تحقيق – إبراهيم الرقيمي

نشهد في كل عام قبل رمضان الأسواق تكتظ بالمستهلكين والتجار يتهافتون في طرح "عروض رمضان"، ونرى المساجد تتسابق بجلب القراء لصلاة لتراويح والقيام، ونرى بأن استعدادات الشارع البحريني واضحة للعيان.

ولكن هذا العام لم نشهد استعدادات رمضان المعتادة، جائحة كورونا (كوفيد19) لم تترك لنا الخيار لنختار، الأسواق لم تهتم لعروض رمضان، والمستهلك لا يشتري إلا ما يحتاجه، والمساجد مغلقة حتى إشعار آخر، والتباعد الاجتماعي أصبح مطلوباً، والجميع في ترقب، كيف سيكون رمضان؟



"الوطن" رصدت آراء مختلفة حول استعدادات رمضان وتوقعاتهم لما سيكون عليه، واتفقت الآراء جميعها بأنهم سيشتاقون إلى لمة الجميع على المائدة الرمضانية في الإفطار، والمناسبات الرمضانية المختلفة كالقرقاعون والغبقات.

كما إن شوقهم لن يقل أهمية عن أداء صلاة التراويح والقيام في المساجد وسماع أصوات المنابر وهي تتلو كتاب الله، والتي تبث الروحانية في قلوبهم، وتجعلهم يستشعرون شهر رمضان الفضيل.

العبادة بأجواء أسرية

وأشار عبدالله البكري أن الاختلاف في شهر رمضان القادم سيتمثل بممارسة العبادات الدينية في جو أسري، تعويضاً عن المساجد التي كانت تزدحم بالمصلين لأداء الصلاة وقراءة القرآن وسماع المحاضرات الدينية، والتي قد تكون خالية في شهر رمضان.

وبين البكري أنه سيخصص وأسرته برنامجاً متكاملاً لجميع أفراد العائلة يتضمن كيفية استغلال الشهر الكريم الاستغلال الأمثل في جميع العبادات داخل المنزل، لافتاً أن التشوق لانتظار فضائل الشهر الكريم بالقيام والذكر وقراءة القران أمر معتاد عليه في كل عام سواء في المسجد أو المنزل.

وقال إن الزيارات العائلية واللقاءات التي اعتاد عليها في المجتمع البحريني الأصيل، قد تتلاشى في رمضان استجابة لما يتطلبه الوضع القائم والتوجيهات التي يدعو إليها "فريق البحرين" من أجل المصلحة العامة للإسهام في الحفاظ على سلامة وصحة المجتمع.

وأكد عبدالله البكري أن الاحتياجات الشرائية قلت بنسبة كبيرة عن الأعوام السابقة بسبب انخفاض فرصة التزاور والتواصل والتجمع حول الموائد الرمضانية و "الغبقات" التي قد تكون معدومة، وبناء عليه فإن المصروفات لشهر رمضان ستقل بشكل كبير.

وختم البكري بأن رمضان فرصة للتوبة والتضرع إلى الله عزوجل والدعاء برفع الضر والبلاء عن وطننا وأوطان المسلمين كافة، لافتاً إلى أن الفرصة أصبحت متاحة بشكل كبير لتعليم الأبناء فضائل الصيام والعبادات وتفقد أحوال الفقراء والمساكين والمحتاجين والرقي بمستوى التكافل الاجتماعي.

سنفتقد المجالس والمساجد

من جانبه ذكر حسن شريف أن استعداده لرمضان هذ العام سيتخلف عن باقي السنوات، وذلك بسبب ما يعيشه اليوم من حالة استثنائية وأزمة ستنتهي بأذن الله.

وقال: "إن ما سأفتقده في رمضان القادم وجميع الناس ستفتقده، هي الصلاة في المساجد وسماع القرآن يتلى في صلاة التراويح والقيام والدعاء عبر المنابر، والتي كانت تمنحنا روحانية وطابعاً رمضانياً مميزاً في هذا الشهر الفضيل"، وأضاف: "كما سأفتقد زيارة المجالس الرمضانية ولمة الاهل والأصدقاء أثناء مائدة الافطار والسحور والفعاليات الرمضانية المختلفة".

وأكد شريف أنه في السابق كانت الكميات من المواد الغذائية التي تشترى كبيرة، وذلك لاستقبال الضيوف في شهر رمضان عبر المائدة الرمضانية، مشيراً أن الوضع القائم سيتحتم عليه الاكتفاء بالكمية الخاصة بأهل البيت.

وبين أنهم لن يستغنوا عن عاداتهم السنوية بتزيين البيت بالإنارة الرمضانية والفوانيس، استبشاراً بقدوم شهر رمضان المبارك رغم الظروف والأوضاع الصعبة.

وأشار حسن شريف أن بعض العادات التي اعتاد ممارستها سنوياً مثل الزيارات والغبقات، ستتوقف في شهر رمضان القادم بسبب الظروف، مؤكداً أن التوقف عن عادات سنوية أمر صعب كوننا معتادين عليها، ولكن للظروف أحكام.

وأكد أنه تقبل الصلاة وقراء القرآن وغيرها في المسجد بدلاً من المنزل، كإجراء استثنائي فلابد له من تقبل الامتناع عن العادات السنوية في شهر رمضان هذا العام كإجراء احترازي.

انخفاض الأكل وزيادة العبادة

فيما أكد الدكتور النفسي جاسم المحاري أن كم ونوع الاحتياجات المطلوبة لشهر رمضان ستنخفض عن غيرها من الأعوام، لافتاً إلى أن الاستعدادات لرمضان ستكون على نطاق أضيق مما لو كان الوضع اعتيادياً.

وذكر أن انعدام الحلقات المفتوحة مثل الزيارات التي اعتاد عليها الناس أو الموائد أو "الغبقات" التي تعارفوا فيها خلال ليالي هذا الشهر الفضيل ستؤثر على الاستعدادات الرمضانية.

وبين المحاري أن وتيرة الأمور الروحانية والبرامج المتكاملة في العبادات والطاعات والصلوات والاعتكاف ستزداد، كما هي في الأعمال الحسنة والنيات الصالحة كنية ختم القرآن الكريم وتدبر معانيه والتوبة من المعاصي ونشر الأعمال الصالحة.

وقال المحاري إن غلق دور العبادة والمساجد وتقليل الأنشطة الجماعية والتجمعات أكثر المتغيرات بعد الأخذ بالأسباب حفاظاً على النفس البشرية بتدابير وإجراءات وقائية مشروعة تنظمها قواعد فقهية محددة.

رمضان سيظل يجمعنا

من جانبه ذكر حسن عطية أن الظروف الحالية والتي عصفت بجميع دول العالم بسبب جانحة كورونا (كوفيد19)، كان له أثر بارز في تغير نمط الاستعدادات المتعارف عليها سنوياً لحلول شهر رمضان الفضيل.

وقال عطية إن ما يميز شهر رمضان هو التواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة والأقارب والجيران وغيرهم، ولكن الظروف ستحتم عليه بالتزام التباعد الاجتماعي كونه مطلباً في هذه الظروف الاستثنائية.

وأضاف أن التواصل سيقتصر بين أفراد الأسرة الواحدة خلال المناسبات الرمضانية مشيراً إلى أن التواصل الاجتماعي مع الأقارب والأصدقاء سيستمر ولكن عن بعد وعبر برامج التواصل.

وتابع:"أن ما سيتغير أيضاً هو أنني لن أستطيع زيارة بيت الله الحرام في شهر رمضان كعادتي السنوية".

وأشار إلى أن رمضان يجمعنا ولكن الحاضر يقول إن كورونا سيبعدنا اجتماعيا، مؤكداً أنه مهما طال الزمان أو قصر فرمضان سيجمعنا روحانياً وتبقى الروحانية مخلدة، وأن هذه المرحلة سنتخطاها جميعاً وسنكون أقوى بإذن الله تعالى.

لا لمة ولا غبقة

وعلى الصعيد ذاته، أكدت شوق العياضي أن رمضان لهذا العام سيختلف تماماً عن رمضان طيلة السنوات الماضية، وستفقد الناس الفرح والتجمعات والمناسبات لعدم إمكانية إقامتها وحضورها ضمن الإجراءات الاحترازية، كونه من الواجب علينا بأن نعمل بالإجراءات لتفادي عدم تفشي هذه الجائحة والتقليل من نسب الإصابات خاصة في هذا الشهر.

وبينت العياضي أن التفكير فقط بإغلاق المساجد وأن صلاة التراويح لن تقام فيها هي بحد ذاتها ضيقة للقلب، لافتة أنها دائماً ما تترقب شهر رمضان لأداء صلاة التراويح والتي تستشعر بها لذة رمضان، مؤكدة بذلك أن رمضان هذا العام سيكون مختلفاً تماماً.

وأشارت أن شهر رمضان هو شهر مُبارك فغالباً ما يمر بسرعة فائقة ولا بد من الاجتهاد والاستعداد لقبول هذا الشهر والتقرب إلى الله تعالى والخضوع والدعاء لفك الوباء عننا وعن المسلمين أجمعين.

سندعو الله لفك البلاء

وفي السياق ذاته، قالت منار الجواد إن رمضان هذا العام سيتخلف كلياً، وأن المتعارف بأن بيوت الله لا تقفل لـكـن هذه سنة مع كل أسف لن تكون مفتوحة وهذا يفجع القلب.

وأكدت أنها ستفتقد البهجة والسعادة التي تكون عامرة بين كل أهالي الأحياء من صغار وكبار لقدوم شهر رمضان، كما ستفتقد المناسبات كالقرقاعون التي يستعد لها كل الحي، والتي تزرع اللمة والمودة بين الناس.

وأشارت الجواد أن صلة الرحم التي تكثر في رمضان ستصبح معدومة، كما ستفتقد الزيارات اليومية إلى احباها خلال شهر رمضان، لافتة أن هذا كله سيكون إجراءً احترازياً لتفادي الأزمة ويتوجب بذلك الحفاظ على أمن المواطنين والوطن، مبينة أن شهر رمضان هو أعظم شهور السنة، والتي يتوجب على الفرد أن يستعد للشهر خير استعداد، وكما يجب الإكثار من الدعاء لكشف الغمة والكرب.

الاستعدادات لرمضان "زيرو"

من جانبها ذكرت عائشة جناحي أن استعداداتها الشخصية لشهر رمضان "زيرو"، كونها معتادة في كل مرة على شراء الجلابيات والأغراض المتعلقة بالزينة والغبقة، لكن منع التجمعات والغبقات جعلها تلازم منزلها.

وبينت كونها طالبة في جامعة البحرين أن وضع التعليم عن بعد سيسهل لها أن تمضي شهر رمضان برفقة العائلة، دون الحاجة للخروج إلى المحاضرات الطويلة، وستمضي بذلك شهر رمضان في المنزل.

التواصل بـ"الواتس" و"سناب"

فيما بينت بدور عبدالله أن تأثير كورونا على شهر رمضان سيكون مبسطاً، كون عدم وجود مناسبات رمضانية هو من أجل الصالح العام، وكي لا يتضرر أحباءنا وأقاربنا من التجمعات، وسنعوض بذلك في الأعوام القادمة.

وأكدت أن الحكومة وفرت جميع السبل للاستعداد لشهر رمضان بالشكل المناسب، عبر توفير جميع الاحتياجات الغذائية في الأسواق، دون الحاجة للخوف والقلق من انعدام المواد الغذائية.

وأردفت بأنها ستفتقد للجمعات والروح الرمضانية التي تميز الشهر، مؤكدة أنه لا يوجد حل بديل سوى محاولة التواصل عبر المنصات الأخرى كالواتساب والإنستقرام والسناب شات والبرامج المتعلقة.