ها نحن نستقبل العيد في ختام شهر الصيام المبارك، لتتجدد الفرحة والبهجة في النفوس بفضل الله علينا وإتمام الطاعة ورجاء الثواب، وهو عيدنا أهل الإسلام، فلما قدم نبينا صلى الله عليه وسلم المدينة قال: "وأنَّ اللهَ تعالى قدْ أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر"، وإن هذا العيد يقبل هذا العام والعالم يمر بظروف استثنائية، وإجراءات احترازية استوجبت الحد من التجمعات، والتقليل من التنقلات إلا في حدودها الضيقة، وقد لا نتمكن معها من أداء صلاة العيد في المصليات والجوامع، لذلك يتساءل المسلم عن طريقة أداء صلاة العيد والعبادات المرتبطة معها في ظل هذه الظروف، ويمكن إيجاز تلك الأحكام في المحاور التالية:

أولاً: في حالة عدم القدرة عن أداء صلاة العيد في المصليات والجوامع فإنها تصلى في البيوت جماعة مع أهل البيت، بصفتها ركعتين، يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات، ووقتها بعد ارتفاع الشمس بعد الشروق "خمسة عشر دقيقة بعد الشروق" إلى قبل صلاة الظهر، دون أذان أو إقامة قبلها، ولا تشرع لها خطبة العيد التي تشرع في المصليات والجوامع.

ثانياً: يشرع ما يشرع للعيد من الإغتسال، والتجمل بلبس أجمل الثياب، والتطيب، والفطر بأكل تمرات قبل صلاة العيد في هذا العيد؛ فلا يجوز الصوم يوم العيد، ومن أحب أن يصوم الست من شوال فيجوز له أن يصوم من ثاني أيام شهر شوال، فإن صيامها مع صيام رمضان يعادل صوم الدهر، قال صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر)؛ رواه مسلم



ثالثاً: يشرع الجهر بالتكبير ليلة العيد بعد إكمال الصيام، وذلك من غروب شمس ليلة العيد إلى الانتهاء من صلاة العيد، قال تعالى : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة الآية185)، ومن صفات التكبير " الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد"، فهذه الكلمات ممزوجة بإعلان التوحيد والشكر والثناء على الله.

رابعاً: مما شرعه الله في ختام هذا الشهر صدقة الفطر، طهرة للصائم مما خدش في كمال صيامه، ومواساة للفقراء والمساكين، وهي تلزم كل مسلم عنده ما يزيد على قوته وقوت من تلزمه نفقته، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كنا نعطيها -يعني صدقة الفطر- في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب"، ويقدر الصاع كيلوين ونصف تقريباً، ومن الممكن أن تؤدى قبل ليلة العيد بأيام وخصوصاً في مثل هذه الظروف، أو تعطى لمن يوصلها للمستحقين، وبالإمكان تحويل الزكاة عبر الدفع الإلكتروني للجهات المرخصة.

خامساً: من مظاهر العيد تبادل التهاني به، وصلة الأرحام والتزاور بينهم، فقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى يوم العيد يقول بعضهم لبعض : "تقبل منا ومنك"، وفي حال تعذرها في هذا العام بالأجسام وفي تجمعات العيد، فلا تترك بل يستمر التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سائلين الله أن يرفع الغمة، وأن يرفع الوباء والبلاء، وأن يعيد العيد علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير والبركات، والصحة والسلامة والعافية.