محمد الرشيدات

أكد عضو مجلس الشورى، رئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية د.علي الرميحي، أن مملكة البحرين لطالما كانت ومازالت تُعدُّ نموذجاً يُحتذى بعمق تجربتها السياسية الخاصّة، التي أسس لها ميثاق العمل الوطني، كوثيقة بزغ فجرها بإرادة قائد جمع الحزم بالعزم، والرؤية بالتنفيذ ملبّياً تطلعات شعبه الوفي، لافتاً إلى أنه ومن خلال الرؤية الملكية لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظّم، تم إرساء جميع مقومات الحياة الديموقراطية الشاملة، لتتبوأ المملكة مكانتها المستحقّة بين دول العالم أجمع.

جاء ذلك، خلال كلمة له في الندوة التي حملت عنوان "مسيرة البناء والتقدّم.. البحرين نموذجاً"، التي أقامها معهد البحرين للتنمية السياسية في صرح الميثاق الوطني بمناسبة اليوبيل الفضي لذكرى تولّي جلالة الملك المعظّم مقاليد الحكم في البلاد، حيث أشار الرميحي أمام حضور كبير من الشخصيات الرسمية وغير الرسمية، إلى أن عديد التحديات التي شهدتها البحرين طوال الـ25 سنة الماضية قد تحولت إلى قصص نجاح بفضل التوجيهات الملكية السامية، التي قوبلت بمتابعة حثيثة من قِبَلِ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.



وألمح الرميحي إلى قافلة المنجزات والمكتسبات البحرينية التي تحققت خلال ربع قرن، بِدْءاً من سلطة تشريعية بنظام المجلسين ومجالس بلدية، ومجلس المناقصات، وديوان الرقابة المالية، إضافة إلى وجود نيابة عامّة ومحكمة دستورية، فضلاً عن مجلسٍ أعلى للمرأة، ومجلسٍ للتنمية الاقتصادية، ناهيك عن إقرار قانون للصحافة والطباعة والنشر، وكذلك اعتماد قانون للتأمين ضدّ التعطّل، ووجود أمانة عامّة للتظلّمات، ومؤسسة وطنية تُعنى بحقوق الإنسان، وزيادةً على ذلك، شرطة للمجتمع وسجون بديلة، وانتهاءً بمئات القوانين والقرارات والمعاهدات التي جعلت البحرين في مصافّ الدول المتقدّمة التي تحمي حقوق المواطن والمقيم.

بعدها وعبْر جلسة حوارية جمعت نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، رئيس محكمة التمييز الشيخ خالد بن علي آل خليفة، بمستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام نبيل الحمر بصفتهما المتحدّثيْن الرئيسييْن في ندوة "مسيرة البناء والتقدّم.. البحرين نموذجاً"، ليبدأ الشيخ خالد بن علي حديثه عن الومضات التي تستقر في سماء المجال القضائي والقانوني في البحرين كإحدى الإفرازات المحمودة لميثاق العمل الوطني ومن بعده المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظّم، الذي عبّد الطريق أمام إحداث تطوير شامل وممنهج للمنظومة القضائية والعدلية كهدف محوري ودائم.

وأشار رئيس محكمة التمييز، إلى أن مبادئ ميثاق العمل الوطني قد مهّدت لصدور تشريعات قضائية وقانونية جديدة ذات أبعاد اجتماعية رصينة عززت من مبدأ فصل السلطات وسيادة القانون، لتحمل معها باقةً من العوائد الإيجابية حلّت على كل ركن من أركان الدولة المدنية الحديثة، مثل المرسوم المتعلق بإقرار القانون المدني في سنة 2001، الذي نظّم سائر المعاملات المدنية، وقانون الإجراءات الجنائية الذي نصّ على تعزيز الحماية الجنائية للشهود، وتوسيع نطاق عمل النيابة العامّة، وتفعيل استقلال القضاء حرفياً، لكونه الضمانة الفعلية لجميع صور المحاكمة العادلة وحماية حقوق وحريات الأفراد تحت مظلّة القانون، وكذلك تفعيل مبدأ التحكيم ليصبح القضاء ليس بمعزل عن الأفراد والجماعات، بالإضافة إلى إنشاء المحكمة الدستورية الذي شكّل قيامها الأداة الرقابية الأساس لضمان دستورية القوانين واللوائح، وحفظ الحقوق الأساسية للمواطنين وحماية مكتسباتهم الدستورية، وإنشاء غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية، إلى جانب إنشاء محكمة التمييز الشرعية وصدور قانون خاص بالأسرة، وقانون العدالة الإصلاحية للأطفال، وقانون العقوبات والتدابير البديلة، واستحداث نظام الوساطة لتسوية المنازعات، والقافلة تطول.

وفي نهاية حديثه، أوضح الشيخ خالد بن علي دور المرأة القاضية والمكانة التي حفظها لها ميثاق العمل الوطني للانخراط وبجدارة في معترك العمل القانوني من أوسع أبوابه وفي مختلف مجالاته.

بدوره، قال مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام نبيل الحمر، إنه ومنذ تولي جلالة الملك المعظّم لمقاليد الحكم في البلاد حرص على إيلاء الأهمية الكبرى لقطاع الإعلام بأشكاله كافّة، مثمّناً الدور الذي تقوم به المؤسسات والجمعيات الإعلامية في إبراز النهضة والتطور في كل مرحلة مرّت بها المملكة وحتى اللحظة، فضلاً عن تسليط الضوء على مجمل المشكلات والمواضيع التي تهم المجتمع البحريني وإيصال صوت المواطن إلى المسؤولين، بما يقود نحو حلّها وتسويتها وإبراز المنجز منها.

وأضاف الحمر، إلى أن الصحافة البحرينية قد مرّت بمحطات كثيرة منذ تأسيس أول صحيفة في المملكة وفي الخليج عام 1939 وكانت تُعرف بجريدة "البحرين"، ليليها قيام عدد من الصحف حتى يومنا هذا، التي تعي الواجب الوطني الملقى على عاتقها، وذلك بطرح القضايا الحساسة التي تهم الرأي العام، بشكل يستند على النقد البنّاء وليس الهدّام، وفي ذلك مصلحة وطنية عُليا تعود بالخير والفائدة والرفعة على الوطن بأكمله.

بعدها، تطرّق الحمر إلى سرد أولى اللحظات التي رافقت مراحل إقرار ميثاق العمل الوطني، الذي أسس لمرحلة وطنية جديدة مكنت الشعب من ممارسة حقوقه، حيث تم تشكيل لجنة وطنية عليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني، اشتملت على وزراء، وكبار الموظفين، وأعضاء مجلس الشورى، وبعض أساتذة الجامعات، وبعض من أعضاء الجمعيات المهنية والأهلية وضعت الأُطر الأساسية لبنود الميثاق، ليتم بعد ذلك إجراء تصويت شعبي عليه حاز على إجماع بنسبة مئوية عالية عكست مدى التفاف المواطنين حول قيادتهم، التي مازالت تدأب على ضمان رخاء عيشهم وتلبية متطلباتهم.