يختتم معرض البحرين الدولي للكتاب موسمه الـ18 السبت، ولا يزال في برنامجه الثقافي مجموعة من الأنشطة والفعاليات التي تثري المعرض حتى لحظاته الأخيرة. إذ استقطب منذ إقامته وحتى الجمعة أكثر من 160 ألف زائر، ونظرًا لهذا الإقبال الكبير الذي شهده المعرض قررت هيئة البحرين للثقافة والآثار تمديد ساعات العمل كي تكون متواصلة ما بين الساعة التاسعة صباحًا وحتى العاشرة مساءً.

وفي إطار ملامسةً الشخوص الإنسانية بما تقدم من نتاجات ثقافية وفكرية، واحتفاءً بالمنجز الذي يكرس صنيعه من أجل الجمال والعمق الإنساني، تعلن الهيئة االسبت، عن الحاصدين على جوائز الثقافة الثلاث: جائزة البحرين للكتاب، جائزة محمد البنكي لشخصية العام الثقافية وجائزة لؤلؤة البحرين، وذلك في جناح الهيئة بمعرض البحرين الدولي الثامن عشر للكتاب، وذلك بمشاركة عدد من المثقفين والمفكرين، الأدباء والباحثين وغيرهم من المهتمين بشتى المجالات الثقافية.

وتنفرد كل جائزة من الجوائز الثلاث بمبحث أو منجز خاص، إذ تهتم جائزة البحرين للكتاب بتشجيع الكتاب والباحثين للاشتغال في فضاء معرفي تحدده الهيئة في كل دورة للجائزة، من أجل تعزيز مكانة الأدب والكتابة، وتحفيز الاشتغال على الأعمال الأدبية والعلمية والمؤلفات والمنشورات بمختلف أنواعها.



وخصصت الثقافة هذا العام جائزة البحرين للكتاب لمشاركات كتاب وباحثي المملكة العربية السعودية الشقيقة، لتكون تحت عنوان "الأدب وتشكيل العالم"، وسيعلن العمل الفائز بناءً على اختيار لجنة التحكيم، التي انعقدت في وقت فائت من هذا الأسبوع، برئاسة الدكتور صلاح فضل وعضوية كل من الدكتور علي حري والأستاذ إبراهيم بو هندي.

أما جائزة محمد البنكي لشخصية العام الثقافية، فتنتقي في هذه الدورة إحدى الشخصيات التي أسهمت في إثراء المشهدين الثقافي والفكري من خلال اشتغالها وما قدمت في مجالها الذي تنفرد به.

يذكر أن إطلاق هذه الجائزة جاء تكريمًا لذكرى الناقد والمثقف الراحل الأستاذ محمد أحمد البنكي الوكيل السابق لوزارة الثقافة آنذاك، الذي تفرد جائزة ذكراه اهتمامًا خاصا بتنمية الفكر والإبداع في الحقل الثقافي، لذا ففي كل دورة، تجدد الثقافة رهانها من خلال جائزة محمد البنكي لشخصية العام الثقافية على مساعي ومنجزات المثقفين، وتكرم في موسمها أحد المفكرين، الباحثين، الأدباء، الفنانين أو صاحب إنجاز ثقافي ملحوظ.

وبالنسبة لجائزة لؤلؤة البحرين، فهي تمنح للمرة الأولى هذا العام لإحدة الشخصيات التي قدمت منجزاتها وأبحاثها لتعميق الأبعاد الإنسانية في المجتمعات. وقد أعلنت الثقافة عن تدشين الجائزة قبل عامين كعربون وفاء لمساهمات الشيخة للشيخة لولوة بنت محمد آل خليفة، رائدة العمل الاجتماعي في البحرين، إذ تسعى هيئة البحرين للثقافة والآثار عبر هذه الجائزة لتكريم الكتاب والباحثين في مجال خدمة وتنمية المجتمعات والارتقاء بها، والذين تبنوا الكتابة في مواضيع تسهم في تناول قضية الإنسان وتنوير المجتمعات فكريا، ثقافيا وحضاريا.

وعلى صعيد متصل بالاشتغال الثقافي، وبعد تجربة جميلة وغريبة شكلت انصهاراً ما بين الفن التشكيلي وفن الطهي عبر مهرجان "الطعام ثقافة" التي عايشها الجمهور مع هيئة البحرين للثقافة والآثار خلال شهر يناير الماضي، يوثق المهرجان تجربته الثالثة التي لامست أبعاداً أخرى لما قد يكشف عنه تقارب تجربة فنان وطاه، وذلك من خلال كتاب "الطعام الثقافة" الذي يستعيد السبت، 5 لقاءات مختلفة، جمع كل منها أحد الفنانين مع أحد الطهاة، واللذين حاولا خلال فترة تعايشهما وتفاعلهما من الخروج بإيجاد خلق مبتكر لكل منهما، بناءً على طبيعة الأثر الذي طبعته تلك الفترة.

وسيتم تدشين هذا الكتاب، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض البحرين الدولي الثامن عشر للكتاب، في الساعة السابعة مساءً بجناح الهيئة، وسيرافق ذلك عرض فيلم توثيقي يتناول التجارب المتنوعة لنسخة المهرجان السابقة. ويعد هذا الإصدار توثيقًا لما حملته تلك التجربة، كما يمثل تأكيداً على إمكانية اكتشاف الفن أو لمسات الإبداع في الطهي خارج الممارسات الاعتيادية.

أما ركن الأطفال فيختتم أيضاً فعالياته بعد أيام عديدة قدم فيها مركز سلمان الثقافي برنامجاً متنوعاً. وللأطفال موعد ممتد مع العديد من الفعاليات والأنشطة التي تتنوع ما بين القراءة وورش العمل.

وشهد المعرض الجمعة، عدداً من الفعاليات الثقافية وحفلات توقيع الكتب، والأنشطة المختلفة، إذ من فضاءات النشر، جاءت الناشرة والروائية اللبنانية رشا الأمير، لكشف سر مهنتها وكواليسها، لتقول شيئاً عن الكتاب الورقي والرقمي، في محاضرة بعنوان "شهادة ناشرة عربية مستقلة تحب الورق والإلكترونيات".

رشا الأمير التي تمتهن حرفة النشر منذ أمد بعيد، وتشرف على "دار الجديد"، التي أنتجت بعضاً من أرقى الكتب العربية، تطرقت للإجابة على العديد من الأسئلة الملحة في الوقت الراهن، من قبيل: ما معنى أن تكون ناشراً عربياً؟ وهل الناشر هو الموزع؟ وهل له سلطة في فرض كتاب ما على السوق؟ وهل يصمد الكتاب الورقي أمام الرقمي؟ وهل هناك قارئ عربي بالفعل؟

ولتقديم إجابة على كل تلك الأسئلة، استعرضت الأمير تاريخ الطباعة والقراءة، منذ اكتشاف الطابعة، وصولاً إلى الرقمنة، مؤكدةً أن "مهنة النشر كصناعة أضحت في طور الانقراض"، مفرقةً بين الصناعة والحرفة "فحرفة النشر ستبقى، كونها عملاً يتعلق بالمراجعة والبحث عن الأخلاق والقيم، قبل الوصول إلى طور الطباعة".

وفي مشاركتها الثانية بمعرض البحرين الدولي الثامن عشر للكتاب، قدمت أسرة الأدباء والكتاب أمسيتها الشعرية برفقة الشاعر المصري الدكتور علاء عبدالهادي بقاعة الفعاليات، حيث كانت الأمسية الأخيرة ضمن البرنامج الثقافي.

واستحضر د.عبدالهادي العديد من قصائده التي تتناول الحياة، الحنين، الوطن والحب، حيث تقاسمها مع جمهوره الذي تفاعل مع أعماله الشعرية، واسترسل في انتقاء قصائده من مختلف دواوينه الشعرية: "صفة الينابيع"، "يكشفك العطش"، "حليب الرماد"، "من حديث الدائرة"، "أسفار من نبوءة الموت المخبأ" وغيرها.

وعلى صعيد فعاليات توقيع الكتب، دشن الكاتب الشاب الشيخ خليفة بن خالد آل خليفة إصداره الكتابي "Dissensus"، بحضور لفيف شبابي والمهتمين بروايات الخيال العلمي والغموض، إذ تستدرج الرواية وقائع وأحداث مثيرة في سياق الخيال، كاشفةً عن تفاصيل درامية للقاح السري الذي اخترعه "أوز غاتان" للوصول إلى الخلود، في الوقت الذي تجري فيه أحداث أخرى تهدد بانكشاف السر إلى العالم من خلال السوق السوداء، وذلك قبل إطلاق اللقاح بصورة رسمية. وما يزيد غموض الحكاية وإثارتها، عندما تقوم جهة ما بالاستيلاء على ذلك السر، ويقوم أحدهم بحقن نفسه بتلك المادة.