أيمن شكل

بعد أن تحولت معظم المصالح الحكومية إلى أسلوب العمل عن بعد وإيجاد خدمات على مواقعها الإلكترونية بسبب جائحة كورونا «كوفيد 19»، شهدت حياة كثيرين من كبار السن تغيرات متزامنة مع تلك الإجراءات، فمنهم من استطاع أن يتجاوز معضلة التعامل مع المواقع الإلكترونية، ومنهم من ينتظر، وقد يصل الأمر لدى البعض إلى فوبيا التعامل والثقة مع الواقع الافتراضي.

ويقول أبو جاسم الذي كان يعمل في مؤسسة استخدمت أسلوب العمل عبر الإنترنت قبل ظهور كورونا بسنوات إن الأمر لم يكن غريباً عليه حين تقرر إلغاء معاملات كثيرة وتحويلها إلكترونية، مشيراً إلى أن بعض المواقع تحتاج لمزيد من التعديل على واجهتها ووضع إرشادات واضحة لكيفية إنهاء المعاملات.



وأوضح أن بعض أصدقائه من كبار السن يلجأون إليه أحياناً للتعامل مع المواقع الحكومية، بسبب قلة تعاملهم مع أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة الحديثة وتطبيقاتها.

ولم تكن أم حسان أحسن حالاً من الآخرين، فقد دأبت منذ شبابها على تقديم المساعدة للناس في بيوتهم، ومعاونة آخرين على إنهاء إجراءات في وزارات مثل العدل أو العمل أو هيئة التأمينات، ولكنها إجراءات كانت تتم في مواقع تلك المؤسسات الحـكـومـية، إلــى أن انـحـســرت الخدمات في تلك الأماكن، ولم تتمكن من تعلم كافة السبل لإنهاء المعاملات إلكترونياً، وقالت: لا أحب التعامل بهذا الأسلوب وأفضل المعاملات الشخصية المباشرة وليست لدي ثقة في الواقع الافتراضي.

ولكن أم حسان أوضحت الفرق بين التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الحكومية الإلكترونية، قائلة إن الأولى لا تتطلب مني سوى التصفح المتسلسل لما ينشره الناس والحسابات الإخبارية والاجتماعية من صور ومقاطع فيديو، بينما المواقع الإلكترونية تتطلب الدخول في أكثر من صفحة ولا أستطيع الوصول إلى ما أريده بسهولة وأشعر بحالة «فوبيا» منها.

ويعاني أبو جمال من ضعف الإبصار بسبب مرض السكري الذي أصاب عينيه باعتلال لا يمكنه من قراءة الصحف كما كان يحب في السابق، ولذلك جلب له أبناءه جهاز لوحي بشاشة كبيرة يستخدمه في قراءة الصحف صباحا ويستطيع تكبير الخط لأقصى قدر ممكن وبما يكفي لأن يقرأه.

وأكد أبو جمال أن التعامل مع الخدمات الإلكترونية بالنسبة إليه هو أمر شبه مستحيل، وعادة ما يترك الأمر لأولاده لإنهاء المعاملات الخاصة بالكهرباء والماء، وتجديد السيارة والأمور الأخرى، وقال إنه كان يستمتع في السابق بالالتقاء بأصدقائه في مجلس أحدهم بمنطقة عراد، لكن بعد إجراءات التباعد الاجتماعي اقتصر الأمر على الهواتف وجهازه اللوحي الذي يحرص الأبناء على تنزيل الصحف عليه يومياً كي يطالعها.

خدمات سباقة

لكن الحكومة الإلكترونية مكنت المستخدمين من ذوي الإعاقة البصرية من قراءة المحتويات الموجودة في بوابتها باستخدام برامج قراءة الشاشة، ووضعت برنامجين مجانيين يمكن تنزيلهما واستخدامهما، وهما: NVDA، و System Access To Go.

وأتاحت الحكومة الإلكترونية لذوي الإعاقة السمعية أو ممن لديهم صعوبة في النطق خدمة الاتصال بمركز الاتصال الوطني من خلال برنامج سكايب Skype والتعامل مع خبراء لغة الإشارة لتوفير المساعدة والدعم اللازم.

وأجرت الحكومة الإلكترونية في العام الماضي استطلاعا للرأي حول أفضل طريقة للوصول إلى الخدمات الإلكترونية، أو المحتوى الذي يبحث عنه المتعاملين في البوابة الوطنية bahrain.bh، حيث أظهر ذلك الاستطلاع تفضيل 42% لأداة البحث الموجودة على bahrain.bh، و26% لإعلانات الصفحة الرئيسية، بينما فضل 31% من المستطلعة آراءهم قوائم التصفح على bahrain.bh.

ويوضح آخر تصويت يجرى حاليا على موقع الحكومة الإلكترونية دخول 2509 أشخاص للإجابة على سؤال «هل قمت بتجربة الخدمات الإلكترونية المقدمة من مستشفى الملك حمد الجامعي عبر تطبيق «صحتي» المتوفر على متجر التطبيقات bahrain.bh/apps؟» حيث أجاب 16% منهم بنعم، و45% بلا، و 38% بأنهم لم يستخدموا تطبيق «صحتي».

منحنى التعلم

ورأى أمين سر جمعية البحرين للمدن الذكية نواف عبدالرحمن أن المشكلة في طريقها إلى الحل وأن منحنى التعلم يتسارع عند كبار السن في مقابل تيسيرات عديدة تتيحها الحكومة الإلكترونية لتبسيط إجراء الخدمات بحيث تكون متاحة لجميع أفراد المجتمع ومن بينهم كبار السن.

ولم ينفي نواف وجود الفجوة الرقمية سواء عند كبار السن أو بعض الشباب، وقال إن معضلة تقديم خدمات إلكترونية مناسبة لجميع أفراد المجتمع لا يمكن الوصول لحل نهائي لها، لكنه أشار إلى ما حدث في خدمات الكهرباء والماء وعمليات الدفع بواسطة «بنفت بي»، حيث كان نظام توفير الفواتير عبر البريد والدفع في مراكز الخدمات، لكن عندما بدأت الهيئة توفير الدفع الآلي، تعود الجميع عليها.

ولفت كذلك إلى تخوف من الدفع الإلكتروني قبل 10 سنوات، وما وصل إليه اليوم من ثقة لم تكن موجودة، كما أتاحت تطبيقات هاتفية سهلة للمواطنين من كافة الشرائح طلب الطعام وشراء سلع متنوعة بسهولة، وأكد عبدالرحمن أن حل المشكلة مسألة وقت.