أصدر مركز «وودرو ويلسون» الدولي البحثي في الولايات المتحدة الأمريكية تقريراً رصد فيه بالأرقام والإحصائيات والدلالات واقع تقدم ريادة أعمال المرأة البحرينية.

حيث رصد التقرير الذي صدر مؤخراً الفرص والتحديات أمام رائدات الأعمال في ثلاث دول، هي: البحرين، ولبنان، وتونس، وذلك في إطار وضع المرأة في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.

وقد تناول التقرير محاور أساسية، من بينها: التشريعات والقوانين والسياسات والدعم الحكومي والمجتمعي وغيرها. كما استعرض التقرير عدداً من التوصيات التي ارتأى باحثو المركز ضرورتها للحفاظ على التقدم المحرز على الصعيد الوطني.



ومن منطلق تعزيز تواجده العالمي من خلال بناء شراكات دولية بحثية تحقق رؤية وتطلعات المملكة وتعزيز الإنتاج البحثي، ساهم المجلس الأعلى للمرأة في مملكة البحرين بتزويد فريق الباحثين المعني بإعداد هذا التقرير بالمصادر والمعلومات المطلوبة ذات الصلة بموضوع التقرير. كما حضر المجلس عدة جلسات نقاشية عبر تقنية الاتصال المرئي مع منتسبي المركز وبحضور كافة الأطراف المعنية، جرى خلالها مناقشة ومراجعة كثير من جوانب التقرير وضمان تكامله.

وعقدت الجلسة الختامية -عبر الاتصال المرئي- مؤخراً، التي جرى خلالها الإعلان عن نتائج التقرير بحضور عدد من كبار المسؤولين بالأمانة العامة للمجلس إلى جانب مجموعة من الشخصيات المختصة والمعنية بمضمون التقرير في المنطقة، وتحدث فيها كل من سعادة السفير مارك جرين الرئيس التنفيذي لمركز ويلسون، وسعادة السيدة كاترينا فوتوفات كبيرة المسؤولين بمكتب القضايا العالمية للمرأة بوزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، ومعالي الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة سفير مملكة البحرين لدى الولايات المتحدة الأمريكية.

هالة الأنصاري: للبحرين تجربة نوعية في مجال إتاحة الفرص المتكافئة أمام المرأة

هذا وأكدت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري أهمية هذا التقرير في تسليط الضوء على جهود مملكة البحرين من خلال مؤسسة المجلس الأعلى للمرأة في رفع المشاركة الاقتصادية للمرأة عبر تعزيز حضورها في مجال ريادة الأعمال وزيادة مساهمتها في التنمية الاقتصادية، وما تحظى به من بيئة داعمة تضمن تكافؤ الفرص أمامها.

وأوضحت الأنصاري أن هذا التقرير تم العمل عليه بطلب مباشر من مركز ويلسون البحثي للتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة بعد إطلاع المركز على عمل المجلس ومدى تقدمه في مجال الرصد والتحليل وإعداد التقارير وعرض الإحصائيات والمعلومات، وذلك من خلال زيارة قامت بها الأمانة العامة للمجلس الأعلى للمرأة للولايات المتحدة الأمريكية في عام 2017، ما يعكس حرص الطرفين على تبادل الخبرات والدراسات وتعزيز الإنتاج البحثي في مجال تمكين وتقدم المرأة وعقد المنتديات المتخصصة ذات العلاقة، مشيرة في هذا الإطار إلى ما يحظى به مركز ويلسون من أهمية وتأثير على مستوى صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية وباقي دول العالم إلى جانب الهيئات والمنظمات التنموية العالمية.

ولفتت الأمين العام في هذا الشأن إلى أن تقرير مركز ويلسون حول المرأة وريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يضع التجربة البحرينية المتقدمة في مجال ريادة الأعمال النسائية في محيطها الإقليمي، ويسلط الضوء على تقدمها مقارنة مع تجارب العديد من الدول الأخرى، ويمثل أداة مهمة من أجل توحيد الرؤى حول الركائز التي يجب مواصلة العمل على تعزيزها، وإبراز فرص التقدم التي يجب اقتناصها، والتنبيه حول أي ثغرات حالية أو مستقبلية، وأفضل طرق تلافيها.

وأشارت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة إلى أن التقرير تطرق إلى كثير من المجالات من بينها الشمول المالي والتقني والرقمي وسهولة وصول المرأة إلى الخدمات المالية، وحصولها على التمويل المناسب لإطلاق مشاريعها الخاصة من خلال تشجيع مزيد من سيدات ورائدات الأعمال على استخدام التكنولوجيا في تطوير مشاريعهن وتنميتها وزيادة تنافسيتها واستدامتها، وتعزيز التشبيك بين رائدات الأعمال بهدف الاستفادة من التجارب المشتركة.

لمحة عن مفردات التقرير

هذا وأشار التقرير إلى أن البحرين احتلت المرتبة الأولى عالمياً في السياسات الوطنية للإدماج الإلكتروني للمرأة، مشيداً في هذا الصدد بخطة عمل حكومة مملكة البحرين وجهودها لتوفير التدريب على المهارات الرقمية للنساء، وتعزيز الوصول إلى الإنترنت والإدماج الإلكتروني للمرأة، وتشجيع النساء والفتيات على دراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لتشكل المرأة ما يقرب من ثلث القوى العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البحرين، وهو ما يعد أعلى من المتوسط العالمي.

ونوه تقرير مركز ويلسون بدستور مملكة البحرين الذي يعطي المواطنين البحرينيين من الجنسين الحق في العمل والمشاركة في الحياة العامة وجميع الأنشطة الاقتصادية من دون تمييز أو تفرقة، ما يسمح للمرأة بالحصول على فرص عمل متكافئة، مشيراً إلى التقدم الكبير الذي أحرزته المملكة في مجالات كثيرة ذات صلة بالمرأة منذ عام 2001 حتى اليوم، بما في ذلك تأسيس المجلس الأعلى للمرأة.

جهود الحكومة

كما رصد التقرير جهود حكومة مملكة البحرين على صعيد دعم تمكين وتقدم المرأة البحرينية، وذكر أن توسيع نطاق ريادة المرأة يمثل إحدى ركائز إستراتيجية الحكومة لتقليل الاعتماد على النفط، مستعرضاً بعض مبادرات الحكومة لدعم وتشجيع المشاريع الصغيرة وتعزيز عمل رائدات الأعمال والقياديات كنماذج تحتذى في محاولة لتشجيع مزيد من النساء على المشاركة، إضافة إلى دعم النساء لبدء الأعمال التجارية من المنزل من خلال تسهيل الإجراءات وتوفير العديد من برامج التمويل للمشاريع المتوسطة والمشاريع متناهية الصغر.

ورصد التقرير أيضاً عمل الحكومة البحرينية بنشاط على إشراك المرأة في الاقتصاد الرقمي، وتوفير التدريب على المهارات الرقمية للنساء، مشيراً إلى أن البحرين في عام 2022 احتلت المرتبة 40 عالمياً في توفير خدمات الإنترنت، محرزة بذلك تقدماً بمقدار خمسة مراكز عن عام 2021. بينما بلغت نسبة الفجوة بين الجنسين في الوصول إلى خدمات الإنترنت 1.1 في المئة فقط، بينما هي صفر في المئة في إمكانية امتلاك الهاتف المحمول والوصول إلى خدماته، مشيداً بذلك بتجاوز مملكة البحرين الكبير والملحوظ للمتوسطات العالمية لدرجات محو الأمية الرقمية وبناء الثقة ونشر ثقافة السلامة والأمن السيبراني.

تشريعات وقرارات

ونوه التقرير على صعيد آخر باستمرار تحسين مملكة البحرين لتشريعاتها الوطنية من خلال القضاء على الفجوات التمييزية في قوانينها بين عامي 2020 و2022، ولا سيما التشريعات المتعلقة بالإنصاف في الأجور وريادة الأعمال والمعاشات التقاعدية، وكيف أن التشريعات تمنع فرض أي حظر على عمل المرأة، وتحظر أي تمييز بين العاملات على أساس الجنس أو المعتقد، وأي تمييز في الأجور مقابل العمل المتساوي القيمة.

وأورد التقرير عدداً من الأدلة والأرقام ذات الصلة بمجالات عديدة مرتبطة بريادة الأعمال النسائية، مشيراً إلى تقدم البحرين في مجال تعليم المرأة، مبيناً في هذا الصدد أنه في عام 2022 شكلت المرأة البحرينية 42 في المئة من الملتحقين ببرامج الدراسات العليا في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة في هذا المجال.

وأوضح أن الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية التي يعمل عليها المجلس الأعلى للمرأة تركز على دعم ريادة الأعمال للمرأة وخلق فرص العمل ونشر ثقافة الاستقلال المالي، إضافة إلى تعزيز الصحة الجسدية والنفسية للمرأة ووضع خطط وبرامج وقائية لحمايتها من كل أشكال العنف، مشيراً إلى أن مملكة البحرين «تجني ثمار هذه الخطة باستمرار».

وذكر التقرير أن البحرين تشغل المرتبة الثانية في الشمول المالي بنسبة 39% على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمرتبة الثالثة إقليميا في عدد النساء اللاتي لديهن حسابات بنكية أو أي نوع آخر من المؤسسات المالية (75.4 في المئة) والرابعة للرجال (86 في المئة)، مشيراً إلى أن الفجوة في ملكية الحساب بين الرجال والنساء هي 10.9 في المئة، وهي أصغر من متوسط الفجوة البالغ 18.8 في المئة.

وبين التقرير كذلك أن مملكة البحرين سهلت حصول النساء على الخدمات الائتمانية من خلال حظر التمييز على أساس الجنس في الخدمات المالية بشكل مطلق، وتناول برامج تدريب رائدات الأعمال، مثل تلك التي ينفذها المجلس الأعلى للمرأة، وذكر أيضاً التسهيلات المالية لرائدات الأعمال من خلال برامج مختلفة، مثل محفظة ريادات لدعم النشاط التجاري للمرأة وغيرها.

توصيات

على صعيد آخر، أوصى التقرير بتحسين الشمول المالي وإنشاء إستراتيجية وطنية للشمول المالي في كل من البحرين وتونس ولبنان، إضافة إلى تشجيع شركات رأس المال الاستثماري والمؤسسات المالية على زيادة الاستثمار في أفكار ومشروعات رائدات الأعمال، وإنشاء علاقة بين المؤسسات المالية ومنظمات التدريب لسد فجوة التمويل وخلق مزيد من الثقة وسهولة الوصول إلى التمويل، والاستثمار في مهارات المرأة والاستعداد للمستقبل وريادة الأعمال، وتنفيذ سياسات الرعاية لرائدات الأعمال تتيح لهن مزيداً من التوفيق بين العمل والحياة.