زيارة فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى تركيا واستقبال الرئيس رجب طيب أردوغان له بحفاوة وتقدير تحمل رسائل واضحة.

تشهد جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية تراجعاً ملحوظاً بعد إغلاق تركيا أبوابها أمامهم، مما أدى إلى توقف قنواتهم مثل «الشرق» و«مكملين».

هذا القرار يعكس تحولاً سياسياً تركياً، حيث لم تعد أجندة الجماعة تتماشى مع مصالح تركيا. لسنوات، كانت تركيا ملاذاً آمناً للإخوان، إلا أن مصالحها الإقليمية دفعتها أخيراً لاتخاذ موقف مختلف.

إعلام الإخوان كان أداة رئيسية للجماعة لنشر أفكارها والتحريض على زعزعة الاستقرار وتراجع الدعم التركي وضع الجماعة في موقف حرج، حيث بدأت تبحث عن ملاذات جديدة في الغرب. وهنا تكمن المخاطر، إذ إن الدول العربية التي عانت من أنشطة هذه الجماعة تدرك تماماً أن أي دولة تمنحهم اللجوء ستواجه نفس الفوضى والدمار اللذين جلبتهما الجماعة إلى المنطقة.

لسنوات، حذرت الدول العربية من خطورة الجماعات المتطرفة، لكن الغرب تجاهل تلك التحذيرات حتى بدأت هذه الجماعات تهدد استقراره. صنفت مصر والإمارات والمملكة العربية السعودية الإخوان كجماعة إرهابية؛ لأننا على مدى عقود كشفنا حقيقتهم وأهدافهم التخريبية.

يسعون لأن يُنظر إليهم كفئة متدينة ومتعلمة، يحصلون على أعلى الشهادات، وأسّسوا جمعيات خيرية كوسيلة لإخفاء نواياهم الحقيقية.

وتحت غطاء العمل الخيري، قاموا بغسل أدمغة الكثير من الشباب، محاولين إقناع المجتمع بأن هدفهم هو خدمة الناس. لكن الواقع كان أن هذه الجمعيات كانت غطاءً لممارسة أنشطة سياسية خفية.

في بعض الدول، نجحوا في هذا التكتيك، وفي أخرى فشلوا، ملتزمين بالقول إنهم يعملون فقط في المجال التطوعي. لكن لا أحد يصدقهم، لأننا نعلم جميعاً أن لديهم نفساً طويلاً، إلا أن هذا النفس انقطع عندما خلع الشعب المصري رئيسهم.

الإخوان لم يكتفوا باستخدام الدين كغطاء لأجنداتهم التخريبية، بل روّجوا لأنفسهم على أنهم جماعة متقدمة. خلف هذا القناع، تكمن طموحاتهم في السلطة، غير مبالين بما يجلبونه من دمار وفوضى.

نحن كدول عربية، نتعرض أحياناً للاتهامات من الغرب بأننا ضد الديمقراطية؛ لأننا تصدينا لهذه الجماعات. لكن الحقيقة هي أننا مارسنا ديمقراطية تتناسب مع قيمنا، وأخلاقنا، وثقافتنا.

ديمقراطيتنا تختلف عن ديمقراطية الغرب، لكننا كنا نحارب الفكر المتطرف الذي يشكل تهديداً لاستقرار الشعوب. محاربة التطرف هي ما يحمي استقرار الدول، وليس الترويج لشعارات زائفة عن الديمقراطية التي قد تخفي وراءها أجندات خبيثة.

لقد سبق وحذرنا الغرب من جماعات أخرى مثل الحوثيين، وقلنا إنهم جماعة خطيرة تسعى لنشر الفوضى. لكن الغرب لم يصدقنا حتى بدأ الحوثيون يستهدفون مصالحه، فأدرك حينها أن العرب كانوا على حق.

فهل سيكرر التاريخ نفسه مع الإخوان المسلمين؟ هل سيبقى الغرب يتهمنا بمحاربتهم، ليكتشف في النهاية أن موقفنا كان صائباً؟ التاريخ يعيد نفسه، والعرب يعرفون هذه الجماعات جيداً، لأنهم عانوا من أجنداتهم لعقود طويلة.

الدول الغربية التي ستكون وجهة محتملة لعدد أكبر من الإخوان يجب أن تفكر ملياً قبل منحهم اللجوء، لأن تاريخهم مليء بنشر الفوضى. اليوم، الغرب أمام خيارين: إما أن يتعلم من تجربة الدول العربية، أو يواجه الفوضى التي حذرنا منها مراراً.