أكد السيد ريتشارد بريجونج؛ الذي يتمتع بخبرة تزيد عن 25 عامًا والمتخصص في الشؤون الضريبية والقانونية في شركة "بي دبليو سي" الشرق الأوسط، أن عزم مملكة البحرين تطبيق ضريبة الحد الأدنى المحلية الإضافية بنسبة 15% على الأرباح التي تحققها الكيانات البحرينية التابعة للشركات المتعددة الجنسيات الكبرى يمثّل سابقة رائدة على مستوى منطقة مجلس التعاون الخليجي ويشكّل نموذجاَ يُحتذى به للدول المجاورة.

وقد صرح السيد بريجونج، أن "هذه المبادرة تتماشى مع الرؤية الاقتصادية الأوسع لمملكة البحرين وتؤكد على التزام المملكة بتحقيق المزيد من النمو المستدام من خلال وضع السياسات اللازمة لبناء اقتصاد قوي ومستقر ومتنوع".

وأضاف "إن هذه الضريبة لن تؤثر على الشركات البحرينية غير التابعة لمجموعة الشركات المتعددة الجنسيات، وتهدف إلى تعزيز البيئة المالية من خلال استخدام العائدات الناتجة عن تلك الضرائب في تحسين الخدمات وتطوير البنية التحتية وتنفيذ المشاريع الكبرى، ومن المتوقع أن تؤدي هذه التدابير إلى دفع العجلة الاقتصادية مما يؤكد على أهمية هذه الضريبة كرافد أساسي لاقتصاد المملكة".

كذلك أشار إلى "أن عدم وضع هذه الضريبة الإضافية حيز التنفيذ في مملكة البحرين، كان سيؤدي إلى حرمان المملكة من إيرادات ضريبية كون الكيانات المشاركة التي تقع في مملكة البحرين والتابعة لمجموعة شركات متعددة الجنسيات كانت ستدفع تلك الضريبة على أرباحها التي تحققها في المملكة إلى الإدارات الضريبية التي تقع فيها الكيانات الأم النهائية لمجموعة الشركات متعددة الجنسيات. وذلك عملاً بأحكام قواعد الركيزة الثانية التي تُفرض على الكيانات التابعة لشركات متعددة الجنسيات دفع ضريبة عادلة بمعدل أدنى على أرباحها أينما كانت تحققها."

ووصف السيد بريجونج قرار فرض ضرائب على الشركات الأجنبية في البحرين بأنه "خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح ضمن توجهات حكومة مملكة البحرين وخطط التعافي الاقتصادي التي تعكف على تنفيذها وبما يتناغم مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030"، مبينًا أن تطبيق البحرين لهذه الضريبة يُعدّ جزءًا من استراتيجيتها الأوسع التي تهدف إلى بقاء المملكة قادرة على المنافسة في اقتصاد عالمي يركز بشكل متزايد على الضرائب العادلة، ويُعد توجهًا حاسمًا نحو تقليل اعتماد البلاد على عائدات النفط، وبالتالي دعم الاستقرار والتوازن المالي، خاصةً في سوق النفط المتقلبة التي يشهدها العالم اليوم.

من جانبها قالت السيدة فاطمة الشماع المستشارة في شركة "بي دبليو سي" الشرق الأوسط إن تطبيق ضريبة الحد الأدنى المحلية الإضافية يُمثل تطورًا جوهريًا في المشهد الضريبي في مملكة البحرين بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات، موضحة أن هذه الضريبة تسري فقط على الكيانات البحرينية التي تُعد جزءًا من مجموعات الشركات متعددة الجنسيات التي تتجاوز إيراداتها السنوية 750 مليون يورو، وذلك وفقًا للقوائم المالية الموحدة للشركة الأم، ولا ينطبق هذا النظام الضريبي على المجموعات البحرينية المحلية التي لا تمتلك كيانات أو منشآت خارج المملكة.

وأضافت الشماع أن إدخال ضريبة الحد الأدنى المحلية الإضافية في البحرين يُجسد حرص دول الشرق الأوسط على الامتثال للمعايير الدولية المتعلقة بالضرائب، وبينت على صعيدٍ متصل أن قانون ضريبة الحدّ الأدنى الإضافية سوف يدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 1 يناير 2025، مما يوفر للشركات متعددة الجنسيات فرصة زمنية لتقييم تأثير هذا النظام الضريبي على أنشطتها التجارية، والشروع في الاستعدادات اللازمة بما في ذلك الاستشارات المهنية المتخصصة، لضمان الامتثال الكامل للمتطلبات الجديدة التي سيفرضها هذا النظام.

وحول المشهد العام في المنطقة المتعلق بالضرائب على الشركات الأجنبية، أشار السيد بريجونج إلى أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط مثل مصر والأردن، تُعدّ أعضاءًا في الإطار الشامل لمجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشأن تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح، وأن هذه الدول تعهدت رسميًا بدعم مبادرة الركيزة الثانية، على الرغم من أن هذا الالتزام لا يفرض بالضرورة وضع قواعد لإخضاع الشركات متعددة الجنسيات لمعدل ضريبي فعلي لا يقل عن 15%، لافتًا إلى أنه من المتوقع أن تتبنى دول مجلس التعاون الخليجي ودول الشرق الأوسط الأخرى تدابير مماثلة لتلك التي طبقتها البحرين، بهدف ضمان دفع الحدّ الأدنى العالمي للضريبة على الأرباح المحلية في ولاياتها القضائية.

وتوقع أن تحذوا دول أخرى في الشرق الأوسط حذو ممكلة البحرين في المستقبل القريب، لا سيما مع دخول قواعد الركيزة الثانية حيز التنفيذ في الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.

واعتبر أن الإصلاحات الضريبية تعُتبر أولوية قصوى على أجندة حكومات الشرق الأوسط، وقد أدت إلى مستويات غير مسبوقة من التغيير خلال الأشهر ال 24 الماضية، ومن المتوقع أن تزداد أهمية الضرائب ضمن جهود دول الشرق الأوسط لتنويع مصادر دخلها بعيدًا عن الإيرادات التقليدية المعتمدة على النفط لخلق مصادر إيرادات مستدامة طويلة الأجل، مؤكدًا أن هذا التوجه يأتي نتيجة لمبادرة الركيزة الثانية والتزام هذه الدول بالامتثال للمعايير الدولية كجزء من عضويتها في الإطار الشامل لمكافحة تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح (BEPS).