاف مواطن الخير الخبيئة عبر العالم لدعم ومساندة وتكريم المتميزين في الخدمة الإنسانية وإبراز أعمالهم والاحتفاء بها، ضمن 11 مجالاً تغطيها الجائزة في خدمة الإنسانية، ويأتي في مقدمتها برامج الإغاثة والتصدي للكوارث، وخدمة المجتمع، ومنجزات التعليم، وحوار الحضارات، وتعزيز التسامح الإنساني، والسلم العالمي، والتحضر المدني، والبيئة والتغير المناخي، ومكافحة الفقر والعوز، والمنجزات العلمية والاكتشافات الرائدة، إلى جانب أي مجال يهدف لخدمة الإنسانية.

وتمنح الجائزة تكريما للذين تميزوا في خدمة الإنسانية جمعاء، بغض النظر عن انتماءاتهم أو معتقداتهم، تأكيدا على انفتاحها الإنساني على مختلف الأجناس والأديان واقتصارها على الخدمات الإنسانية المحضة، وذلك ضمن عدة معايير، أبرزها أن يكون العمل الإنساني شاملا لأكبر قطاع من البشر، دون أي صفة أو صلة دينية أو مذهبية، أو حزبية أو سياسية أو حكومية، ودون أي أهداف تجارية أو استثمارية من أي نوع.

وتحظى جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، بدعم كبير ومتميز من لدن صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، حيث يتم منحها في احتفالية ملكية كبرى مرة كل سنتين لفرد أو مؤسسة، وتبلغ قيمتها مليون دولار أمريكي وميدالية من الذهب الخالص وشهادة تقدير عليا من جلالته إلى الفائز.

وقد منحت الجائزة في دوراتها الأربع الماضية على التوالي إلى الدكتورة الماليزية جميلة محمود عن جهودها في الإغاثة من الكوارث، وفي الثانية إلى البروفيسور الهندي آشيوتا سامانتا في الإغاثة والرعاية الاجتماعية، وفي دورة الجائزة الثالثة منحت إلى مستشفى سرطان الأطفال 57357 بجمهورية مصر العربية لجهوده المتميزة في الانتصار على المرض، وفي دورة الجائزة الرابعة فازت مؤسسة إدهي الخيرية بجمهورية باكستان الإسلامية لجهودها في الإغاثة من الفقر والعوز.

وفي دورتها الخامسة هذا العام تم منح الجائزة ، للدكتور ساندروك رويت من نيبال الرئيس التنفيذي لمعهد تيلجانجا لطب العيون تكريما لعمله وجهوده الإنسانية، والذي تم اختياره من بين مئة وخمسة وأربعين مترشحا من مختلف بلدان العالم، إذ اشتهر رويت عالميا بابتكار طريقة جديدة لعلاج مرض عتامة العيون وتطوير عدسة جديدة تزرع داخل مقلة العين يمكن إنتاجها بتكلفة أقل بكثير من مثيلاتها، وتمكن من علاج أكثر من 120 ألف مريضا مصابا بالعمى الذي يمكن تفاديه دون أي مقابل مادي.

ومع مرور 14 عاما على إطلاقها، باتت جائزة عيسى لخدمة الإنسانية تحتل مكانة مرموقة بين الجوائز العالمية، وحدثا عربيا وعالميا بارزا يستقطب اهتمام إعلامي عالمي على نطاق واسع، بفضل تأثيرها الذي تخطى محيطها المحلي والإقليمي إلى الفضاء العالمي، كونها مبادرة إنسانية رائدة ومتفردة وبصيص أمل في ظل عالم يموج بالصراعات والحروب والاضطرابات والكوارث المدمرة، وباعتبارها حاجة ماسة لدعم كل جهد إنساني يعيد البشر إلى إنسانيتهم المهددة ويخفف من معاناتهم المؤرقة في أي مكان كان، الأمر الذي يجسد رؤية جلالة الملك المعظم أيده الله وما تتحلى به قيادته الحكيمة من قيم إنسانية رفيعة.