تحركت تداولات أسعار النفط ضمن نطاق محدود في يوليو 2018 والنصف الأول من أغسطس 2018 على خلفية المخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد العالمي والتي عادلت آثار جهود منتجي النفط للحد من الإنتاج على الرغم من تخطي أسعار النفط مستوى 70 دولاراً للبرميل.

وحسب تقرير شركة كامكو للاستثمار حول أداء أسواق النفط العالمية أغسطس 2018، فإن العقوبات المتوقعة على إيران كان لها تأثير مواز على انخفاض أسعار النفط الذي يعزى إلى حد كبير إلى توترات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.



ووفقًا لتقرير صادر عن وكالة بلومبرج، من المتوقع أن تؤدي العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران اعتباراً من نوفمبر 2018 إلى تراجع الصادرات النفطية لإيران، والتي تصل إلى 2.1 مليون برميل يومياً، بنسبة 50% تقريباً أو في حدود تتراوح ما بين 0.7 و1.0 مليون برميل يومياً.

بالإضافة إلى ذلك، أشار بيان صادر عن السعودية إلى قيامها بكبح إنتاج النفط خلال يوليو 2018 بعد الزيادة التي شهدتها الشهر السابق، وذلك على الرغم من أن بيانات سوق النفط الصادرة عن وكالة بلومبرج تشير إلى ارتفاع معدل إنتاج المملكة، ووفقاً لمصادر الأوبك الثانوية، خفضت المملكة إنتاجها بواقع 52.8 ألف برميل يومياً.

اتجاه أسعار النفط منذ بداية العام

حسب بلومبرغ، ساهمت العوامل سالفة الذكر في دعم أسعار النفط، إلا أن تلك المكاسب عادل تأثيرها المحادثات الجارية حول التعريفات الجمركية على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة، والآثار المنعكسة جراء ذلك على التجارة العالمية.

ووفقاً لما تشير إليه بعض التقارير الصادرة، من المقرر أن تفرض الولايات المتحدة تعريفة جمركية على واردات صينية بقيمة 50 مليار دولار، في حين يشاع أن الصين قامت بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات أمريكية بقيمة 16 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك، هناك عامل آخر وإن كان محدود التأثير، حيث يتوقع أن تتأثر التجارة الأمريكية الأوروبية بفرض رسوم جمركية على البضائع المتبادلة بين الجهتين، كما أشار تقرير صادر عن “World Trade Monitor” إلى تباطؤ حجم التجارة العالمية خلال الفترة الممتدة ما بين مارس ومايو 2018 مقارنة بالفترة المماثلة من العام 2017.

من جانب آخر، دعمت بيانات النمو القوي للاقتصاد الأمريكي التوقعات الإيجابية للطلب على النفط، ووفقاً لبعض التقارير، سجلت الولايات المتحدة أقوى معدلات النمو الاقتصادي منذ حوالي أربع سنوات خلال الربع الثاني من العام 2018 على خلفية ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي.

ويعد منتجي النفط الأمريكي أكبر المنتفعين من تحركات سوق النفط خلال الفترة الأخيرة، حيث قامت شركات النفط العاملة في الولايات المتحدة بإضافة 10 منصات حفر خلال الأسبوع الماضي فيما يعد أكبر إضافة جديدة إلى منصات الحفر منذ مايو 2018، بما دفع إجمالي عدد منصات الحفر للارتفاع إلى 869 منصة والذي يعد أعلى المستويات منذ مايو 2015.

علاوة على ذلك، دعم تذبذب سعر الدولار الأمريكي في بادئ الأمر مكاسب أسعار النفط خلال النصف الثاني من يوليو 2018، إلا أنه مع ارتفاع سعر الدولار في أغسطس 2018، بدأ إثر ذلك ينعكس على أسعار النفط.

كما لعبت الأحداث الجيوسياسية دوراً مؤثراً على أسعار النفط، حيث هددت إيران بمنع مرور شحنات النفط عبر مضيق هرمز بما يهدد أحد اهم الممرات الملاحية للإمدادات النفطية، بالإضافة إلى ذلك، أدى الهجوم على ناقلتي نفط عملاقتين تابعة للسعودية خلال الأسبوع الأخير من يوليو 2018 إلى تعليق شحن النفط عبر مضيق باب المندب.

ولهذا المسار أهمية بالغة لتوريد النفط إلى أوروبا وأمريكا الشمالية بما سيؤدي إلى تباطؤ الشحنات إلى هذين السوقين، على الرغم من أن تأكيدات وزير النفط السعودي أن الهجوم لن يبطئ النشاط الاقتصادي للملكة أو يعطل إمدادات النفط عبر هذا المسار.

وظلت أسعار النفط تتحرك ضمن نطاق محدود في يوليو 2018 بما أدى إلى استقرار الأسعار دون تغير يذكر مقارنة بإغلاقات الشهر السابق، وتم تعويض التراجع الذي منيت به الأسعار خلال النصف الأول من الشهر تقريباً بالكامل على خلفية ارتفاع الأسعار خلال النصف الثاني من الشهر، ونتيجة لذلك، لم يشهد متوسط الأسعار الشهرية لفئات النفط الثلاث، الأوبك ومزيج برنت والنفط الكويتي، أي تغير على أساس شهري.

المعدل الشهري لسعر النفط لسلة أوبك ونسبة النمو

وحسب بلومبرغ وبحوث كامكو من جهة أخرى، أبقت وكالة الطاقة الدولية على توقعاتها لنمو الطلب للعام 2018 عند مستوى 1.4 مليون برميل يومياً، إلا أنها ذكرت أن المخاطر التي تهدد الآفاق المستقبلية ما زالت قائمة بسبب النزاعات التجارية القائمة، بالإضافة إلى عوامل جانب العرض، في حين تم تعديل توقعات الطلب للعام 2019 ورفعها بواقع 110 ألف برميل يومياً لتصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً.

وذكرت الوكالة أن الطلب القوي الذي شهده الربع الأول من العام 2018 بدأ في التباطؤ في الربعين الثاني والثالث من العام 2018، إلا أنه من المتوقع أن ينتعش في الربع الأخير من العام.

أما من جانب العرض، ذكرت الوكالة أن شح المعروض النفطي الذي شهدته الأسواق خفت حدته إلى حد ما خلال الأسابيع القليلة الماضية مع استهداف السعودية ومنتجين آخرين زيادة الإنتاج لمواجهة النقص المرتقب للإمدادات الايرانية.